عِنْدَمَا يَحْتَدُّ قَرْعُ طُبُولِ أزلامِ البِتْرُولِ العَرَبْ
في سياق برنامج تفرغي البحثي العلمي الخاص الجديد، الذي أقوم بتنفيذه بمنتهى الهمة في مدينة الباب ( محافظة حلب ، سورية )، إقتضت المودة الانسانية الخالصة الخروج عن برنامج هذا الاعـتـكـاف، و تلبية دعوة أحد الأقارب الكرام بالمشاركة في حفل عرس إبنه في ” ريف ” الباب، أي في قلب ذلك ” الكيان الانتاجي الوطني المزدهر اليوم بعد طول إنحسار! “.
و مع توالي حضور المدعوين، تجلى أمامنا بشكلٍ مثير أداءُ ضارب طبل شاب قام بتقديم عروضٍ صوتيةٍ راقصةٍ شعبيةٍ مبتكرة حقاً. الذي أثار انتباهي في هذا الأداء هو إقتراب قارع الطبل من موائد المدعوين و تقديم مقامات صوتية مثيرة مع هزِّ صدرٍ نسائيٍ لم أشهد له مثيلا من قبل!؟. حينها قام احد جواري المدعوين بإزالة استغرابي حول هذا التصرف قائلاً: ” من هز صدر الطبال، المواكب لضربه الطبل العنيف، يهدف هذا الشاب / الطبَّال إلى حثِّ الشباب على النهوض و المشاركة بحلقة الدبكة من جهة، في حال يتوجه للشيوخ الكسالي مثلنا لاظهار تقديرهم ” المالي ” له و المبادرة بدس بعض المال بجيبه المهتز على صدره أمامنا من جهة أخرى “. فكان أن يسر لي هذا التفسير العملي أمر إبتكار ” حبكة : plot ” مقال رأينا الطاقي الجديد هذا، و ذلك بعد طول توقفنا القاهر عن الكتابة مؤخراً. و في الوقت الذي تضج به من حولنا أصوات ” طبول الحروب البترولية الاقليمية عموماً و العربي منها خصوصاً “، تكشف أنباء الصراع الطاقية، القائمة على قدم و ساق من حولنا اليوم، عن المتابعة الدؤوبة لقوى إمبراطورية الظلام البترولية لعقد مناسبات أعراس رأسمالية دموية: كالتي شهدتها البشرية عبر العقد الأول الفارط من القرن الحادي و العشرين الجاري، و ذلك ما بين إشهار أزلام إمبراطورية الظلام البترولية كشفهم لحقل بترولي مؤمل جديد في أفغانستان مؤخرا، و قيام الرئيس الأمريكي باراك أوباما، يوم الجمعة 13 أغسطس 2010، في نيويورك ( الولايات المتحدة الأمريكية )، بفتح باب الحوار السياسي الأمريكي الداخلي حول بناء مسجد قرب نقطة الصفر ” Ground Zero ” لموقع مركز التجارة العالمي. ففي إحتفالات عرس الدم الامبراطوري الجارية على التراب الافغاني مثلاً، يبرز من بين صفوف أهل هذا العرس طَبَّالٌ أمريكي، إسمه: الجنرال دايفيد بتراوس ( قائد القوات الأمريكية والدولية في أفغانستان )، ليعرض على العالم، و هو يهزُّ سجادة أوسمته الصدرية مؤخراً، عبر محطة إن بي سي الأمريكية ( NBC ) قائلاً ” أنه من المبكر البدء بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان في يوليو/ تموز 2011 “. غايته حماية الاكتشاف البترولي الجديد و تحفيز الشباب من أزلام الشقيقات الأربع البترولية ( بعد إنحسار قيمة شركة البترول البريطانية BP من الوجود الامبراطوري إقتصرت عصبة الشقيقات البتروليات على أربع بدلاً من خمس ” ، أنظر تفصيل ذلك مثلاً في مقال رأينا بعنوان: الْذِئْبُ البِتْرُوْلِيُ الْمَجْرُوحْ: مَاذَا يَنْتَابَهُ الآنْ؟ ، المنشور أصلاً في موقع أخبار النفط و الغاز السوري العتيد، www.syria-oil.com ، 20.06.2010 )، و ليحث القاصي و الداني من هؤلاء الأزلام على المساهمة في ” الدبكة البترولية الجنوبية ” من جهة، و نخس جُنُوبَ و جيوب شيوخ البترول كي تعظم من مساهماتها في دعم ضاربي طبول الحرب البترولية من جهة أخرى. و لا بد لي هنا من بصق حصاة الحكمة الأكاديمية، التي يغبطنا على التمسك بها معظم أخوتنا المفكرين الطاقيين السالكين العرب، و الاعتراف بأنه لم يسبق لي أن وعيت ( عبر متابعة سلسلة أعراس الابتزاز التنموية الطاقية العربية المعاصرة ) إحتمال وجود ” ضارب طبل ” ما، كالذي تمَّ رصده بشكل إستيطاني هجين ما، ليعمل ضمن أحد رؤوس هرم صنع القرار التنموي لأحد الأقطار العربية العتيدة. و رغم تعدد و تنوع حفلات تطبيل هذا الاستيطاني الرأسمالي المتخلف خلال السنوات الأخيرة الفارطة، فقد تبين مؤخرا حدوثً إحتداد هوس تطبيله، ليحط به المقام اليوم عند : (1) تمكنه من فرض مرض ” شقيقة ” فريد في الرؤوس الأبية لمعظم أبناء ريف ذلك القطر العربي الصامد، و ليصبح هذا المرض عائقاً قاهراً يحول دون متابعتهم الانتاجية – الريفية – التأريخية، أو صنع إزدهار إنتاجهم الريفي المشهود من جهة، كما (2) يتابع ليل نهار، و بشكل بهلواني معيب، تطبيلاته التنموية الساخرة ( على حساب الموثوقية الوطنية العربية للنظام الذي دسَّ على غفلة منه فيه !؟ ) بوجه شيوخ التنمية العرب الكبار، من أبناء هذا القطر و المشهود لهم بصنع أشكال مثيرة للفخر عبر معظم مواقف صمود بقاء و نماء وطنهم العربي الكبير و ليس قطرهم فحسب. فهو من خلال استغلال ” موقع نفوذه القانوني الروماني التنموي!!؟ ” في ذلك القطر، أرجع – ظلماً و عدواناً – معظم تخلف الأداء التعليمي / البحثي الوطني في البلاد إلى إنشغال النظام التنموي القطري كلياً بسياسات دعم الفقراء عموماً و أبناء الريف خصوصاً. و تؤكد قرعات تطبيل، هذا المبتكر الجديد في فنِّ التطبيل الاقتصادي الضال، على إرهاص معظم مواطني هذا القطر أو ذاك باعباء ضربية قانونية رومانية مالية قاتلة لبقائهم و نمائهم، و لينطبق عليهم رؤية العالم الاقتصادي الأوروبي فيديريك باستيات ( Frédéric Bastiat ) القائلة: ” سيتم سحق الناس بإصرٍ ضريبي ما، و سيتراكم قرض فوق الآخر، حتى ليتم إنضاب الحاضر، عندها تأتي آلة الدولة لتلتهم المستقبل..”. على أي حال، أنا لا أعتقد أن خلفية بنيان هذا النظام القطري العربي الحاكم الوطنية التاريخية ستسمح بعد، و بأي شكل من الأشكال، لمثل هؤلاء الطبالين بمتابعة إرتياد أعراس نمو الناس الوطنية – العربية الصادقة، و لكل مقام مقال.
الدكتور عدنان مصطفى
وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )
رئيس الجمعية الفيزيائية العربية
Tuesday, August 17, 2010

التعليقات متوقفه