- أخبار النفط والغاز السوري - https://www.syria-oil.com -

الْذِئْبُ البِتْرُوْلِيُ الْمَجْرُوحْ: مَاذَا يَنْتَابَهُ الآنْ؟

في ” طبيعة أشياء ” السلوك الحيواني يؤكد علم الحياة المعاصر على تميز الذئب بنزوعه العام للعمل في ” زُمَرَ شريرةٍ – wolf packs ” قتاليةٍ ضاريةٍ لا تعرف أي معنى للرحمة أو الشفقة إزاء أي عنصر قد يقف خارج دائرة ” طغمة الذئب ” هذه، و ذلك كما يحدث اليوم على صعيد الواقع السياسي/البترولي للطغم البترولية “، و على الأخص منها ” طغمة الشقيقات البترولية الخمس الكبرى “.

 و المثير للعجب هنا أنه في حال إصابة أحد عناصر ” طغمة الذئب ” بجرحٍ ما خلال أي صراع له مع أعدائه، ينقضُّ رفاقه عليه و يقوموا بنهش حتى عظامه. و من لا يعرف هذه الحقيقة العلمية الاختصاصية، و يتابع على الأقل وسائل الاعلام الشمالية العامة اليوم، يجد جهاراً أن إحدى الشقيقات البتروليات الخمس الكبرى، أي شركة البترول البريطانية BP مثلاً، تلك المضرجة اليوم بدمائها البترولية عندَ خليج المكسيك، هي الآن في طور تعرضها للنهش من قبل شقيقاتها في إمبراطورية الذئاب البترولية، و من ثم إنكشاف عظامها للكسر بشقيه السياسي و التجاري. شاهد ذلك، ما بثتهُ محطة سي إن إن CNN الدولية صباح الاثنين 12 تموز 2010 حول ” بدء إنقضاض ” شركتا إكسون موبيل ُ Exxon-Mobile و شيفرون Chevron على شقيقتهما BP، المجروحة بخسائر لا تقل عن 110 بليون دولار، و التقدم باتجاه إفتراس بعضٍ من ممتلكاتها، كل ذلك في الوقت الذي إستنفرت به أخَلاّءها الأعزاء في الوطن العربي كي يقفوا معها في محنتها المصيرية الكاسحة. و الجدير بالذكر في هذا الصدد، أنه باستجابة الجماهيرية الليبية و الامارات العربية المتحدة و دولة قطر لنداء استغاثة الذئبة الجريحة BP هذه، ارتفعت أسهمها بما لايقل عن 3 % و ذلك بعد أن تراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ أواخر القرن العشرين الماضي و حتى اليوم. في حال قام مسؤول بترولي ليبيي رفيع المستوى بتبرير هذا التوجه (الأربعاء، 14 تموز/يوليو 2010 ) قائلاً: ” أن على بلاده الاستثمار في شركة النفط البريطانية BP …”، كما صرح ولي عهد أبو ظبي ( الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ) قائلاً ما معناه تقريباً: ” نحن شركاء لشركة BP منذ سنوات، و لن نتردد البتة في مراجعة الخيارات المتوفرة لدينا لضخّ سيولات لازمة مناسبة تمكن BP من مواجهة تبعات كارثة خليج المكسيك، فنجدة الصديق واجبة في وقت الضيق…الخ !!!!؟؟؟ “. هذا و قد سبق لصندوق الكويت السيادي أن تملك في عام 1997 ما لا يقل عن 22 في المائة من أسهم شركة BP و ذلك بعد انهيار السهم في سوق لندن ضمن ما عرف ” بالاثنين الأسود “. و بإشهار قائد عمليات الحوادث الوطنية، ثاد ألان، قرار BP ( الصادر يوم الثلاثاء 12 تموز 2010 ) بتوقيف جهود ” قتل ” بئر ماكوندو في خليج المكسيك ( أنظر تفصيل ذلك مثلاً في مقال هيرام لي المنشورضمن صحيفة الغارديان البريطانية، بعنوان: BP abruptly suspends testing on new well cap ، 15 تموز 2010 )، تتجلى حيرة القرار الامبراطوري البترولي في ” الفرار ” بعيداً عن الكارثة حتى ليذهب فكر الرئيس الكوبي السابق فيديل كاسترو مثلاً إلى رؤية تضافر مشاهد تناهش الذئاب البترولية لبعضها – الموصوف أعلاه – مع مشاهد تناهش الصراع البترولي / السياسي المتسعة في إطار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية و جمهورية إيران الاسلامية، و كأنها تدفع جميعاً باتجاه نشوب ” حرب نووية ” لا ريب فيها ( أنظر تفصيل ذلك في المقابلة التلفزيونية الفريدة التي أجراها الرئيس الكوبي السابق فيديل كاسترو مع الدكتور كارلوس غيتييريز خلال زيارته لمركز البحوث الوطني الكوبي يوم 7 تموز 2010، Associated Press and Reuters ، 15 تموز 2010 ). و أعتقد أن نظرية الرئيس فيديل كاسترو النووية ليست ببعيدة التحقق: إذ أن تلاحق إرهاصات الشدة البترولية ما بين غزة و بغداد و طهران و كابول، إضافةً إلى تواطؤ معظم الأمم الأوروبية مع إسرائيل على تحقيق