عِنْدَمَا سَقَطَتْ نَظَرِيَةُ المُوآَمَرَةِالبِتْرُوْلِيَة
في علم الفيزياء العتيد، عندما سقطت ” النظرية النيوتونية العطالية “، عُزِيَ هذا الأمر القاهر لاقتصارها على تقويم ” أفعال : actions ” الكيانات الفيزيائية الأرضية المعروفة عموماً: أي تلك المتميزة ” بأجرامها الكبيرة “، كقطرة المطر والكرة و القذيفة و الصاروخ و السيارة…الخ، و المتحركة ” بسرعها البطيئة ” و ذلك بالمقارنة مع سرعة الضوء العليا في الكون الذي يحتوي وجودنا اليوم.
فكان أن تصدى الفكر الفيزيائي الحديث للانقاذ، مبتدئاً قبل قرن مضى برأب الصدع، و مبتكراً ” ثنائية النظرية الكمومية / الكونية العتيدة “، أي تلك النظرية المزدوجة التي تعالج اليوم ظواهر الكون غير النيوتونية، و الناظرةُ بتقنيات شتى في أجرام كياناتها ” المجهرية و الكونية ” المتحركة بسرعٍ تضارع نِسَبَاً ما من السرعة الضوئية الثابتة. أما في ” علم التسلط الامبريالي الشمالي ” التعيس، و المنحسر اليوم، فقد شهد القاصي و الداني كيف سقطت ” نظرية المؤامرة : The Conspiracy Theory ” المستخدمة رأسمالياً لتقويم مجريات صراع قوى الشمال – الجنوب، و ذلك منذ سكوت مدافع حروب فيتنام الامبريالية الشريرة الطاحنة و حتى اليوم ( أنظر تفاصيلها الرئيسة العامة مثلاً في إنسايكلوبيديا :Wikipedia ). و لايختلف إثنان تحت سطح كوكب الأرض اليوم على أن سبب سقوط نظرية المؤامرة الامبريالية الذريع، كان و لم يزل، كامناً في إقتصار استراتيجتها الشيطانية / الجهنمية / الدموية على ” ابتداع أفكار ماكيافيللية ” متماهية مع ” بروتوكولات حكماء صهيون “، ما أنزل الله بها من سلطان، يمكن أن تكون قادرة واقعياً على جعل إمبراطورية الظلام البترولية تحكم قبضتها الشاملة / الكاملة على ” الجرم البترولي العالمي الكبير “، و ليس العربي منه فحسب، و ذلك بشكل مواكب ” لتسرع عقائدها الرأسمالية المتعثرة ” في استلاب حقوق شعوب الجنوب الانسانية / الحضارية المقدسة، مقارنةً ” بسرع توقد مقاومة ” هذه الشعوب لأي ” رصاص تلمودي شمالي مسكوب !؟ “. من يرغب بتمييز علامة زمنية تاريخية فارقة تحدد سقوط ” نظرية المؤامرة ” الشيطانية هذه، لن يعدم رؤية تفاصيل هذه العلامة التاريخية عبر السقوط الذريع لأكبر أبطالها السفاحين المندحرين أي: الرئيس الأمريكي السابق والمرسل التلمودي المهزوم جورج والكر بوش و شريكه رئيس وزراء بريطانيا السابق و الصهيوني البترولي الملغوم توني بلير. فعلى يديهما المخضبتين بدماء ملايين الشهداء الجنوبيين ما بين أفغانستان و العراق و فلسطين و لبنان، تأكد لكل مفكر سياسي شمالي أن: ” فشل هذه النظرية في ” تحقيق المهمة البترولية “، المناط تنفيذها بعاتق مجرمي الحرب العالمية البترولية الثالثة ( بوش و بلير و ميركيل …الخ مثلاً )، قد أحدثت ” فراغاً استراتيجياً : strategic vacuum ” ما بين أعلى الأرض و أدناها “. من يبحث من أبناء أمتنا العربية الوطنيين المخلصين، عن شواهد عربية جهرية حقاً: تعبر عن قيام هذا ” الخواء الحضاري الرهيب : cultural vacuum ” ، لن يعدم ، على سبيل المثال لا الحصر، رؤية:
