الْبِتْرُولُ العَرَبِيُّ وَ الْعَدُوُ الْجَدِيْدُ !
ما بين عشيةٍ و ضحاها إنهارت الأسواق البترولية العالمية بقدر 30 %، و هو شأنٌ توقعناهُ حقاً في ظل أحكام مناخ الانحسار ” recession “ الإمبريالي الشمالي العاصف اليوم.
و كما ترنحت خطوات ديك تشيني ( نائب الرئيس الأمريكي ) و كوندوليزا رايس ( وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية ) إياهما على السجادات الأذرية و الجورجية و الأوكرانية و الإسرائيلية و المصرية و الليبية الحمراء مؤخراً، تراوحت اليوم ( السبت 6 أيلول 2008 ) أسعار برميل نفط برنت و الأمريكي ما بين 104 دولار و 106 دولار على التوالي. و كما سبق أن بيناه من تقويمات موضوعية لهذه الحقيقة المتوقعة خلال الشهور المنصرمة من عام 2008 الجاري، يبدو أنه قد طاش حقاً حجر موظفي إمبراطورية النفط الكبرى – من نساء و رجال حروب تحالف الظلام الشمالي العتاة – و هو يطير متأثرا إما بفعلِ انتصارات المقاومة الجنوبية ( ما بين لبنان و أفغانستان ) أو بتأثير إرهاصات الهزائم المتتالية التي أصابت القادة المناط بهم تنفيذ ” المهمة البترولية ” إياها، و هي مهمة وحشية هدفت أصلاً إلى الهيمنة بشكل خاص على البترول العربي في العراق. قَبَعَ الرئيس الأمريكي جورج والكر بوش ملوماً مدحوراً في بيته الرمادي، ذلك المكان الذي تحول مع مرور أزمان عام 2008 المضطربة الباقية إلى بيتٍ أسودٍ مضرجٌ سقفه بدماء ملايين الأطفال و النساء و الشيوخ العربية و الإسلامية التي لم تنفك عن ذبحها قوات تحالف الشمال التلمودية منذ سقوط بغداد و حتى اليوم. و لا عجب أن ” تنطَّ ” حاكمة ولاية ألاسكا سارا بالين ( Sarah Palin )، أي المرشحة الجمهورية لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، و وفق ما كانت تفعل في مجموعات صبايا تنشيط مباريات كرة السلة الأمريكية، لتقول: ” لقد نفذنا أمر الرَبِّ (!) في احتلال العراق ” ( و الرب وفق إدراكها هو رب التلمود و محفز إمبراطورية الظلام الذي أرسل من عنده، رئيسها جورج والكر بوش، ، و ليس الله العلي العظيم خالق الإنسان و مبدع الأكوان الذي لا نعبد رباً سواه ). و تحت مظلة خيبة الأمل الإمبريالية الجديدة هذه، تعاظم عدد المفكرين الاستراتيجيين، و البتروليين منهم خصوصاً، الذين سلموا بفشل استخدامهم ” الإرهاب ” عدواً للإمبريالية خلال بضعة عقود خلت، الأمر الذي يقتضي منهم اليوم البحث عن عدو جديد، فهل هو كامن في وجود الصين التنموي المشهود، أم عند قومة روسيا الوطنية، أم لدى من ؟، فالغاية الإمبراطورية البترولية لا يمكن متابعتها حقاً بدون ابتكار عدوٍ جديدٍ. على أي حال، تدل طبائع أشياء ” الضجر الشمالي ” المتعاظمة اليوم، على ” حيرة ” الباحثين عن هيئة هذا العدو الجديد، و ثمة جملة من المنظرين الشماليين الماكيافيلليين قد عقدت عزمها اتفاقاً على تصنيع العدو الجديد ( أي بديل الإرهاب الدولي المغيب ) و تصويره كامناً في هيئة كل من يعمل، سواء بالرصاص أو القرطاس مثلاً، ضدَّ الفرضيات الرباعية الإمبريالية الرئيسة التالية:
* البترول ثروة عالمية: لا يحق لمن يملكها أصلاً التصرف بها إلا بقرار إمبراطوري واحد، و حذار، حذار، التفكير بشعارات وطنية تقول مثلاً ” بترول العرب للعرب ” أو ما يقاربها من الأفكار التي كانت وراء نشوء منظمتي أوبيك و أوابيك؟،
* مصادر النمو الطبيعية: كالمعدنية، و الزراعية، و المياه، و العوائد البترولية…الخ، هي ملك رأسمالية الشمال. فالأخيرة هي الأقدر على توزيعها – وفق آليات البنك الدولي – كما تحب و ترضى على الشعوب، و ذلك كما يحصل اليوم بالنسبة للتفجر الاستثماري المجنون الآخذ بناصية بعض أقطار الخليج العربية مثلاً ( شراء النوادي الرياضية الأوروبية، نقل ورشات هوليود السينمائية…الخ )،
* حرية شعوب البشرية: لا يمكن تحقيقها إلا في إطار الديموقراطية الشمالية (!؟)، إذ كيف يتحقق استقرار إقليم ما، كالوطن العربي مثلاً، بدون سيادة الذين ترفعهم الإمبراطورية لسدة الحكم الموالي لها كما هو الحال في العديد من أقطار الوطن العربية ؟، و
* الأصول الحضارية الإنسانية العتيدة: يتوجب استبدالها بأصول تلمودية جديدة على النحو المرسوم في بروتوكولات حكماء بني صهيون.
