البِتْرُولُ العَرَبِيُّ عِنْدَ شِفَارِ الظَلامِ
يتزامن في عالم الشمال اليوم حدثان مميزان هما: (1) بدء تصاعد الأسعار البترولية في الأسواق العالمية حتى 82.04 دولار للبرميل الواحد في التعاملات الإلكترونية لبورصة نيويورك التجارية ( الاثنين، 08 آذار/مارس 2010، CNN )، رغم زيادة المخزون الأمريكي الخام من 4.03 مليون برميل، إلى 341.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 26 فبراير/شباط الفائت،
وهو أعلى معدل احتياط منذ أغسطس/آب الماضي، و (2) احتدام تنافس الشأن الاعلامي الدولي ضمن احتفالات ” الأوسكار – 82 السينمائية ” في مساء السابع من آذار 2010، و من ثم مفاجأة جميح الحضور بمنح المخرجة الأمريكية المثيرة كاثرين بيغيلو ( Kathryn Bigelow ) و مجموعتها، ست جوائز أوسكار – دفعة واحدةً – لانتاجهم معاً فيلماً حربياً جديداً بعنوان: ( The Hurt Locker – حَابِسُ الأذَىْ ). ربما فعلت ” حبكة – plot ” الفيلم فعلها في صنع هذا القرار المفاجيء و ذلك حين عالجت تجربة (!؟) ذلك العسكري الأمريكي المختص بنزع الألغام و المتفجرات، التي زرعتها و لم تزل أيادي المقاومة العربية دفاعاً عن ذاتها (!؟) في بلاد الرافدين، كل ذلك دون الاشارة – بشكل ما – لواقع عمليات ذبح و تهجير ما لا يقل عن بضعة ملايين من أهل العراق، أو التعرض لحقائق الدمار الشامل الذي ألحقته قوى الشمال الغازية و المحتلة لبلاد الرافدين البترولية ( أي التي عمل في إطارها حابس الأذى – The Hurt Locker هذا ) منذ مطلع العقد الأول من القرن الحادي و العشرين الجاري و حتى اليوم. و بذلك يتابع معظم النظام العربي الحاكم، و الرأسماليين العرب، عبثهم المثير و المميز مع كل من ” شفار ” الأسواق البترولية و المخرجة كاثرين بيغيلو الأمريكية دون حياء و لا خجل. ثمة العديد من محللي الشأن الطاقي العربي و الدولي قاموا حتى اليوم بعزو هذا النهوض في ارتفاع الأسعار الطاقية الشمالية إلى: (1) مضي الطلب العالمي في صعوده المنظور قبلاً، و هو قدر حقُ لاريب فيه، و (2) للهبوط المثير في إنتاج البلدان المصدرة للبترول ( أوبيك )، و هي حقيقة صادقة مؤكدة حتماً، حيث بلغ معدل هذا الانخفاض حدود 6 % ( أي من 21. 4 إلى 20.5 مليون برميل في اليوم قبيل شروق شمس عام 2010 )، و (3) هامشية نمو احتياطيات البترول العالمية ( أي وقوف معدلات نموها عند 1 بالألف وسطياً، عن التقديرات المؤكدة و المنشورة في نهاية عام 2009 ) من جهة، و ضآلة نمو احتياطيات الدول العربية ( أي وقوفها عند 3 في العشرة آلاف وسطياً عند نهاية عام 2008 ) من جهة أخرى، و (4) تعاظم حجم الفراغ السياسي لدى الأنظمة العربية المتحالفة مع إمبراطورية الظلام البترولية ( أي التي تقودها عصبة الشقيقات البتروليات العالمية الخمس )، و (5) تزايد عدد الفاشلين من أزلام المصالح الامبريالية – الرأسمالية ( سواء في أعلى الأرض و أدناها أو في مشارقها و مغاربها ) و (6) إنحشار حلول الصراع العربي – الصهيوني في أعناق زجاجات الخوف المتنامي القائم اليوم لدى الكثير من الحكام العرب من خشية رؤية توقد يومٍ وطني – عربي تخشع فيه الأبصار. و بناء على ذلك، يمكن لمخرج سينمائي عربي ذكي ( بل متابع لاحتفالية الأوسكار 82 التي إكتملت فعالياتها يوم الثامن آذار ) أن يتشجع، و يتقدم من رأس روتانا الامبراطوري الصاعد (!؟)، فلعله يحظى في الحصول على مباركة قدسية من ” شماغه ” الفريدة، و ينال تمويلاً مناسباً ما، قد يمكنه فعلاً من ” صنع ” فيلم بعنوان: ” حابس الدم – The Blood Locker “ مثلاً، معتمداً في ذلك على ” حبكة – plot ” السيناريو البترولي المنشور اليوم، ( الثلاثاء 9 آذار / مارس الجاري )، من قبل حكومة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ، أي ذلك المبني على أحدث استطلاعات مؤسسة بلومبرغ الأمريكية. كل ذلك بغرض رفع ثقة المستهلك الشمالي بإدارة الامبريالية الأمريكية – التلمودية لشؤون الطاقة العالمية ( باعتبارها أكبر مالك و مستهلك للطاقة في العالم ). و بتحقق الأمر الأخير، نتوقع أن تشهد المسارح السياسية العربية ( في سرتة مثلاً ) و اللبنانية و العراقية حتماًً ( بل مسرح القمة العربية المنظور، و مسرح طاولة الحوار اللبنانية الثالثة، و مسرح الانتخابات الديموقراطية العراقية (!؟)، الملتبسة و المنتهية البارحة، على التوالي ) عن خزي عربي جديد يتجسد في خروج الكثير من مبتكرات ” اللعب – البترولية – التلمودية : Oily Puppets ” للعلن مطالبة بأوسكاراتها الماكيافيللية القميئة، الأمر الذي يدفعنا إلى التمسك بطلب غوث رب العالمين، ربنا جل و علا، القاهر فوق عباده، و القائل في كتابه الكريم: ” إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (القرآن الكريم، آل عمران، 140).
الدكتور عدنان مصطفى
وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )
رئيس الجمعية الفيزيائية العربية
3/9/2010 12:30:37 PM

التعليقات متوقفه