العَرَبُ فِي القَفَصِ الزُجَاجِيِّ البِتْرُولِيّْ

تلخيصاً لمعظم: الأفكار العلمية القيِّمةِ، و الآراء السياسية العربية، و الاشارات التقنية المتقدمة، و الحكم الوطنية الخالصة/المخلصة المبداة حتى اليوم على رأينا المتواضع المنشور مؤخراً في العديد من المواقع الالكترونية الدولية و العربية المعتبرة، بعنوان: ” البِتْرُولُ العَرَبِيُّ عِنْدَ شِفَارِ الظَلامِ : Arab petroleum at edges of darkness “،

 يبدو ثمة توافق عميق حول رؤية الجميع معنا لهذا المقام العربي المقيت الراهن. من بين هذا الاجماع الكبير برز تساءلٌ كبير أبداه صديق – سالكٌ ( scholar )، لم يتوانى البتة عن المرابطة على ثغور ” مدرسة العلم العربية ” المستضعفة، يقول: ” ليتك جَهَرْتَ بطبيعة أشياء ذلك القفص الزجاجي البترولي الذي ترهص شفار ظلاماته اليوم بقية العيش العربي العزيز “، كل ذلك إضافة لرغبة معظم هؤلاء الأصدقاء في متابعة تزويدنا الشباب العربي الناهض بالمزيد من حقائق رأينا المتواضع المنشور مؤخراً أيضاً بعنوان: ” إشْكَالِيَةُ العِلْمِ وَ الوُجُودِ الانْسَانِيّْ : Problematique of Science and Humane Being “، 15 – 3 – 1431 هجري، موقع: www.syria-aleppo.com ). و امتثالاً لهذا ” الأمر ” فإنه ليشرفني في هذا المقام أن أبدي في هذا الصدد ” موقفاً – staying ” وطنياً – عربياً – صوفيزيائياً أمام الرأي العام العربي الكريم.

 

و تيسيراً لاظهار مقامنا العربي في القفص الزجاجي البترولي هذا، سوف أعتمد محاكاة ( simulation ) الشاهد البسيط التالي: تتسم نافذة مكتبي بتجهيزها بزجاج خاص: فهو لدى سطوع ضوء النهار عليه، يتحول لمرآة عاكسة صقيلة خارجية، تحجب رؤية الجوارالمتلصص على ما يجري داخل مكتبي أثناء النهار. و إن أردت، يسمح لي هذا الزجاج العاكس – وحيد الاتجاه، بفرصة مراقبة سلوكهم المريب، دون أن يروني و أنا أعمل بحرية داخل مكتبي المتواضع. و مع مطلع ربيع عام 2010 الجاري، جذبت انتباهي أصوات نقر متتابع على زجاج مكتبي العكوس هذا، لأتبين لاحقاً أن عصبة من شحارير جميلة ( وفدت مع قدوم الربيع إلى الحديقة العامة المجاورة لنا )، لا تتواني حتى الآن يومياً عند انبلاج نور الصباح عن أن ترفرف بجناحيها قرب زجاج النافذة، ثم تبادر بالهجوم على خيالها البادي على زجاج النافذة المرآة، تحسب – في وقت تزاوجها الربيعي الآن – انها قد عثرت على نظائرها الحبيبة في الوقت المناسب لربيع ممارسة جنسها. و في المقابل، و على صعيد الواقع العربي العام، حيث يسود الظلام (!؟) خارج القفص الزجاجي العاكس الحاكم الذي يحتوينا اليوم، أصبح إحتمال إنقلاب ظاهرة المرآة العاكسة ممكناً من الداخل، و عليه فقد كلفت إمبراطورية الظلام الرأسمالية ” معظم ” أدوات (!؟) النظام العربي الحاكم، و ” كلّْ ” أجهزة الاعلام العربية الرسمية و الدولية الخاصة، بل الموجهة بالعقائد الامبريالية – التلمودية، بإيقاد كل ما هو متوفر لديها من شديد ” الأنوارالمولدة بترولياً ” و تصويبها على الجانب الداخلي للقفص الزجاجي الذي يحتوينا تحديداً، لتبهرهذه الأضواء أنظارنا، و تحجب بالتالي رؤية تحركات إمبراطورية الظلام البترولية و أزلامها المستوطنين من حولنا، كل ذلك مع مواكبة هذا الفعل ” بشحن ” أجيالنا العربية الشابة بتنوع مثير من أحاسيس التوق الجنسي الربيعي ( lust ) الحار ( أي ذلك المحاكي لتوق الشحارير المشار إليه أعلاه )، و لهذا نرى مع إطلاقة شعارات مثل ” شلونك…كونك بلونك “، ذلك التنوع المثير من مشاهد هجوم الطيور العربية الشابة على زجاج القفص العربي: فنبصر – دون حول و لا طول – كيف تتكسر أجنحتها على مرايا الامبريالية – التلمودية مثلاً، و نتألم حسرة على إراقة دماء وجودهم الوطني – العربي فوق مذبح ” التمدن الشمالي – الدموي الجديد ” الزاحف على حياتنا العربية المرهصة بالتعاسة اليوم.

