عندما يكون النفط سلاحاً… وتعود الحياة لخط النفط العراقي بعد مرارة سنوات الإغلاق..!!
طالما حملت العلاقة النفطية السورية- العراقية الكثير من الشد والجذب، ومع مرور العقود الزمنية الطويلة للقطيعة التي كانت مطعمة بالسياسة راحت الأمور تسير باتجاه مجهول إلى حين بلغ العراق درجة التحولات على مستوى الدولة فمؤخراً أخذت التفاصيل تتجه لإعادة الاعتبار للزمن الانتعاش القديم ولكن بشيء من الدراية والعلاقة المصلحية لما فيه الخير المشترك..
تعددت اللقاءات خلال السنوات الأخيرة وتنوعت الأفكار الرامية إلى ضخ الحياة في خطوط النفط التي أكل الزمان عليها وشرب فكان الهدف الاستفادة القصوى من الطاقات والمنظومات التي أنجزها كلا الطرفين فالمبتغى ليس النفط وحده فهناك الغاز الطبيعي والكهرباء والأهم تأمين المنتجات والمشتقات التي هي حاجة ملحة لسورية التي لا تكفيها ما تنفذه مصفاتي حمص وبانياس والعراق التي يزداد الطلب عنده على المواد الناتجة عن هذه الصناعة وهي النائمة على بحر من البترول في بواطن أرضها والقاسم المشترك هنا هو الاستيراد الذي بات يؤرق الموازنات علماً أن السبيل إلى تأمين القطع اللازم لتوريد المحروقات يتطلب بيع النفط خاماً لهذا السبب أولاً ولأن طاقة المصفاتين لا تكفي ولا تغطي الإنتاج المحلي…؟!
في التجربة الفريدة مع العراق هناك خط كان يعد الشريان الاقتصادي لتدفق النفط العراقي إلى الموانئ السورية إلا أن الأقفال الذي استمر لعقود جعل إشكالية التأهيل والإصلاح تأخذ تكاليفاً مضاعفة إذ لا يخفى على أحد ما تعرض له هذا الخط من تعديات وتخريب جزء منه بحكم الطبيعة والإهمال والباقي يتعلق بمسافات طويلة تعرضت للسرقة من قبل مواطنين ورعاة أغنام عاثوا فساداً في إنجاز اقتصادي من هذا النوع.
بالأمس كان الترحيب سيد الموقف لرأس حربة الحكومة السورية عندما انبرى المهندس محمد ناجي عطري ليؤكد أهمية الخطوات الأخيرة التي توصلت إليها وزارتي النفط في كلا البلدين ومفادها الاستفادة من الجغرافية السورية لضخ خامات النفط العراقية وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط وفي ذلك عود إلى ماض كانت فيه الأراضي السورية سبيلاً ميسراً يؤمن أقصر وأسهل الطرق لتصدير البراميل العراقية إلى العالم واليوم تؤكد المصادر رفيعة المستوى بأن النوايا بحكم الطيبة لتلاقي الفرقاء الفنيين واللجان المشتركة للاتفاق على الصيغ والآليات التنفيذية لتحقيق هذا المشروع الاستراتيجي الذي سيولد من جديد بعد سبات طويل كانت فيه الخسائر مزدوجة لابل ومؤلمة لأنبوب كانت تكلفته كبيرة واليوم فاتورة صيانته وإعادته للحياة قد تكون ثقيلة لكن بكل الأحوال الجدوى الاقتصادية والنواتج المنفعية ستكون أكبر بكثير مما سيدفع لأن التكامل والتعاون النفطي مع هذا الجار الغني بمصادر الطاقة سيعود بالمرابح على مصالح الشعبين..
بالعموم الاتفاق الذي خرج للملأ مؤخراً ليس جديداً وفريداً فالسابقات من الأيام شهدت العديد من الرؤى المشتركة والاتفاقيات التأطيرية الضامنة لمستقبل جيد في هذا المجال وهذا ما شدد عليه المهندس عطري في إشارة منه إلى أن التنسيق والمتابعة قائمة وأرشيف الوزارتين شاهد حيّ على الكثير من المشروعات التي تحرص فيها سورية على كفالة علاقة متوازنة وهادفة بين البلدين.
ومهما يكن من أمر فإن المعنيين في البلدين يعرفون تماماً بأن الهاجس الأكبر هو إعادة أنبوب الضخ ونقل النفط العراقي المار من أراضينا إلى الموانئ السورية إلى سابق عهده والمشكلة هنا هو في التأهيل والصيانة التي تتطلب قبل كل شيء دراسة تفصيلية ميدانية تظهر مواضع الاهتراء وأماكن فقدان أجزاء من الأنبوب وهذا ما يجب أن يكون جاهزاً لأنه القاعدة التي ستوفر الكثير من الوقت والجهد على البدء بالتنفيذ..
هذا يأتي في وقت عانت فيه البلاد من قضية مفادها التعديات على خطوط النفط الداخلية حيث تم ضبط العشرات من حالات سرقة النفط من قبل أشخاص قاموا بثقب الأنابيب وشفط كميات لايستهان بها من الخامات والمحروقات.
ولأن الخط العراقي المنكوب وخطوطنا الداخلية المستهدفة وما تعرضا له يدفعان للتفكير جلياً باتخاذ موقف أكثر حزماً في التعاطي مع ملف الإساءة للأملاك العامة ولاسيما النفطية منها إذ خرجت الأصوات عالية مطالبة باستصدار التشريعات التي تؤمن المزيد من الحماية والحصانة للمنشآت النفطية والأهم خطوط النقل لأنها الأكثر تعرضاً للنهب والسرقة بسبب مرورها في أماكن مقطوعة ويصعب مراقبتها.
ومع ذلك يمكن القول بأن فتح صفحة جديدة في تاريخ هذا الخط يعني للشارع السوري على الأخص الكثير من المعاني فذكريات الأنبوب العراقي ومن ثم تداعيات إغلاقه والتفكير جدياً اليوم بإعادته للعمل يعني أن أملاً جديداً ينسحب على كل الملفات ولا مانع من أن يكون النفط سلاحاً يقوي البلدين كما كان دائماً…؟!
syriandays

التعليقات متوقفه