v السقوط الذريع لمؤسسة ” القمة العربية الرسمية “: في إجتماع طرابلس الأخير، و ذلك باعتبارها ” مولعة بحب العاجل “، حيث آذن هذا السقوط المشين للعالم، قبل العرب أجمع ، بأفول سعد ” مؤسسة جامعة الدول العربية ” و إهتراء ” عقيدة العمل العربي المشترك الرسمية ” للأبد،
v (2) هزيمة معظم عناصر النظام العربي الحاكم الفاعلة : في وجه الطغيان التلمودي / الأمريكي / الاسرائيلي أثناء العدوان الاسرائيلي – الأمريكي على لبنان، و بخاصة عبر أيام محرقة غزة هاشم مؤخراً، مخلفين و راءهم ” وكلاء / أزلام ” لرعاية شؤون الخواء الأخلاقي / الوطني / التنموي / السياسي …الخ ” في كل من لبنان و فلسطين و الأردن !؟ تحديداً، ” كسلطة محمود عباس/ ما تحت ” الرباعية ” و ” دولة ظلّ فؤاد السنيورة ” إياها!؟ ( للاستزادة حول العنصر الأخير، أنظر مثلاً مقال صحيفة الأخبار اللبنانية المنشور بعنوان: ” فؤاد السنيورة دولة ظلّ “، السبت 21 آب 2010 )،
v (3) مع إنسحاب آخر جندي أمريكي محارب من العراق يوم البارحة ( 20 آب 2010 )، تمَّ إشهار مدى عمق الخواء التنموي / السياسي في بلاد الرافدين، و هو قَدَرٌ قاتل لأهلنا، الصامدين في بوابة المشرق العربي العتيدة، قَدَرٌ يتسم بأربعة أبعاد مؤثرةٍ على الأقل هي: ” تجزئة العراق بترولياً، تفشي أوبئة ضلال الانتهازيين من أزلام الاحتلال سياسياُ، و تسيب هيئة الحكم الوطنية – العربية الناظمة لادارة شؤون البلاد و العباد، و وضع العراق رهن سيطرة شركات أمنية ( إسرائيلية / أمريكية ) “. و بالنسبة للبعد الأخير نقلت محطة تلفزيون سي إن إن الأمريكية ( CNN ) اليوم ( السبت في 21 آب 2010 ) عن اللفتنانت كولونيل اريك بلوم ( الناطق باسم الجيش الأمريكي ) قوله: ” إن انسحاب آخر عناصر كتيبة مقاتلة من العراق لا يعني أنه لم تعد هناك قوات مقاتلة في العراق…”، كما نقل فيليب كراولي المتحدث بإسم وزارة الخارجية الأمريكية عن رئيسته هيلاري روضام كلينتون التلمودية قولها: ” نحن لم نضع حداً لالتزامنا في العراق. سيكون أمامنا عمل كبير لإنجازه !؟. فهذه ليست نهاية أمر، بل انتقال نحو شيء مختلف!. لا جدال في أنه لدينا التزام طويل الأمد في العراق!؟”. وأشار فيليب كراولي إلى :” أن النزاع العراقي الذي أدى إلى مقتل 4400 أمريكي ( على الأقل رسمياً!؟ ) وكلف واشنطن ما لا يقل عن تريليون دولار، كان “ ثمنه باهظاً ”، لهذا لن نتخلى البتة عن ” إدارة الفراغ في العراق ” مستعينين بشركات أمن خاصة للقيام بالمهام التي كانت تقوم بها القوات المنسحبة…”. و استطرد قائلاً: ” سنضاعف عدد موظفي شركات الأمن الخاصة في العراق لرفع عددهم إلى سبعة آلاف مقاتل ( www.cnn.cm ، 21 August 2010 ). كل ذلك يحدث و الطبقة السياسية العراقية المستنسخة عن أزلام الاحتلال العتاة الكبار ( أي الذين جاؤوا على ظهور الدبابات الأمريكية / التلمودية ) تتقاذفهم الآن ظلامات ” الخواء الوطني ” المستوطن في أحضان الصراعات المذهبية و العرقية القميئة…الخ ( أنظر تفصيل ذلك في مقال هام للصحفي البريطاني المميز روبرت فيسك المنشور في صحيفة الاندبندنت (The Independent ) اللندنية بعنوان: ” تعذيب وفساد وحرب أهلية، هكذا تركت أمريكا بصمتها في العراق “، و
