حَوْلَ غَسَقِ البِتْرُولِ الإمبرَطُوريّْ
لا ريب في أن زمن ميلاد ” كلمة الله عيسى ” عليه السلام هو زمن التذكير بإمكانية إسترجاعِ مفقود زاهي الأمل برغم طول إنتظار الأجل؟!. و مع إشراقة شمس العام الجديد ( و هو هنا عام 2011 ميلادي ) يمكن لعملية الاسترجاع هذه أن تستنهض الهمم من خلال الإخلاص في تقويم أعمال العام الفائت ( بل عام 2010 الفارط ).
و عبر هذا ” المُدْخَلِ الضيق ” لم نتردد البتة في جلاء الكثير من حوارات الأخوة العلماء و المفكرين و القراء ” لمبرر استمرارنا ” في كتابة و نشر مقالات راينا المتواضعة شبه الدورية خلال العقد الفارط الأول من القرن الحادي و العشرين الجاري تحديداً. و تبسيطاً لجوهر ردنا على هذه الحوارات، يمكن لنا التذكير بحديث جدنا المصطفى ( صلى الله عليه و سلم ) الشريف القائل: ” من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه ، و ذلك هو أضعف الإيمان ” ( متن الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية، للعارف بالله يحي بن شرف الدين النووي، القرن السابع الهجري ). و بإعتبار أنه عندما أكرمنا الله و الوطن بمسؤولية ” تغيير المنكر ” في الصناعة البترولية الوطنية – السورية خصوصاً ( أنظر بعض تفصيل ذلك في مقال رأينا بعنوان: ” سَبْعة أَزْمَانٍ طَيِّبَةٍ فِيْ صِنَاعَةٍ بِتْرُوُلِيَةٍ عربيةٍ؟! ، المنشور في موقع : www.syria-oil.com ، 21-03-2009 ) ، و المشاركة بنفس الإتجاه في العمل التنموي الطاقي العربي المشترك عموماً، لم نتردد البتة في ” بَسْطِ ” يَدِنَا دون ” قَبْضِهَا ؟!” و نحن نؤدي واجب مسؤولية التغيير و التطوير في المجالين: الأكاديمي و التنموي دون ريب، لهذا بقي لساننا مرصوداً لإشهار عقائد التنمية الوطنية – العربية عند ” شَفَقِ ” صراع الشعب العربي مع أعدائه في الداخل و الخارج، و ” رَبَطَ الله على قلوبنا ” عند ” غَسَقِ الاستضعاف البترولي العربي ” الذي يغشى ” ليله المدلهم ” الآن شتى جوانب بقاءنا و نمائنا. و في مكان الالتزام بوجودنا العربي العزيز، يبدو أن لا مناص للساننا من أن ينطق بحق بقائنا العربي جهاراً، دون خوف و لا جل إلا من الله رب العرش العظيم. و عليه فقد تركز جُلُّ إهتمامنا ” بإيقاظ الهمة ” لدى جميع أخوتنا ” العلماء الأبـرار ” المرابطين بَعْدُ في خنادق ” مدرسة العلم العربية المجيدة ” من جهة، و ” المعنيين الأخيار ” بكل توجهات و نشاطات ” التنمية الطاقية العربية ” من جهة أخرى. و فيما بين هذين البعدين، نعمل بدأب شديد على إستنهاض الأمل في قلوب الشباب العربي من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي و الــدفــاع عن مصالحهم الوطنية – العلمية – العربية لـيـل نـهـار. ثمة حــوار يقول: ” حذار من الإفراط في التفاؤل، ألست الفيزيائي الذي يعرف قبل غيره بحقيقة سيادةِ قَدَرِ القانون الثاني للتحريك الحراري؟، ذلك القائلُ بـإطرادِ الفوضى في الوجود؟، بل بمنتهى بساطةِ وصفِ جدتي البدوية لمسيرة البشرية القائل: ” أن الماء المكبوب ( المسكوب ) يستحيل رده، فقد ضعف الطالب و المطلوب “. في حال يمضي حوار آخر مذكراً إيانا بحديث شريف يقول: ” من نَفِسَ عن مؤمن كربة من كُرَبِ الدنيا، نَفَسَ الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، و من يسر على معسرِ، يسر الله عليه في الدنيا و الآخرة، ….، و من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهل الله له به طريقاً إلى الجنة…” ( متن الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية، للعارف بالله يحي بن شرف الدين النووي، القرن السابع الهجري ). و فيما بين هذين الطرفين الواقعيين، و مع تذكر أن ” عصر الظلام البترولي العالمي ” بات يغشى الوجود الإنساني اليوم ( حسب تعبير المرسل و السفاح التلمودي الرهيب، جورج والكر بوش، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق، القائل: we will prevail ) سوف نتابع حواراتنا المتواضعة في مطلع عام 2011 بإثارة الحقائق التالية:
أولاَ: قبلت البشرية أم أبت: أن الامبريالية التلمودية قد تمكنت من إرغامها اليوم على دخول ليل التوحش العالمي، لتمضي وفق البروتوكول العاشر لحكماء بني صهيون القائل مثلاً: ” و يظل هذا الإنهيار في طريقه حتى تستنزف قوى الإنسانيةـ و تهلكها الإنقسامات، و تفشو بينها الكراهيات، و المكايدات و الحسد، و الاستغاثات طلباً للنجاة من تعذيب الأجساد، كما تفشو المجاعات و نشر جراثيم الأمراض عمداً،…. ، و بهذه التدابير نتمكن من القبض على السلطة التي ندمر بها شيئاً فشيئاً، و خطوة خطوة، ما نريد إزالته من دساتير العالم، تمهيداً للانتقال الكبير، ثم يعقب ذلك قلب كل حكومة، و جعلها مقطورة إلى سلطتنا، تابعة طائعة…الخ ” ( بروتوكولات حكماء صهيون، 1919 ميلادي ).