 

و في جميع الأحوال، يكشف الوطنيون – العرب الأمجاد عن شمول و حِدَّةِ بصائرهم، و هم يسعون متجاهدين للافلاتِ من القفص الزجاجي البترولي، فنشهد جهاراً مثلاً

:

v كيف تمكن المقاومون العرب من كسر العديد من جوانب زجاج القفص الحاكم، ليخرجوا من خلالها في لبنان و فلسطين المغتصبة و في بلاد الرافدين المحتلة، متابعين مواجهتهم لمختلف أشكال العبودية الامبريالية – الوحشية التي فرضت عليهم من قبل، أي خلال بناء القفص الزجاجي البترولي هذا، مع المواظبة على التجاهد بواقعية متمدنة لصنع الغد العربي المشرق. و تعبيراً عن هذا الانتصارالمبدئي، نقرأ مثلاً و باحترام عميق ذلك التصريح الوطني – العربي الذي أبداه الزعيم اللبناني الجنرال ميشال عون يوم 14 آذار 2010 الجاري ( أي عند استذكار أحداث التدمير الشامل الذي فعلته يد العدو الصهيوني في 14 آذار قبل أعوام سوداء خلت ). و قد تجلى تميز هذا الخطاب التاريخي المثير للفخر اليوم: (1) بإثباته تمسك اللبنانيين الشرفاء خصوصاً و العرب الأوفياء عموماً بسلاح المقاومة، و تأكيد تمسك الشرفاء – الأوفياء العرب بالتزامهم الفعلي بواجب حماية بقاء / نماء الدولة اللبنانية، باعتبار أن الوفاء بتحقيق هذا الواجب إنما يجسد السبيل الوحيد لتخليص الكيان الشرعي اللبناني الوطني من رزايا و بقايا و فلول أزلام الامبريالية – الأمريكية – التلمودية، بل تلك القوى التلمودبة الفاعلة من قبل في إيقاد نيران الحرب الأهلية اللبنانية الفارطة، و (2) توق اللبنانيين جميعاً إلى إدخال ” قوة الشباب الوطنية ” ضمن مسيرة بناء الوطن في ضمير المستقبل، و ذلك من خلال خفض سن الاقتراع في مختلف الاستحقاقات الديموقراطية – التوافقية الناظمة بشكل ما لبقاء و نماء البلاد تحت راية الأرز الوطنية الخفاقة. و يعتقد الوطني – العربي الكبير الجنرال ميشال عون، أنه بعد إنفلات لبنان من قفص الامبريالية الزجاجي البترولي و تميزه كقطر عربي مواجه حقاً، و فلاح مقاومته الأبية في صنع انتصارها المشهود في عام 2006 على كل من العدو الصهيوني و أزلامه في الداخل اللبناني و خارجه،” لن يكتب لاسرائيل أية غلبة ما علينا في المستقبل…”، و

 

v كيف بدأ نهوض الرأي العام العلمي العربي باتجاه تعزيز” قوة العلم العربية ” اللازمة و المنظورة: لكسر قفص التبعية العلمية – التقنية للغير، و لشحذ همم أبناء المجتمع العلمي العربي باتجاه تفعيل مسيرات البحث و التطوير العلمية العلمي خارج هذا القفص الوحشي الرهيب. فمن خلال: (1) إرساء إستقرار وحدة أبناء المجتمع العلمي العربي على أسس وحدوية – وطنية – عربية راسخة، و (2) تعزيز جهود عصرنة مختلف بنى المؤسسات الأكاديمية العربية المشتركة، و ليس خصخصتها (!؟)، و (3) السير قدماً على طريق تقدم البحث العلمي العربي الخير سيتقدم المجتمع العلمي العربي في إرساء هذا المقصد الحضاري الكبير، و سيتاح ” لمدرسة العلم العربية المجيدة ” الانطلاق باتجاه صقل سيوف ثروة العرب التقنية الوطنية، فليس ثمة سواها القادر على صنع صمود الأمة العربية بوجه أسلحة الدمار العدوان الحضاري الشامل المشرعة دوماً فوق عنق الشعب العربي من المحيط إلى الخليج.

 

الدكتور عدنان مصطفى

وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )

رئيس الجمعية الفيزيائية العربية


طباعة المقال طباعة المقال

قد يعجبك ايضا

التعليقات متوقفه