- أخبار النفط والغاز السوري - https://www.syria-oil.com -

لِمَنْ تُشَنُّ الحُرُوبُ البِتْرُولِيَةِ ؟

مع نهوض عقيدة الأوبيك و الأوابيك في السبعينيات من القرن العشرين الماضي، توطد ” الفكر البترولي العالمي ” باتجاه ” تطبيق هذه العقيدة في مختلف مناحي التنمية االدولية، فتقدمت صناعات الطاقة الاقليمية و الدولية على طريق ” الاعتماد الطاقي / التنموي المتبادل ” بين الشعوب، لهذا بُنِيَ ” الشأن المعهود: business as usual ”

في التجارة الطاقية على: تفعيل الحوار بين المنتج و المستهلك البترولي، و إبتكار إتفاقيات المشاركة البترولية الخاصة باستطلاع و تطوير و إنتاج البترول في عالم الجنوب عامة، و الوطن العربي خاصةً، و قيام المشاريع الطاقية الاقليمية المشتركة ( كالتي نفذتها من قبل، بكل همة و إخلاص، منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول )، كل ذلك بشكل مواكبٍ لتسوية الصراعات اقليمية الحارة كالصراع العربي – الاسرائيلي، و لتوطيد السلام العادل و الشامل بين أمم الشمال و الجنوب، و ذلك على سبيل المثال لا الحصر ( أنظر مقال رأينا بعنوان: ” بِتْرُولُ العَرَبِ لَلْعَرَبِ: عَوْدٌ عَلَى بَدءْ؟ ” المنشور في موقع كلنا شركاء في الوطن الالكتروني: www.all4syria.org ). هذا الشأن طويت عقيدته – حتى اليوم – مع أفول ” نفوذ أمم الأوبيك و الأوابيك ” في الساحات الاقليمية و الدولية، لتسود فوضىً عارمة في مختلف آفاق الصناعات الطاقية الدولية، و لتضلَّ قرارات الأمم المنتجة للبترول في مجاهيل بيداء ” إمبراطورية الظلام التلمودية ” الموحشة. و قد طغت ممارسات ” الشأن الامبريالي المعهود: imperial business as usual ” اليوم على البقية الباقية من نيات ” شؤون الاعتماد المتبادل الدولية: interdependence affairs as usual ” الطيبة، بدا الوطن العربي و هو يجابهُ إرهاصات حروب إقليمية منظورة في كل من بلاد الشام و الخليج العربي. ” فمن في الغد القريب سيشن الحرب على مَنْ ؟ و لصالح مَنْ ؟ “. سؤالٌ هامٌ يمكن الاجابة عليه بمنتهى الواقعية من خلال بيان هيئة الحرب البترولية المنظورة و الجهر بترتيباتها الامبريالية الجارية على قدم و ساق في العديد من الخلجان العربية اليوم.

 

