كَشْفُ المَسْتُوْرِ البِتْرُولِيّْ ؟!
ليس ثمة إنسان متحضر على كوكب الأرض: إلا و يذكر فضل أبويه عليه بكل الأشكال المتمدنة الممكنة. و ليس ثمة إنسان مؤمن باللهِ، ربُّ العرش العظيم، إلا و يلبي إلتزامه بتنفيذ واجب الذكر المجيد هذا، حسبما أوصاه رب العزة به قائلاً: ” و وصينا الإنسان بـوالـديـه حملته أمـه وهناً على وهن و فِصَالهُ في عامين أن أشكر لي و لوالديك إليَّ المصير ” ( القرآن الكريم، لقمان، 14 ).
و في الحادي و العشرين من شهر آذار كل عام، يتبارى معظمُ أمم الأرض، و الشرقي منها خاصة، في جعل أول أيام الربيع مناسبة إنسانية بارزة لإظهار بِّرنا ” بأمنا حواء الخالدة ” بدايةً، و ليس ببدء العام الجديد ( النوروز : Nowrūz ) فحسب. كما يسجل التاريخ الحضاري – الإنساني للبشرية أنه حينما تتجاوز الشمس خط الاستواء السماوي، و يتساوى زمن الليل و النهار، ثمة أمم كثيرة ( تعيش حتى اليوم ما بين: شمال غرب الصين، آسيا الوسطى، جنوب آسيا، القفقاس، جزيرة القرم، إيران، و العراق، و بلاد الشام ) لا تتوانى عن الاحتفال بأمهاتهم الغالية منذ القرن الثاني قبل الميلاد و حتى اليوم. و يعلم الله أنني ما تهاونت البتة في تحفيز قلوب و عقول أبنائي و أحفادي لربط ربيع وجودهم جميعاً بالجنة التي تزدهر تحت أقدام أمهم / جدتهم الغالية. في حال فشل الكثير من رجال / نساء العرب، و القائمين منهم على إدارة النظام العربي الحاكم بخاصة، في تحفيز عشق الجنة التي تقع عند أقدام ” أمنا الأرض العربية ” المقدسة. و من باب هذا الاهمال الوطني – العربي الشنيع / الفظيع، دخلت جنة بقائنا العربية الأرزاء، و عصفت بنمائنا الأهواء، و عاثت بحضارتنا الأنواء. و باستخدام أبسط أدوات المنطق العلمي في تقويم الدمار الكبير، الذي تولد بنتيجة ذلك، و يأخذ بناصية وجودنا العربي و حتى اليوم، حبث نميز فيه زمن بداية حروب الخلجان البترولية العربية، إي العدوان الثلاثي التلمودي على مصر العربية ( المعروف بعملية قاديش: Operation Kadesh التي شنتها بريطانيا، فرنسا، و العدو الصهيوني ) في تشرين أول عام 1956 ، و حتى االعدوان الثلاثي التلمودي الجديد على ليبيا العربية ( المعروف بفجر أويسي الملحمية: Operation Odyssey Dawn ) التي تقوم بشنها اليوم بريطانيا، فرنسا، و الولايات المتحدة الأمريكية بالوكالة عن إسرائيل ). المفارقة العجيبة بين هاتين العمليتين هو العلة في الأولى و السبب في الثانية:
ü فالعدوان الأول تم شنه للقضاء على ” العلة ” التي أصابت قلب الاستعمارين القديم و الحديث بنتيجة ” قومة الشعب العربي في مصر ” بقيادة البطل التاريخي جمال عبد الناصر، ونجم عنها على سبيل المثال لا الحصر: ( 1 ) السيطرة المصرية على قناة السويس، و ( 2 ) التفكير ببناء السد العالي على نهر النيل، و ( 3 ) و الالتقاء مع توجه زخم الجماهير العربية نحو إعلاء بنيان الوحدة العربية و ( 4 ) تعظيم النماء العربي المشترك، و ( 5 ) إعتراف الرئيس جمال عبد الناصر بجمهورية الصين الشعبية وقتئذٍ،
ü في حال تُشَنُّ اليوم عملية أوديسي الملحمية ( Operation Odyssey Dawn )، لاستئصال ” أسباب ” تلاعب نظام حكم العقيد معمر القذافي السياسي ” بتنفيذ خطة تسليم العهدة البترولية الامبراطورية في ليبيا ” لعصبة كبار النظام الأوروبي الحاكم / أزلام إمبراطورية الظلام البترولية، و بذلك تتم ” وقاية ” مصالح قوى حلف الأطلسي الطاقية النافذة تنموياً على الجانب الشرقي من المحيط الأطلسي، من إحتمال الاصابة بأية علة وطنية – عربية منظورة قد تهدد أمن إمداد أوروبا الغربية بالبترول الليبي الرخيص.
و المثير للأسى ما بين هذين الشاهدين التاريخيين هو تجلي عقوق معظم قادة النظام العربي الحاكم اليوم ” بأمنا الأرض العربية ” و مساهمتهم مجدداً في إطلاق يد القوى الامبراطورية البترولية، لتكرر جريمة تدمير بقاء / نماء أخوتنا العرب الأمجاد في بلاد الرافدين تحت شعار نشر الديموقراطية إياه(!!؟؟). و كما يقول المثل الشعبي العربي ” الأعمى حقاً هو الذي لا يرى من المنخل “، يتوالي في زمن عيد ” أمنا الأرض العربية ” تكشف المستور الديموقراطي – البترولي الشمالي إياه، و تراق دماء أبنائها ” المساكين ” على مذبح الجشع البترولي الشمالي – التلمودي. وا أسفاه، هذا ” المستور المتوحش الذي يتكشف الآن “: ما عاد قادراً اليوم على تشغيل عقول مهووسي السلطة في النظام العربي الحاكم، و تحريكها باتجاه التفكير بالخروج من شدة العقوق المسؤول – التعيس السائد آنياً ما بين اليمن التعيس (!؟) و مياه البحرين العكرة (!؟) و رمال ليبيا الثائرة (!؟ ) من جهة، بل أثار من جهة أخرى قلب رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان و رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ليذكرا جهاراً، و بشكل منفصل، زعماء جامعة الدول العربية إياها، بشكل حضاري – إنساني مسؤول، بأن ما يجري على صدر ” أمنا الأرض العربية ” ” إنما هو: ” استنساخ معاصر للحروب الصليبية التي هدت المشرق العربي عبر القرون الوسطى “، لعلهم يتقون.
الدكتور عدنان مصطفى
وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )
رئيس الجمعية الفيزيائية العربية
مدينة الباب، محافظة حلب، سورية
22/03/2011 06:34:19 ص

التعليقات متوقفه