بالخط العريض.. المازوت والغاز… أعذار غير مقبولة
مهما كانت الأسباب فإن أحداً لن يغفر لـ «محروقات» هذه الاختناقات الحادة في توزيع مادتي المازوت والغاز.. لأن برودة الطقس والحاجة إلى إشعال عدة مدافئ في المنزل الواحد لكي يصبح العيش ممكناً داخل المنازل لا يمكن أن نستعيض عنها بأي مادة أخرى… وإن كان بعض الناس قد حزموا أمرهم واقتنوا مدافئ تعمل على الحطب في
الأرياف البعيدة، فإن ذلك لا يزال متعذراً لشرائح واسعة من سكان المدن والمناطق، لعدم توفر مدافئ الحطب، ولعدم توفر الحطب الملائم للتدفئة داخل المنازل، وللمخلفات الكثيرة التي تؤثر سلباً على نظافة المكان، إضافة إلى أن الكثيرين يعتبرون العودة للتدفئة على الحطب هي نوع من العودة إلى منتصف القرن الماضي، ويذكرهم بالحياة البدائية وسواء اتفقنا أو خالفنا هذا الرأي، إذ ليس شرطاً أن تكون العودة للتدفئة على الحطب… نوع من السير بعكس التطور، ذلك لأن بعض الأغنياء يتباهون بمدافئ الحطب واستخدامها… فإن توفير الحطب ليس سهلاً، كما أن تكاليف الحصول عليه ربما تكون أعلى من كلفة المازوت حالياً… وبالتالي فإن توفير المازوت والحصول عليه بسهولة ويسر هو أمر أساسي لاستمرار الحياة بصورة طبيعية في مثل هذه الأيام الباردة وقد لا يقل أهمية عن توفر الخبز. وما نقوله في مجال تأمين المازوت، نقوله أيضاً في ضرورة تأمين مادة الغاز، سواء استخدمها الناس للتدفئة أو استخدمها البعض كوقود للسيارات «رغم المخالفة للقانون» وخطورة استخدامها الكبير في النقل وكذلك في التدفئة إن هذه الحالات المخالفة للقانون أصلاً من استخدام الغاز كوقود للسيارات إلى تهريب المازوت، أو احتكاره هي احتمالات قائمة ومعروفة وبنسب يعرفها القائمون على إدارة محروقات، ويتعرض مرتكبوها إلى غرامات كبيرة «إن تم ضبطهم وهذه مسؤولية الجهات المكلفة بقمع هذه المخالفات» وبالتالي فإن على محروقات أن تؤمن الكميات اللازمة لكل الاستخدامات المشروعة.. وغير المشروعة لأننا لا نستطيع القضاء على الظواهر غير المشروعة من خلال تقليل العرض قياساً بالطلب، وإنما بالتشدد بالعقوبات والرقابة، والوعي… أخيراً أود التذكير بأن وزارة النقل قد وعدت منذ سبع سنوات على الأقل بأن تحول بعض وسائط النقل على الغاز بعد تأمين المحطات اللازمة وتجهيز السيارات المحولة على الغاز بالتجهيزات المناسبة والآمنة، لكنها لم تفعل ذلك، وسبقها بعض المواطنين في تحويل سياراتهم على الغاز مستفيدين من فارق الأسعار بين البينزين والغاز مع أن هؤلاء قد يدفعون حياتهم ثمناً لمثل هذه المخاطرة، لأن أي خلل في المركبة ونتيجة للطرق البدائية التي يتم فيها التحويل على الغاز يحول المركبة إلى قنبلة موقوتة تحرق بنيرانها كل من فيها وفق ما حصل في حوادث كثيرة حصلت خلال السنوات الأخيرة… لذلك فإن قمع الظاهرة ليس لتوفير الغاز للاستخدامات المنزلية فقط، وإنما للحفاظ على أرواح المخالفين، وممتلكاتهم.. فهؤلاء لا يقدرون الخطر الذي لا يمكن التكهن بتكاليفه الباهظة.. ومن المفترض ألا تقتصر العقوبات على صاحب السيارة العاملة على الغاز فقط، وإنما يجب أن تطول بعض من سخروا أنفسهم لتنفيذ هذا الإجراء الخطير، الذي قد يوفر قليلاً من المال ولفترات قصيرة وينذر بخسائر لا أحد يستطيع التكهن بتكاليفها.
طباعة المقال
التعليقات متوقفه