الإِمْبرَاطُورِيَةُ البِتْرُولِيَةُ تَضْرِبُ مُجَدَداً ؟
مع تثميننا العالي لكل التقويمات الجيوفيزيائية المبتكرة (!؟) حول منشأ ” ظاهرة التسونامي “، تلك التي شهدتها أراضي بلدان جنوب شرقي آسيا و بحار غربي المحيط الهاديء، منذ بضعة سنين خلت و حتى أحدثها الذي ضرب شواطيء اليابان خلال الأسبوع الثاني من شهر آذار 2011 الجاري، لا يستطيع فكرنا ضبط ذاته عن الجهر ” بتقويم علمي / سياسي / طاقيٍّ آخر ” لهذه الظاهرة الرهيبة،
و بخاصة تلك التي تركزت بؤرة فعلها مجدداً، يومي 12 / 13 آذار 2011، في منطقة الساحل الشمالي الشرقي لليابان عموماً وعند سلسلة منشأات فوكوشيما الكهرونووية اليابانية تحديداً. بمنتهى البساطة العلمية، يمكن القول: ” بأن هذه الظاهرة، في نمطها المعاصر، مصطنع، فهي ليست طبيعية البتة “. و بالعودة لوقائع السجل العلمي الموثق / المؤكد لظاهرة التسونامي، أي تلك التي أخذت إسمها من ” مرفأ تزو الياباني – Tzu Harbour ” الذي أصابته عام 1897 بموجةٍ سايزمية بحرية عملاقة، حيث أعتقد منذئذٍ و حتى اليوم بأنها قد تحرضت إما: (1) بزلزال شديد ضرب أرضية المحيط الهاديء، أو (2) بإنزلاق ديناميكي لطبقات القشرة الأرضية تولد بنتيجة إنفجار بركاني ما. و في كلى الحالين يتطلب حدوث ظاهرة التسونامي ” تحريضاً ” سايزمياً مؤثراً في أرضية المحيط. و بمتابعة سجل هذه الظاهرة الرهيبة، تبين عملياً أن إحتمالات التحريض هذه كبيرة و كامنة بشكل مؤثر في منطقة ” حلقة النار : Ring of Fire “، البالغ قطرها حدود 32500 كيلومتر في المحيط الهاديء، بل هي قادرة على تسريع الحدث لحدود 800 كيلومتر في الساعة و لمئات الكيلومترات في أعماق المحيط ، حتى ليبلغ علو الموج الذي تصنعه حدود 15 متراً. و مع تكشفات التسونامي الأخيرة، لا يمكننا البتة إستبعاد توليد عملية ” التحريض السايزمي ” هذه بواسطة إنفجار نووي ما تحت أرضية المحيط الهاديء. ثمة تساؤل كبير قد يثار حول هذا الاصطناع يقول: ” و من هو ذلك المتوحش الراغب بل القادر على صنع هذا ” التحريض السايزمي ” اليوم؟ “. مبدئياً، تعتبر القوى العسكرية الاستراتيجية الشمالية الضاربة هي المرشحة الوحيدة الأقدر عملياً على صنع هذا ” التحريض النووي للتسونامي “، فهي قبيل / بعد إنهيار التزام هذه القوى ” باتفاقيات الوئام النووية الدولية ” مع إتحاد الجمهوريات السوفييتية، لجأ الجميع و في مقدمهم الولايات المتحدة الأمريكية لمتابعة تجارب تطوير أسلحتها النووية التقليدية و النترونية في غربي المحيط الهاديء. و لا نستبعد البتة، أن جهود التطوير الامبراطورية الظلامية هذه، قد أفلحت حـقـاً في إشعال فتيل إنفجار نووي جبار قادر على فعل ” تحريض ” زلزالي يفوق قياسه 8.9 على مقياس ريختر، يفوق كل ما هو معروف علمياً في هذا الشأن (!؟). من يراقب مشاهد التسونامي الأخيرة لا يمكنه البتة سوى الاتفاق معنا على ” أن الطبيعة لا تتصرف بهذه القسوة “، فمن تمتلك ” طبيعة حاله ” مثل هذه القساوة هم فقط عتاة التسلط الإمبريالي، أولئك المستريحون وراء مكاتب إمبراطورية الظلام البترولية، و الذين ذبحوا و شردوا مؤخراً ما لا يقل عن مليون عربي من