ثانياً: و تحت وطأة التوحش الامبريالي الظلامي المبين أعلاه، تمضي البشرية جمعاء في التخلي عن أصولها الحضارية الانسانية الخيرة، فالعرب وا حسرتاه مثلاً، بعد كفاحهم المرير مع الاستعمارين القديم و الحديث، هم في كل يوم يتنازلون جدلاً لأعدائهم عن مبادئهم الوحدوية التحررية، و عن بناء مجتمع الإنصاف العربي القوي العزيز.
ثالثاً: بعد أن أمسكت إمبراطورية الظلام البترولية بزمام المصادر الهايدروكاربونية العربية الجبارة، و هي التي:
1. لا تقل عن 58% و 29% من احتياطي البترول و الغاز الطبيعي العالميين على التوالي، حيث
2. يمضي البترول العربي في تزويد الأسواق البترولية الدولية، على نحوٍ أسيٍّ، بما لا يقل 31 % من مجمل الانتاج العالمي الراهن ( أي 22 مليون برميل في اليوم )، كما
3. سيقوم الغاز الطبيعي العربي بدوره المتعاظم في إمداد ما لا يقل عن 14 % من إجمالي الطلب العالمي عليه ( أي 430 بليون متر مكعب )،
لم تعد تأبه كثيراً لحقيقة النضوب الهايدروكاربوني العالمية في المنظور الآجل ، بل ألقت بمسؤولية تطوير المؤكد منها، و البحث عن مصادر جديدة، على كاهل الصناعات الهايدروكارونية الجنوبية عموماً و العربية منها خصوصاً، و ذلك باعتبارها صاحبة العوائد الهايدرو كاربونية الكبرى!؟. كل ذلك برغم إرهاصات التفسح البيئي الآخذة اليوم بناصية بيئة الأرض الطيبة.
رابعاً: و كي تتمكن الامبريالية العالمية من السيطرة على نُهُجِ تقدمِ البقاء البشري تحت شمس الكوكب، كان لا بد لمفكريها الظلاميين من أن يعيدوا النظر في مسيرة التطور العلمي – التقني العالمية، و ذلك بدءاً من ضبط بقاء و نماء المؤسسات الأكاديمية العالمية. و يتجلى شاهد الحقيقة المرة هذه: في التخلي عن خطط رفع كفاءة مؤسسات البحث العلمي الوطنية و الإقليمية بما يتناسب مع مبرر وجودها الحضاري و الهادف جدلاً لاحتضان الأجيال الشابة المقبلة على العلم في الأمة ( أنظر بعض تفصيل ذلك في مقال راينا بعنوان: ” حَوْلَ العِلمِ وَ العُلَمَاءِ العَرَبْ : يَومَ الأَوَلِ مِنْ أَيَّارْ “، 18-04-2009 و المنشور في صحيفة تشرين السورية ). و بذلك أفسح العديد من أمم الجنوب قبل الشمال، و العربية منها تحديداً، المجال واسعاً أمام ” تجارة العلم “، بل غسل أموال الفاسدين القابعين في مختلف أوجه حياتها. و بناء على هذا الواقع المظلم، بات القاصي و الداني تحت شمس الكوكب، يشهد اليوم جهاراً كيف يجري قتل توق أبناء الأمة، و الفقراء منهم بخاصة، للتحصيل العلمي / التقني العصري المناسب لبناء عزة الأمة ( أنظر التفصيل مثلاً في بحث لنا بعنوان: ” مسألة الجامعات العربية: منظور القبور الحية “، و المنشور في مجلة عالم الفكر الكويتية العتيدة، 1995 ). و عبر هذا الأمر التلمودي الظلامي المتوحش ايضاً ( الذي أشرنا إليه في مطلع رأينا هذا )، كان لا بد للبحث و التطوير العلمي الوطني أن ” يضمحل مضمونـاً “، لتحرم الأمة العربية تحديداً ( أنظر بعض تفصيل ذلك في مقال رأينا بعنوان: ” مَنْ هُوَ المُنْكَسِرُ: البِتْرُولُ أَمْ أَهْلُهْ ؟، 10-03-2010 )، و عند ” غَـسَـقِ عـصـرها البتـرولي” من أهم مقومات بقائها و نمائها في ضمير المستقبل.
الدكتور عدنان مصطفى
وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )
رئيس الجمعية الفيزيائية العربية
06/01/2011 06:51:49 م
طباعة المقال
التعليقات متوقفه