بَيْنَ الخَائِفِ وَ المُخِيْفْ:كَيْفَ يَسْلُكُ الحَصِيْفْ؟
مع إطلالة هلال الثالث من شهر جمادى الأول 1431 هجري ( الاثنين 17 أيار 2010 الجاري ) برز في سماء طهران نجم إتفاق الزعماء: لولا دا سيلفا ( البرازيل )، رجب طيب أردوغان ( تركيا )، و محمد أحمدي نجاد ( إيران )، لينير بداية الانطلاق لحسم صراع الشمال – الجنوب الكهرونووي. دون ريب، لقد أذهل فلاح هذه القمة الثلاثية الجنوبية، بعد توقع فشلها، عقل صقور الامبريالية – التلمودية، و أطاش حجر صوابها، فتراوح إنفعالها بين:
التأييد النسبي الأوروبي عموماً و ذلك على النحو الذي بينه وزير خارجية فرنسا برنار كوشنير حين قال عبر اذاعة فرنسا الدولية تحديداً ما يلي: “يسعدني التوصل الى هذا الاتفاق. ونحن نرحب به (…) وبمثابرة اصدقائنا الاتراك والبرازيليين. الحوار دائما مفيد، والاستماع دائما افضل، …و ليس مطلوبا منا نحن أن نرد، فالوكالة الدولية للطاقة الذرية هي المخولة بذلك”،
الوسطية النسبية البريطانية – الألمانية خصوصاً التي أكدها عليها ، بشكل منفصل، بيان الحكومتين القائل بما معناه: ” يبقى من المهم أن تتوصل ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرية الى اتفاق”.
التطرف الأمريكي – الاسرائيلي القائل: ” إن إيران “تلاعبت بتركيا والبرازيل،…حتى ليمكن القول أن البرازيل قد تصرفت ببعض السذاجة (!؟).. الخ “.
و المثير للضحك بالنسبة لردة الفعل الأخيرة ما جرى خلال المؤتمر الصحفي لوزارة الخارجية الأمريكية في هذا الشأن: حيث بدا المتحدث الأمريكي مضطرباً / خائفاً، حتى نسي نفسه أنه يمثل غطرسة كوندوليزا رايس و صلف هيلاري روضام كلينتون، و ضرب نفسه بالحائط و هو يكرر قائلاً: ” إن إتفاق الفرصة الأخيرة هذا لا يهديء من مخاوف القوى النووية الأعظم …”. من تابع هذا المؤتمر حتى نهايته تعجب من تحول طبيعة أشياء الولايات المتحدة الأمريكية، بل القطب الامبريالي النووي الأعظم، من رَهَطِ ” المخيفين ” المعتقدين بأن هذا الاتفاق ” سيعقد الأمور ” في الشرق الأوسط إلى حظيرة ” الخائفين “. و من جهة أخرى، يمكن القول بمنتهى البساطة و الشفافية و الوضوح، بأن إتفاق قمة طهران الثلاثية هذه قد نصَّ جهاراً على: تبادل الوقود النووي لصالح المشروع الكهرونووي ( أي السلمي ) وفقاً لمنظور الوكالة الدولية للطاقة الذرية ( IAEA )، و ذلك بمنتهى رضا ” الصامدين ” على الجانب الايراني الذين أكدوا استعدادهم ” لايداع ” 1200 كيلو جرام من اليورانيوم منخفض التخصيب لدى تركيا تمهيداً لمبادلتها بوقود عالي التخصيب وذلك بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. و في هذا الصدد، وعقب التوقيع على الاتفاق يوم الاثنين 17 أيار 2010، أكد الرئيس الايراني قائلاً: “بعد التوقيع على اتفاق التبادل النووي، حان الوقت لدول مجموعة 5+1 ( أي عصبة الخائفين ) للدخول في مفاوضات مع ايران ( التي باتت في زعامة المخيفين؟؟!! ) مبنية على الصدق والعدل والاحترام المتبادل” ( أنظر التفاصيل مثلاً في كل من تقرير صحيفة الأخبار اللبنانية المنشور يوم الثلاثاء 18 أيار 2010، بعنوان: ” اتـفاق طهران: 5 إختراقات إيرانية تربك الغرب “، و تقرير وكالــة فوكـس الاخبارية العالمية : www.FOXNews.com ، المنشــور في مســاء الاثــنيــن في 17 أيـار 2010 بعــنــوان: ” Iran Fuel Deal Puts U.S. in Check in Ongoing Nuclear: Chess Match “.
