ترانس غاز: التكلفة تجاوزت 310 ملايين دولار…. السورية للغاز: “العقد شريعة المتعاقدين”

b14-8.jpgمازال الجدل مستمرا.. ومازالت المطالبة من شركة ترانس غاز الروسية بالمبالغ التي دفعتها زيادة على قيمة المشروع في المنطقة الجنوبية من المنطقة الوسطى “الفرقلس” مستمرة من الشركة السورية للغاز.. لكن العقد شريعة المتعاقدين كما تقول المصادر السورية للغاز.. والقضية في يد مجلس الوزراء..


القصة بدأت منذ عام 2005 عندما رست المناقصة على شركة ترانس غاز الروسية وتم توقيع العقود ذات الرقم 92/2005 بتاريخ 5/12/2005, وتلاها رقم

الاعتماد المستندي رقم 9/2006، واتفق الطرفان على أن مدة التنفيذ اثنان وعشرون شهراً بدأت من 4/4/2006، بقيمة تقدر للمشروع 190 مليون دولار ومليار ليرة سورية، حيث سيتم تنفيذ المشروع على أساس مفتاح باليد (الدراسات الهندسية والتوريد وأعمال التركيب والتشغيل الأولي).. لكن ما حصل بعد ذلك أدى إلى تأخر تنفيذ بعض مراحل المشروع وارتفاع قيمة التكاليف الحقيقية للمشروع التي قدرها الجانب الروسي بما يزيد على الـ 120 مليون دولار، وحسب رواية الطرفين، فإن المشكلة مستمرة والسجالات أيضاً مستمرة.

رواية “السورية للغاز”
بدأت المباشرة في المشروع بتاريخ 4/4/2006 ومن المعروف أن مدة المشروع كانت حسب العقد 22 شهرا، وبعد أن حصلت شركة ترانس غاز على دفتر الشروط الفنية المتضمن التصاميم الأساسية المبدئية للمشروع، إضافة إلى متطلبات الشركة السورية للغاز، من حيث الالتزام بالقياسات العالمية وبالأخص شركة الفرات للنفط، حسب رواية حسين وداعة مدير تطوير واستثمار الغاز الطبيعي، مضيفاً أن المقاول يجب أن ينفذ العمل ضمن شروط العقد، فالتصاميم الموجودة أولية وهي مصممة على أساس 100 % وعلى المقاول أن يقدم تصاميم 120 % من العمل.
ويشير وداعة إلى أن الروس قدموا التصاميم الأساسية للمشروع وتم اعتمادها من قبل الشركة السورية للغاز، لكن بعد مضي فترة من الزمن ومن خلال بحث المقاول في الأسواق لتأمين المعدات، تبين لديه أن الأسعار أعلى مما كان متوقعاً، فعادت ترانس إلى الشركة السورية للغاز بالطلب إليها مناقشة بعض التعديلات على التصاميم المعتمدة، والمقبولة سابقا بهدف تخفيض النفقات، فلم يتم التعديل من قبل “السورية للغاز” ويشدد الوداعة على أن التعديلات تمت بطلب وفعل “ترانس للغاز”، وتمت مناقشة المقترحات من قبل المقاول وتم الاتفاق على صيغ فنية وحلول تناسب الطرفين وبما لا يخالف العقد الموقع بين الطرفين، وتم توقيع محضر مشترك بذلك والتزم الجانب السوري بتنفيذ التعديلات من دون أي انعكاس مالي أو زمني على التغييرات.

• لا طلبات إضافية على العقود

وينوه مدير تطوير واستثمار الغاز الطبيعي إلى أن الجانب الروسي ادعى أنهم قدموا أكثر من المتطلبات العقدية، وتثبت “السورية للغاز” أنه لا يوجد طلبات إضافية للشركة السورية للغاز ، وإنما قدم المقاول التصاميم وتم اعتمادها من قبل السورية للغاز ووفق الفقرة العقدية 9-3 من العقد القائلة “إذا دعت الحاجة إلى إضافة منشآت أو معدات بغية تحقيق ضمان التنفيذ المطلوب بمقتضى أحكام هذا العقد أو لتنفيذ المشروع وفق الممارسة الهندسية الجيدة والمواصفات العامة والمواصفات القياسية الواردة في دفتر الشروط فيترتب على المتعهد أن يقدم كل تلك التوريدات من دون أن تتحمل الإدارة أية تكاليف إضافية، رغم أن تلك التوريدات ليست مذكورة في العقد”.
ويؤكد وداعة أن التصاميم التي قدمت من قبل الروسية واعتمدت من قبل السورية هي من إعداد شركة التصاميم والدراسات الألمانية CAC وهي طرف محايد وتمت موافقة الطرفين عليها، (وهو ما أكده كلا الطرفين بالموافقة على التصاميم)، وهو وفقا للمتطلبات العقدية ودفتر الشروط الفني المعتمد وتم اعتمادها من قبل الشركة السورية للغاز، وجميع التعديلات التي اتفق عليها بعد أن رأى الجانب الروسي ارتفاع الأسعار وتم توقيع محضر على ذلك بشرط الالتزام المالي والزمني بالعقد الموقع بين الطرفين بتاريخ 4/12/2006، حيث تقول الورقة الأخيرة من المحضر، إنه تمت مناقشة التعديلات تحت طلب شركة الغاز الروسية من دون أي تكاليف إضافية أو تأثر بالزمن، وعلى “ترانس غاز” أن تمتثلَ إلى المتطلباتِ وبنودِ العقدَ من دون تأخير في تنفيذِ المشروعَ (فترة تَعَاقُدِيّة)، مما يؤكد أن قيمة العقد ثابتة، لكن الروس لم يلتزموا بالعقد وطالبوا بتعويض خسائر.