لهذا، فإننا نتصور أن تطلق الإمبريالية الجديدة اسم ” مقاومة التمدن: civilization resistance ” على العدو المبتكر الجديد، كما نتوقع إرساء استراتيجيات الحروب الشمالية الجديدة عليه وفقاً للأصول العقائدية الاستعمارية الشيطانية التي جاء بها الفيلسوف الإيطالي نيكوللو ماكيافيللي في كتابه ” الأمير: The Prince “. و يأتي في مقدم هذه الأصول فكرة الاستيطان التي تقول اختصاراً: ” إخلاء الأرض المحتلة من شعبها لوضع مستوطنين مكانهم، يقومون بتنفيذ المهام الأربع المشار إليها أعلاه، و الأفضل أيضاً استغلال الموالين للعمل تحت راية الاحتلال و بذلك تصيب الإمبريالية عصفورين بحجر واحد: أي توفر مواطنيها الأصليين لإدارة الأحداث بعيداً عن المغامرة بأرواحهم مقابل وضع الموالين من أبناء الشعب المحتل لادارة شؤون البلاد و العباد كيفما الإمبراطور أراد…الخ، حيث يفضل منهم من كانت أمه يهودية حقاً (!؟) “. مثال ذلك، الجنرال المخلوع برفيز مشرف في باكستان، و حامد كارزاي رئيس حامية تجارة الأفيون و المخدرات في أفغانستان، و حامي حمى خطوط الإمداد البترولية ميخائيل ساكاشفيللي في جورجيا، و ناظر استغلال الثروات الطبيعية الاستراتيجية ( اليورانيوم خصوصاً ) فيكتور يوتشينكو في أوكرانيا…
و من لف لفهم في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج (!!؟؟). و إذ لا يسمح لنا إطار هذا المقال الدخول في التساؤل عمن هو من بين هؤلاء، و من أين جاء ؟ ، و العرب منهم اسما تحديداً، حيث يتطلب الأمر كثرة لا تحصى من مقالات رأينا هذه، فإنه من الواجب التذكير بالحرب الأهلية – السرية الدائرة على قدم و ساق في شمالي لبنان حيث يشرف كبار الموالين هناك على عمليات توطين القوات الإمبراطورية و تحريكها في القريب العاجل نحو تفجير بلاد الشام و من ثم تأهيل المستوطنين كي يفلحوا في صيانة وجود حوض شرقي البحر الأبيض المتوسط من تدخلات العدو الجديد ( أي ” مقاومة التمدن ” )، و تأهيله لاستقبال فعاليات الحفر و التطوير البترولية، المناط تنفيذها للشقيقات البترولية الأوروبية الصغرى في ” إمبراطورية النفط الكبرى “، و ذلك من أعلى هذا الحوض على الحدود التركية شمالاً حتى أدناه عند مصر جنوباً، من يرغبُ في التفاصيل، فلدى أبو الغيط و عباس و السنيورة و أمثالهم في بلاد الشام حقائق هذا الخبر اليقين.
الدكتور عدنان مصطفى : وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق
13/10/2008

التعليقات متوقفه