على أي حال، أحمد الله على أن: اتفاق قمة طهران الثلاثية، المشار إليه أعلاه، قد جاء ليزيل حيرة علمية – سياسية – طاقية غشتني بُعيد قراءة بيان مؤتمر الطاقة العربي التاسع ( 9-12 أيار 2010 ، الدوحة، قطر ): ففي هذا البيان الانشائي الرتيب حقاً(!؟)، سجل صناع قرار المؤتمر سبقاً إعلامياً مثيراً يقول بلغتنا الوطنية – العربية ما معناه: ” أيها الناس: ما بيدنا حيلة (!)، سامحونا على تغييب راية العمل الطاقي العربي المشترك، فليس ثمة جديد – تحت شمس العرب الغاربة – يرغمنا على التحول عن هذا الباب الذي ليس أمامنا غيره الآن. أليس من الحصافة، ايها العربان، أن نستغل هذا المؤتمر الاستراتيجي العربي العتيد لبث الطأنينة لدى مستهلكي البترول الكبار ” الخائفين ” إياهم؟، ألا ترون أنه من الحكمة بمكان الشدَّّ على يد أولئك ” المخيفين ” من أمم الجنوب المصدرة للبترول ( أعضاء أوابيك أولاً ) و جعلها لا تهتز و هي تفتح أكياس عوائدها البترولية مشرعة شذر مذر للانفاق على مشاريع تطوير المشاريع البترولية العربية ( ما بين رأس البئر و حتى المصافي العتيقة )؟، ألا ترون أن السلامة في المكان الخاوي / الخالي / المظلم السائد اليوم بين رأس الخائفين ( أي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً ) و رأس المخيفين ( أي إيران مثلاً ) أن يتبارى عقلاء مؤتمر الطاقة العربي التاسع و ما بعده، في تبرير الصبر على العيش القنوع تحت سيف ديموكليس التلمودي المعلق فوق رأس العرب اليوم؟. و لنا كبير أمل في أن تغبطونا على تجاهدنا في هذا المؤتمر و نحن نعمل على إعلاء رايات عقائد أمن الخائفين الطاقية؟، فيا أيها المؤمنون بعقائد الأوبيك و الأوابيك التقليدية المخيفة (!؟): فكروا معنا بغيرها الآن قبل فوات الأوان. ترفقوا بحالنا، فنحن من خلال العيش تحت راية القنوع العربي نضمن بقاءكم معنا، لهذا نحن بامس الحاجة لدعمكم، ففي إطار هذا السلوك تضمنون صالح أمن بقائكم.ألا ترون معنا بأن استغلال أعمال مؤتمر الطاقة العربي التاسع هو، في ختام عيشنا العربي، لازم لترسيخ الضرورات الأمنية المطلوبة تحت خيمات ” المخيفين ” المرتعدين أولاً، فالعرب منهم بخاصة هم أحوج ما يكون اليوم للمواساة، كما يقول المثل العربي ” إن أخاك من واساك “، فهم أيضاً – كما تعلمون – يعانون من الآثار الجانبية لتناولهم الشديد ( بل إدمانهم ) لعقارات المخيفين (!؟) و في مقدمها عقار السيلدينافيلد إياه، و ليتكم تنضموا إلينا بعيد المؤتمر لمتابعة صنع إنتظام فسطاط الراكعين / الساجدين عند أقدام السلام الآن.
الدكتور عدنان مصطفى
وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )
رئيس الجمعية الفيزيائية العربية
طباعة المقال
التعليقات متوقفه