أخوتنا في بلاد الرافدين. و يبقى مبرر توجه هذه القوى لصنع هذا التحريض التسونامي كامن في: (1) ضرب فلاحات أمم جنوب شرقي آسيا في التنمية الحضارية الإنسانية الخيرة من جهة و في (2) تصفية الحسابات الطاقية مع الصين و اليابان تحديداً باعتبارهما متماهيتين مع التوجه الاستراتيجي لأمم الجنوب و بخاصة تلك المتعاونة في إطار ” لمنظمة البلدان المصدرة للبترول – أوبيك ” من جهة أخرى. فليس ثمة ما يضاهي توق الصف الامبريالي الأول لتوجيه ضربة محكمة / قاضية لأبرز أدوات توليد الطاقة التقليدية و الكهرونووية في كل من الصين و اليابان و دول جنوب شرقي آسيا. في حال تتابع الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل توجيه ضرباتها الشرسة متغيرة الأشكال و الألوان في قلب الشعب العربي، و ذلك قبل أن يستكمل قومته الشعبية العازمة على إسترجاع حقوقه المسلوبة منذ إتفاقية سايكس – بيكو الاستعمارية العتيقة و حتى إتفاق كامب دايفيد الامبريالي الأسود الجديد. مذكرين في نفس الوقت بأن هذا القلب الانساني – الحضاري العربي الكبير ينطوي عبر الزمان المعاصر على أروع مظاهر النزوع التمدني الانساني لبناء الذات الوطنية – الحضارية – المتمدنة. فهذا القلب الكبير بات ينبض اليوم بأقوى أشكال الصمود في وجه طغيان أزمنة تهافت النظام العربي الحاكم عند أقدام صناع خارطة الطريق التلمودية – الشمالية. علماً بأن معظم قادة و أزلام إمبراطورية الظلام البترولية العرب إياهم، لم يتوقفوا البتة عن الطلب من معلمتهم الامبريالية كي تضرب بيد من حديد – بترولية على كل من يقف بوجه تقيدهم بالمساهمة ” في إرساء نظام إمبراطوري بترولي في قلب الفوضى العالمية المعاصرة “. و من يقرأ تقنياً تفاصيل المحنة النووية اليابانية في كل من أوتاغوا و فوكوشيما و طوكايا ( التي تضم 11 محطة كهرونووية معرضة للتسرب الإشعاعي القاتل الآن )، يضحك / باكياً على تعابير الخدمة الإمبراطورية الشمالية الشفهية التي قام بتقديمها أبرز ” تماسيح ” قادة أمم الشمال، أولئك الماكيافيليون ” المنفطرة قلوبهم !؟” ظاهرياً / إفتراضياً على ما حدث للشعب الياباني، و قام مؤخراً بتشخيصها هزلياً، قبل بضعة أيام خلت،أحد صبيان السياسة اللبنانية التقليدية، و ذلك حين قدم عرضاَ مبتكراً للتعري الرأسمالي العربي الجديد (!؟). في حال يعرف المنصفون و الراسخون في علم الشمال بمدى مساهمة أنظمة حكم بلدانهم القذرة في صنع قرار التحريض التسونامي الأخير. و مع كل هذا النفاق الوحشي المثير للقرف الحضاري، لا يسعنا هنا سوى التأكيد على أن أيادي إمبراطورية الظلام البترولية هي التي ضربت بشكل ” تسونامي” جديد، و بشكل مؤقت، بعيد نسبياً عن قلب الوطن العربي المستضعف اليوم، لتقطع بشكل حاسم، ليس طريق مسيرة أمم الجنوب نحو التحرر من التخلف و الجوع و الفقر و المرض فحسب، بل نُهُجَ إزدهار بعض المقربين منها كالصين و اليابان، و لا يعلمون أن الله يرى.
الدكتور عدنان مصطفى
وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )
رئيس الجمعية الفيزيائية العربية
مدينة الباب، محافظة حلب، سورية
16/03/2011 09:33:56 ص

التعليقات متوقفه