افتتاح ندوة انعكاسات الأزمة المالية العالمية على قطاعي النفط والغاز بالدول العربية : انخفاض الطلب على النفط 1.5 مليون برميل يومياً عالمياً وتراجع صادراته عربياً إلى 40

بدأت في دمشق فعاليات الندوة التي تنظمها منظمة الدول العربية المصدرة للبترول “أوابك” بالتعاون مع وزارة النفط والثروة المعدنية حول الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على قطاع النفط والغاز الطبيعي في الدول العربية بمشاركة عدد من الخبراء من الدول الأعضاء بالمنظمة والشركات المنبثقة عنها وبعض المؤسسات العربية والعالمية ومراكز البحوث المتخصصة المعنية بشؤون الطاقة وذلك في فندق الديديمان.

 

وأكد المهندس سفيان العلاو وزير النفط والثروة المعدنية في افتتاح الندوة أن تنظيمها يعكس اهتمام المنظمة بالأزمة المالية و تداعياتها السلبية التي ألحقت ضررا بالغا بالاقتصاد العربي بشكل عام وقطاع النفط بشكل خاص فتراجعت العوائد البترولية للدول العربية التي تعد عماد الاقتصاد العربي وأهم محركات نموه مشيرا إلى تراجع صادرات الدول العربية من النفط الخام بين عامي 2008 و 2009 حوالي 40 بالمئة وتراجع معدل النمو في الدول العربية من حوالي 6 بالمئة في عام 2008 إلى 2 بالمئة في عام 2009 بالأسعار الثابتة إضافة إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنحو 5ر10 بالمئة خلال عام 2009 وتراجع حجم المساعدات الإنمائية العربية الميسرة خلال العام 2009 مقارنة مع العام 2008 .

 

وأشار الوزير العلاو إلى أن منظمة أوابك تعمل منذ تأسيسها على تعزيز العمل العربي المشترك من خلال إقامة المشاريع المشتركة في ميدان النفط والغاز الذي يعتبر احدى الأدوات الهامة التي تسهم في دعم قطاع النفط والغاز العربي والحد من تأثير الأزمة المالية على هذا القطاع لافتا إلى ان سورية تولي اهتماما كبيرا لتطوير التعاون العربي المشترك في مجالات النفط والغاز حيث ساهمت في إنجاز خط الغاز العربي الذي يعتبر من المشاريع الحيوية الرائدة ويجري حاليا استكمال وصل هذا الخط بشبكة الغاز التركية لتأمين نقل الغاز العربي إلى أوروبا عبر تركيا.

 

وبين وزير النفط والثروة المعدنية أنه تم الاتفاق مع العراق على إقامة مشاريع لنقل النفط العراقي وتصديره عبر الموانئ السورية إلى الدول المستهلكة وكذلك إقامة خط لنقل الغاز لربط شبكة الغاز العراقي بخط الغاز العربي .

 

 

من جانبه قال عباس نقي الأمين العام لـ أوابك إن الندوة تأتي في إطار حرص المنظمة على متابعة التطورات اللاحقة للازمة المالية العالمية على قطاع النفط والغاز بعد مرور عامين على ظهورها مشيرا إلى أن الأزمة المالية تعد أسوأ أزمة مالية شهدها العالم منذ ثلاثينيات القرن الماضي ونتج عنها ارتباك شديد وعدم استقرار في الأسواق المالية وتطورت إلى أزمة ائتمانية خانقة انتقلت إلى الاقتصاد الحقيقي .

 

وأوضح نقي أن التدهور في الاقتصاد العالمي أدى إلى انخفاض حاد في الطلب على النفط وتراجعت الأسعار بشكل كبير عما كانت عليه قبل الأزمة وأخذت الأسعار تهبط بتسارع غير مسبوق ومستمر اعتبارا من منتصف شهر حزيران 2008 إلى شهر كانون الأول من العام نفسه مبينا ان انعكاس الأزمة لم يكن مقتصرا على التغير في الاتجاه العام لأسعار النفط إنما كذلك في زيادة حدة التقلبات خلال النصف الثاني من العام 2008 .