خلال بضعة الشهور الأخيرة، شهدت مناطق شرقي البحر الأبيض المتوسط، البحر الأحمر، بحر العرب، و الخليج العربي، سلسلة مناورات عسكرية / أمنية شمالية – إسرائيلية – مصرية مشتركة، تم من خلالها نشر ” قوة الواجب : duty force ” الأمريكية – المصرية – الاسرائيلية – الأوروبية: و هي القوة الضاربة بصواريخ بعيد المدى ( و التي تحمل إسم القبة الفولاذية )، غايتها تأمين حماية استراتيجية ما (!؟) لسماوات و أراضي العدو الصهيوني المستوطن في فلسطين المحتلة، و لحقول بعض الدول العربية البترولية ذات الأنظمة الكومبرادورية ( حسب التعبير التروتسكي ). و في يوم الأحد 31 كانون الثاني 2010، أكدت قيادة القوات البحرية الامبريالية متعددة الجنسيات، من مقرها في مملكة البحرين ( بل مقر الأسطول الأمريكي الخامس )، و عبر محطة تلفزة سي إن إن ( CNN )، عن نشرها الواسع لنفوذ ” قوة الواجب ” إياها تحت غطاء تعزيز الدفاع عن البنية التحتية لمختلف قطاعات الاقتصاد والطاقة في الخليج العربي. وأضافت ( CNN ) تأكيدها لجاهزية 22 قطعة بحرية شمالية، و نصب العديد من بطاريات باتريوت الصاروخية لحماية المنصات البترولية العربية (؟!)، و ذلك رغم الفشل الذريع الذي حاق بقوتها ( الذي بلغ حدود 70 % ) على يد المقاومة اللبنانية العتيدة أثناء حرب تموز العظيمة عام 2003. و من على متن الفرقاطة البريطانية ” مونماوث “، كشف مختصٌ بريطاني في الشؤون الحربية عن تفاصيل التدريبات الجارية قائلاً: ” أنها كانت فرصة لاختبار مجموعة من السيناريوهات (!؟) التي قد تواجهنا في الخليج، وقد سررنا لرؤية تطور قدرات الدول الأخرى (؟؟) “. كما نقلت ” و كالة رويترز الاخبارية ” عن مسؤولين بوزارة الدفاع الاميركية، قولهم ان نشر السفن المحملة بأنظمة “اس ام – 3 ” الاعتراضية، سيوفر المرونة اللازمة ” لتحريك القدرات التكتيكية الاميركية كما يجب ؟!”، في حال أن السفن الحربية الامبريالية، المحملة بنظام صواريخ ” ايجيس: Aegis ballistic missile defense system ” و المهيأة هناك اليوم لتفجير صواريخ باليستية في الجو، وتستطيع تعقب اكثر من 100 هدف “. و الحق يقال في هذا الشأن أن: الولايات المتحدة الأمريكية تدير مباشرة برامج: (1) لبناء قوة المملكة العربية السعودية الضاربة في المنطقة و (2) لتنفيذ زيادة عديد القوات الأمريكية – الخليجية المشتركة ( بما لا يقل عن 30 ألف جندي عربي ) و ذلك تحت شعار حماية جميع المنشأت البترولية والموانئ ومراكز تحلية المياه على الشاطيء الشرقي للخليج العربي. و من بين بعض أبرز التعليقات الاعلامية الجادة بهذا الخصوص تلك التي أوردتها صحيفة المستقلة: The Independent البريطانية مثلاً و جاء فيها ما معناه: ” هكذا يريد الرئيس الأمريكي الدكتور باراك أوباما كبح الثرثرة السياسية الفارغة حول أمرالصراع في المنطقة العربية “. و من منطلق الرئيس أوباما هذا، قامت وزيرة خارجيته التلمودية هيلاري روضام كلينتون إياها ” بِحَثِّ ” العديد من دول المنطقة العربية (!؟) ( كما تؤكد صحيفة الغارديان البريطانية أيضاً ) وإلزامها بإنفاق ” عشرات بلايين الجنيهات الاسترلينية ” لتزويد جيوشها بالمزيد من الأسلحة الهجومية ( كصواريخ أرض جو، و حيازة 80 طائرة F16 و… الخ ). و في خضم هذا الاستعداد العدواني الكبير على الجانب الشرقي للخليج العربي ( المصنف شمالياً تحت خانة الاستعداد لردع إيران مثلاً …الخ )، يجدر بنا أن لا نغفل عن ذلك الوجود الحربي الأمريكي القائم في العراق المحتل اليوم و الذي يتسع مع الوقت بهيئة ” مدن أمريكية استيطانية عسكرية / أمنية شاملة ” كمعسكرات: رينيغايد، المنطقة الخضراء، الرفاهية، فالكون، فيكتوري،…الخ، ما بين أعلى و أدنى بلاد الرافدين المغتصبة اليوم.

 

و إضافة لهذه الحقائق الظلامية السائدة، لا بد من الاشارة إلى وجود ديناميكية سياسية ساخنة تغذيها المخابرات المركزية الأمريكية الآن ( بقيادة مديرها المباشر ليون بانيتا ) و تديرها بمساعدة ثنائية مباشرة لمجرم الحرب التلمودي طوني بلير، و رئيس نظام كامب دايفيد المصري في شرم الشيخ من جهة، و الموساد الاسرائيلي في شمال العراق و جنوب غربي الخليج العربي من جهة أخرى. هذا و تعمل هذه الآلية أيضاً على: تهدئة ” جنون ” السفاح التلمودي المتوحش بنيامين نتناياهو باتجاه غزو الجمهورية الاسلامية في إيران، و للتخفيف من غلواء السفاح الصهيوني المهزوم إيهود باراك، ذلك الذي صرح البارحة معربداً بالحرف الواحد: ” إن الشرق الأوسط مكان صعب لا رأفة فيه بالضعفاء، وأن “إسرائيل” لن تقع في فخ الدبلوماسية الاوبامية المكسور قبل منظور الأوان “. و من جهة ثانية، ثمة من يراهن إمبريالياً – دون جدوى طبعاً – على: ” أن تذعن سورية لشروط التسوية الاستراتيجية الاسرائيلية العتيقة التي نقلها جورج ميتشيل مؤخراً لدمشق “. و ما بين هذا الجموح الشيطاني و تلك العربدة التلمودية، لا بد لنا من التساؤل مجدداً حول مقام الضعيف و الأضعف في هذا الشأن البترولي المتفجر اليوم؟، لا شك في أن صاحب المكامن البترولية العربية يبقى هو الأضعف، و مع ذلك ” لا يخاف عقباها “.

 

الدكتور عدنان مصطفى

وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )

رئيس الجمعية الفيزيائية العربية

[email protected]

2/3/2010 3:22:51 AM