• المواصفات العقدية

وبين وداعة أن المواصفات هي من شركة الفرات للنفط التي تحدد مواصفات دقيقة للمواد والمعادن وكيفية متابعة الأعمال التي تتضمن التصاميم والمعدات والمنشآت النفطية، بالإضافة إلى المواصفات العقدية المتفق عليها بين الطرفين، حيث شمل العقد كامل المواصفات والتي وافقت عليها شركة ترانس غاز، ومعروف أن العقد جزء كامل لا يتجزأ.
ومن خلال المتابعات تبين وجود بعض الزيادات في مجموع بعض الأعمال والمعدات وكذلك وجود نقص وحذف لبعض المعدات والأعمال.. ولأن المشروع هو مفتاح باليد حسب نصوص العقد والزيادة والنقصان ناجمان عن متطلبات فنية ضرورية للتشغيل الآمن للمشروع، فإنه وفقا للمادة 9-3 من العقد لا يحق للمقاول المطالبة بأي شي.
وقال مدير تطوير واستثمار الغاز الطبيعي، إن المقاول لا يرى سبيلا لتعويض خسائره الآن، إلا من خلال الادعاء بوجود أعمال إضافية في المشروع على أن كل الخدمات والأعمال الإضافية هي حق عقدي يجب أن ينفذها وفقا لـ 9-3 من العقد.

رواية “ستروي ترانس غاز الروسية”
منذ أن تم توقيع العقد مع “السورية للغاز” في تاريخه بدأ العمل وفقاً لقول فلاديمير بوزندشف نائب رئيس شركة “ستروي ترانس غاز الروسية”، لكن التصاميم التي قدمتها الشركة السورية كانت تحوي عددا من الأخطاء لم تظهر في البداية، لكن بعد الدخول في التفاصيل، ظهرت هذه الأخطاء وتم إخطار الشركة السورية للغاز بذلك، وبالفعل طلبت السورية للغاز التعديل من ستروي غاز، وأخبرت ستروي الجانب السوري بارتفاع النفقات للمشروع للتعديلات، والجانب السوري أصر على التعديلات، وكان تعديل التصاميم الفنية وأصبحت القيمة الحقيقية بسعر جديد غير المكتوب.
وأكد مرة أخرى أنه في وقت التنفيذ ذاته وبسبب تأثير وتغيير الأعمال المنفذة والواجب تنفيذها، حيث ازدادت الأعمال بشكل ملحوظ، والبروتوكول الملحق على العقد فيه اعتراف من الشركة السورية بالأعمال الإضافية، حيث هناك فرق بين التصاميم التي وقعناها مع الشركة السورية والتصاميم الفعلية التي نفذتها الشركة في ما بعد، واعتمدتها ترانس والشركة السورية للغاز، ولم يقدم أي أوراق على ذلك”.

• رواية مغايرة

غيوركي كبنجي مدير المشروع في حمص، قال إنه تم طلب عدد من الطلبات بمعزل عن العقود، وبعد أن تم تنفيذها، رجعت السورية للغاز بالقول إنها تريد العودة إلى العقود، وخلال تنفيذ المشروع ظهرت طلبات جديدة معدلة للشروط الأولية مما اضطرنا إلى التعديل.
ويشير نائب رئيس شركة ستروي ترانس غاز الروسية إلى أن الالتزامات العقدية كانت دراسة التصميم والتأكد من صحته، وبناء عليه إعداد تصميم مفصل ونهائي، والتقيد بكل الشروط الفنية التي أعطيناها للجانب السوري، أما الشروط الفنية التي أخذناها من الجانب السوري تتضمن أخطاء وتناقضات كبيرة، وبالفعل التصميم النهائي بعد أن انتهينا من إعداده في الشهر 5 لعام 2007 أي مرت سنة على تقديم التصميم الأساسي 2006 والتصميم النهائي لعام 2007، وبذلك يوضح بوزندشف أنه بعد الشهر الخامس من العام 2007 وبناء على التقييم النهائي، بدأت الشركة في طلب المعدات واضطررت إلى وضع طلبات الشراء بأسعار حديثة غير أسعار الـعام 2005 وبعد أن تغيرت أسعار العالم كلها، والمعروف أن ترانس ليست السبب وإنما كانت ننفذ إرادة الجانب السوري، لذلك نحن مصرون على تصديق أسعار المعدات من الشركات على الأسعار الجديدة، آملاً أن الجانب السوري سيتخذ قرارا مناسبا لمصلحة المتعهد، حيث ترانس تدفع من جيبها أموالا تقدر بـ 120 مليون دولار زيادة على المشروع؛ لذلك طرحنا الموضوع بشكل حثيث أمام الإدارة السورية، والموضوع حتى الآن معلق ولم يبت فيه وترانس مازالت تعمل والتنفيذ مازال مستمرا والتوريدات مازالت تأتي إلى سورية، مضيفاً أن المعدات بالقيمة الإجمالية تصل زيادة على العقد إلى ما يقارب 128 مليون دولار.