 

وأشار أمين عام المنظمة إلى أن أهم آثار الأزمة المالية المباشرة على الاقتصاد تجلت في زيادة التشدد بالجانب الائتماني والذي جاء متزامنا مع انهيار أسعار النفط وارتفاع مؤشر التكاليف الرأسمالية لمشاريع الصناعات الاستخراجية واللاحقة ما كان له أثر كبير على الاستثمار في قطاع النفط والغاز لافتا إلى ان انخفاض الأسعار أدى إلى انخفاض حاد في العائدات النفطية للدول المنتجة للنفط ما انعكس سلبا على معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية المنتجة للنفط وانخفاض معدلات نمو الصادرات وتراجع معدلات التنمية البشرية والتقليل من الإنفاق الحكومي على برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية .

 

وتركزت مناقشات الندوة حول انعكاس الأزمة على الاقتصاد العالمي وارتداداتها المباشرة على أسواق النفط من حيث انخفاض الطلب وتراجع الأسعار وتراجع العائدات النفطية للدول العربية المصدرة للبترول ودورها في تراجع معدلات النمو الاقتصادي في الدول العربية إضافة إلى انعكاس الأزمة على الصناعة البترولية في مراحلها الأمامية والوسطى واللاحقة وعلى نشاط الشركات العالمية والوطنية العاملة في مجال البترول ونشاط الشركات المنبثقة عن منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول .

 

وتركز محاور الجلسات على انعكاس الأزمة على الاستثمار في قطاع الطاقة في الدول العربية بشكل خاص وفي قطاع الطاقة العالمي بشكل عام وآفاق الاقتصاد العالمي بعد الأزمة والتوقعات المستقبلية للطلب على النفط وموقع الأقطار العربية المصدرة للبترول في ميزان الطاقة العالمي ما بعد الأزمة والفرص والتحديات التي تواجه الصناعة البترولية العربية في ظل ظروف عدم اليقين في مستقبل الطلب العالمي على النفط .

 

يذكر أن منظمة أوابك تأسست عام 1968 بهدف تعزيز أواصر التعاون بين الدول الأعضاء في مجال صناعة البترول والمحافظة على مصالحها وتوحيد الجهود لتأمين وصول البترول إلى أسواق الاستهلاك بشروط عادلة ومقبولة وتوفير الظروف الملائمة للاستثمار في صناعة النفط.

 

وتضم المنظمة التي تتخذ من دولة الكويت مقرا لها كلا من الكويت والسعودية وليبيا والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والجزائر ومصر وسورية والعراق إضافة إلى العديد من الشركات التي تدعم جهودها في مجال النفط .

 

حضر افتتاح الندوة معاون وزير النفط وعدد من المديرين العامين للشركات النفطية والغازية وعدد من سفراء الدول العربية المعتمدين بدمشق .

 

خبراء: الأزمة أدت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وتدهور سريع في الأسواق المالية

 

تركزت مناقشات الجلسة الأولى للندوة على مواضيع تتعلق بانعكاس الأزمة على قطاعات الاقتصاد العالمي وأسواق النفط العالمية وتداعياتها على الاقتصاد العربي والأوضاع المالية والاستثمار في قطاع الطاقة العالمي والعربي .

 

واستعرض الطاهر الزيتوني الباحث الاقتصادي في منظمة “أوابك” في محاضرة له انعكاس الأزمة المالية على أسواق النفط العالمية وتداعياتها على الاقتصاد العربي مشيرا إلى أن تداعيات الأزمة أدت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي والتدهور السريع في الأسواق المالية والهبوط الحاد في الإنتاج الصناعي وتجارة البضائع وتدهور مبيعات السلع الاستهلاكية والمعمرة وارتفاع الضبابية وعدم الثقة في الرؤى المستقبلية للاقتصاد العالمي .