v (4) طغيان البؤس و التخلف و الفقر و المرض ما بين دارفور السودانية و منتجعات شرم الشيخ الصهيونية،
و رغم تفاقم أعراض هذا الخواء داخل الوطن العربي، فثمة شواهد مغثةٌ للعقل و القلب تطفو الآن على سطح الأحداث العالمية، لعل أبرزها مثلاً خواء المثل الأمريكية المؤثرة حتى في طبيعة أشياء نفوذ الرئيس الأمريكي أوباما الشرعي و تشتت قواه الرئاسية القانونية، حتى لتكاد تعيقه عن حل أبرز المسائل الوطنية الأمريكية الذاتية، التي انتخبه الشعب الأمريكي لتنفيذها ( أنظر بعض التفاصيل في المقال الهام الذي نشره الصحافي البريطاني المميز روبرت كورنوال صباح السبت 21 آب 2010l، و هو بعنوان: Obama under pressure in test of principle that could define his presidency : أوباما تحت ضغط اختبار المباديء التي قد تشكل قوام رئاسته ” ). هذا و لم يفلت الشأن الطاقي الدولي أيضاً من عبءِ تشتته الاستراتيجي بالخواء الظلامي البترولي هذا، فلقد قام العديد من مؤسسات الشمال الطاقية، كالوكالة الطاقة الدولية ( IEA )، باستغلال عقائد الخواء الحضارية السائدة في عالم الشمال اليوم، لتشويش الأسواق البترولية الاقليمية و الدولية، برغم حيرة هذه الأسواق المرصودة في بحار العروض البترولية الفائضة عن الاستهلاك ( أنظر التفصيل في نبأ نشرته تلفزة سي إن إنالأمريكية يوم الجمعة 20 آب 2010، و كان بعنوان ” الاقتصادات الناشئة تغير نمط الطلب العالمي على النفط ” ). و تأكيداً للأمر، بينت الوكالة الدولية للطاقة هذه: ” أن الطلب ( و ليس الاستهلاك ) على النفط للربع الثاني من هذا العام كان أعلى من مستواه الاعتيادي، وذلك للمرة الأولى في تاريخه، حيث وصل إلى مستوى 86.8 مليون برميل يومياً، متفوقاً على ذروة الطلب على البترول التي يشهدها فصل الشتاء في الفترة بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار من كل عام والتي تقدر بنحو 86 مليون برميل يومياً…الخ “، مشيرة ظلماً و عدوانا إلى أن إقتصاديات أمم الجنوب النامية قد عملت على ” تعطيل ” النمط السائد منذ وقت طويل في الاستهلاك العالمي للنفط. و بناء على هذا الخواء و التشويش الوحشي المتولد عنه ، لن نترقب فحسب نشوب حروبٍ بترولية إقليمية كاسحة جديدة ( ما بين شرقي البحر الأبيض المتوسط و أفغانستان مثلاً ) بل تفجر أحداث استراتيجية كبرى أدهى و أمَرّْ، ألا إلى الله تصيرُ الأمور.
الدكتور عدنان مصطفى
وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )
رئيس الجمعية الفيزيائية العربية
الباب، محافظة حلب، سورية
profamustafa@myway.com
8/21/2010 3:30:06 PM

التعليقات متوقفه