• المطالبة.. بالتكاليف

وشدد بوزندشف على أن الشركة لا تطالب بأي ربح، وإنما تطالب بالنفقات الفعلية والحقيقية التي دفعتها وهي قيد النقاش والتفاهم بين الشركة السورية للغاز والحكومة السورية وإدارة السورية للغاز، ولم تحصل ترانس على وثيقة من الحكومة في ما يخص التعويض عن الشركات، حيث زار رئيس الشركة في موسكو سورية ثلاث مرات ولم يحصل على نتيجة.

محاولات للحل
ما أشار إليه مدير تطوير واستثمار الغاز الطبيعي أن الخسائر كانت بسبب التأخير في البدء بعملية شراء المعدات والآليات التي سببها الأساسي التأخر في وضع المخططات والتصاميم النهائية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد، وهو ما أشار أليه أيضا نائب رئيس شركة ترانس غاز ووافق عليه، بالإضافة لاختلافات بين أسعار الدولار، حيث من الشروط العقدية أن تشتري الشركة الروسية المعدات من الدول الأوروبية وضمن لائحة شركات تم تسليمها للشركة الروسية مع دفتر الشروط، بالإضافة إلى الحظر الأمريكي من بيع المعدات النفطية أو المتعلقة بهذه الصناعة السورية، ونتيجة شراء ترانس غاز من الدول الأوروبية المتعاملة باليورو أدى إلى اختلاف في أسعار صرف العملة بين مرحلة توقيع العقد ومرحلة الاتفاق على المعدات، (حيث كان الدولار عام 2005 يقارب 1.2 من اليورو، فيما كان عام 2007 يقارب الـ 1.9) أيضا اتفق على هذا الطرفان، وتم البحث في رئاسة مجلس الوزراء بالشكوى المتكررة من ترانس غاز، وتم تشكيل لجنة للنظر في متطلبات الشركة الروسية برئاسة عبد الله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء وعضوية كل من المهندس سفيان العلاو وزير النفط، والدكتور فؤاد الجوني وزيرالصناعة، والدكتور أحمد العلي وزير الكهرباء.
وبين مدير التطوير في السورية للغاز أنه تم إعفاء الشركة من الشرط الجزائي المقدر بـ 40 مليون دولار، ونفقات تمديد الاعتماد التي دفعتها الشركة السورية للغاز، مع أن العقد يقر بأن المسبب هو من يدفع، بالإضافة إلى إعفائها من جميع الرسوم والضرائب في سورية، فيما أوضح نائب رئيس شركة ترانس أنه لا يوجد أي تأخير وإلا تمت مطالبتنا بغرامات التأخير المقدرة بـ 40 مليون دولار.

المشروع.. إلى أين؟
يعد المشروع من أهم مشاريعها الحيوية، حيث سيسهم في دعم الاقتصاد الوطني عبر توفير مصادر إضافية للطاقة، وخاصة في ظل الطلب المتزايد على الغاز كمصدر نظيف للطاقة من قبل القطاعات الصناعية المختلفة وخصوصاً محطات توليد الطاقة الكهربائية، حيث يبلغ الإنتاج المقدر للمعمل بـ ( 6-7.2) مليون متر مكعب/ يوم غاز نظيف، (50-60 طن / يوم) الغاز المنزلي، و ( 4430- 5300 برميل / يوم) المكثفات.

ملاحظات في التحقيق:
في الشركة السورية للغاز، لم يمانع المهندس علي عباس مدير عام الشركة في الكلام مع أي شخص له أي علاقة، بل قال: ما يهمنا هو الشفافية وكل الشركة بأوراقها تحت أمرك، نتهاون في كل شيء إلا في التقصير والفساد.
وفي المقابل شركة ترانس غاز، قدمت كل التسهيلات لكن بخلت بالأوراق، خاصة محضر الاجتماعات الملحق للعقد؛ بدعوى أنها سرية.

جريدة بلدنا


طباعة المقال طباعة المقال

قد يعجبك ايضا

التعليقات متوقفه