 

وأوضح الزيتوني أن الأزمة أثرت على أسواق النفط العالمية من خلال انخفاض الطلب العالمي على النفط بحوالي 5ر1 مليون برميل يوميا من حوالي 1ر87 مليون برميل خلال الربع الأول من العام 2008 إلى 6ر85 مليون برميل خلال الربع الثاني واستمر التراجع حيث بلغ أدنى مستوياته في الربع الثاني من العام 2009 عندما بلغ الطلب العالمي 2ر83 مليون برميل ثم بدا بالتعافي تدريجيا خلال النصف الثاني من عام 2009 .

 

وأشار الباحث الاقتصادي إلى تداعيات الأزمة على الاقتصاد العربي من خلال الأهمية النسبية للبترول في الاقتصاديات العربية والتي تجلت في تراجع قيمة الصادرات الشهرية من النفط الخام منذ آب 2008 من حوالي 5ر74 مليار دولار إلى ان بلغت أدنى مستوياتها خلال شباط 2009 عندما لم تتجاوز 21 مليار دولار وانخفضت العوائد الربع سنوية إلى حوالي 91 مليار دولار عندما بلغ متوسط الأسعار 5ر52 دولارا للبرميل خلال الربع الرابع من العام 2008 وواصلت العوائد انخفاضها إلى أدنى مستوياتها خلال الربع الأول من العام 2009 والذي يمثل عمق الأزمة في أسواق النفط إلى حوالي 65 مليار دولار .

 

وبين الزيتوني أن انخفاض أسعار النفط و تراجع حجم الصادرات العربية المترتبة عن الأزمة تسبب في تراجع قيمة صادرات الدول العربية من النفط الخام بالأسعار الجارية من حوالي 624 مليار دولار خلال عام 2008 إلى حوالي 378 مليار خلال 2009 .

 

من جهته أشار نبيل دحدح الخبير الاقتصادي في صندوق النقد العربي إلى ان الآثار الاقتصادية للأزمة المالية العالمية على الاقتصاد العالمي تجلت في آثار مباشرة على القطاع المالي والمصرفي وآثار غير مباشرة متوسطة الأمد ادت إلى الكساد في الاقتصاد العالمي وتهاوي أسعار المواد الخام وانخفاض قيمة التجارة الخارجية إضافة إلى تراجع الأوضاع المالية العامة .

 

ولفت دحدح إلى أن منعكسات الأزمة على الإيرادات العامة تسببت في تراجع مستويات عناصر الإيرادات الضريبية من خلال انخفاض الطلب المحلي الذي سبب تراجع مستوى ضريبة المبيعات وهبوط الواردات وقيمة الرسوم الجمركية مبينا ان تداعيات الأزمة على الاقتصاد العربي ادت إلى تراجع النمو الحقيقي للدول العربية كمجموعة من 6 بالمئة عام 2008 إلى 2 بالمئة عام 2009 وأدى تهاوي أسعار النفط والتباطؤ في الاقتصاد إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بأسعار السوق الجارية للدول العربية بنسبة 13 بالمئة وللدول العربية النفطية بمعدل 15 بالمئة في عام 2009 اضافة إلى تراجع حاد في مستوى دخل الفرد وبالتالي تراجع القدرة على الإنفاق والادخار.

 

وقدم الخبراء كريستوفر السوب المدير العام لمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة محاضرة عن انعكاس الأزمة على الاقتصاد العالمي وآدم سيك خبير الطاقة في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا محاضرة عن انعكاس الأزمة على الاستثمار في قطاع الطاقة وآثاره على امن الإمدادات اضافة إلى محاضرة لـ دانيال شاميلون مدير العلاقات الدولية في معهد البترول الفرنسي تركزت على انعكاس الأزمة على الاستثمار في قطاع البترول .

 

حضر الجلسة عبد الله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية والمهندس سفيان العلاو وزير النفط والثروة المعدنية.

 

سيريا اويل


طباعة المقال طباعة المقال

قد يعجبك ايضا

التعليقات متوقفه