الاستيلاء الكامل على المصادر البترولية العربية و الايرانية و مصادر الأفيون الأفغانية معاً من قبل إمبراطورية الظلام البترولية، ” ستدفع حتماً ” باتجاه استئصال الثورة الاسلامية الايرانية من وجودها المعيق اليوم على الجانب الشرقي من الخليج العربي، رغم سيادة النفوذ الاستيطاني – التلمودي ” لقوى و أزلام الظلام البترولية على طول الشواطيء الغربية من هذا الخليج المستهان، أضف إلى ذلك المبادرة السريعة لدعم أزلامها الموظفين ليل نهار لصالح خطط طريق تلمودية – ظلامية غاشمة تهدف إلى تقسيم العراق و نهب ثرواته البترولية الجبارة. و من يتصور أن حروب الشمال النووية – التلمودية المنظورة هذه لن تحدث بعد هيروشيما و ناغازاكي، هو حقاً في مكان فكري بعيد، فالحروب النووية المنظورة لن تضرب العدو مخلفة إشعاماً نووياً سيدوم لبضعة ألاف السنين كما هو الحال مع العدوان الامبريالي الأمريكي على اليابان عند نهاية الحرب العالمية الثانية الفارطة.، بل ستكون ” حرباً نترونية ” كاسحة: فالقنبلة النووية – النترونية برغم تميزها بنفس الامكانيات التدميرية للعدو على الأقل لا ترسي تلوثاً إشعاعيا بعيد المدى ، حيث يزول أثرها الاشعاعي بعد القصف خلال زمن قصير جداً نسبياً، و بذلك يتمكن الغزاة الشماليون مثلاً من إحتلال البلاد المدمرة، و تحويل أجساد العباد المقتولة نترونياُ إلى سماد قابلة بشكل نظيف / سالم / صالح تماماً للاستخدام في أعمال التنمية الزراعية المعهودة. و بفعل ذلك تصيب ” الحرب النووية – النترونية ” عصفورين بحجر واحد: ففي الوقت الذي تمكن إمبراطورية الظلام البترولية من بسط سيطرتها عل أعظم مكامن البترول الجنوبية ( العربية والايرانية…الخ ) تزيل من طريقها أنظمة حكم و مؤسسات و أشخاص جنوبية قد لا تفلح في توظيف استزلامها لها أو ربما تفشل في تنفيذ مخططاتها. مثال ذلك ما يجري من حروب تقليدية بدائية في لبنان و العراق و اليمن والسودان. و من جهة اخرى، تؤكد برامج الطاقة الأوروبية الجديدة على نشوء توحد جديد لطغم الذئاب البترولية الأوروبية و ذلك باتجاه متابعة إقتناص مكامن البترول العربية المؤكدة ما بين سواحل شرقي البحر البيض المتوسط و المغرب. فلقد كشفت وسائل الاعلام الشمالية – غير الدائرة في الفلك الامبراطوري – مؤخراً عن خطة نفذتها شركة لوندين البترولية السويدية ما بين عامي 1997 و 2003، قضت بإنشاء كونسورتيوم أوروبي يعرف بإسم ” التحالف الأوروبي حول بترول السودان – ECOS ” و غايته السيطرة الشاملة على بترول السودان، بالتعاون مع النظام السوداني الحاكم من جهة و تحت مظلة الشقيقات البتروليات الخمس الكبرى من جهة أخرى. المثير للخجل عالمياً ضمن فسطاطِ الشرعية الدولية هو إنكشاف ” تبعية ” مؤسسات الأمم المتحدة جميعاً لامبراطورية الظلام البترولية، فبسيف هذه الشرعية المخزية، تقوم الادارة التنفيذية الامبراطورية بإستئصال الفاشلين من أزلامها و حلفائها، كما يجري مع العديد من الأنظمة العربية الحاكم عموماً و في السودان خصوصاً. و لا يسعنا في ختام هذا الرأي سوى الاشارة عن بعد سريعاً : (1) لدور كونسورتيوم ECOS ) ) المباشر في إدارة و تفعيل مختلف أشكال الحرب الأهلية في السودان ( أنظر أحدث التفاصيل مثلاً في التقرير الذي نشره الاعلامي برايان سميث في موقع WSWS الالكتروني يوم 12 تموز 2010 و كان بعنوان: ” Oil companies complicit in Sudan civil war ” )، و (2) الدور غير المباشر للمحكمة الجنائية الدولية في جرح سمعة العديد من أركان النظام السوداني الحاكم الواقفين في وجه تقسيم السودان تمهيداً لاسالة لعاب أعداءهم في طغمة النظام الحاكم، و تحريكهم باتجاه نهش لحومهم و كسر عظامهم الزرقاء ( أنظر التفصيل مثلاً في تقرير محطة بي بي سي البريطانية : ” اوكامبو: البشير يضع الأساس لجرائم جديدة في دارفور وجنوب السودان “، 15 تموز 2010 ) إلى أن يغير الله من حال إلى حال.

 

الدكتور عدنان مصطفى

وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )

رئيس الجمعية الفيزيائية العربية

[email protected]

الباب، محافظة حلب، سورية