التِجارَةُ مَعَ الأعْدَاءِ : فِيْ ظَلِّ النُضُوبِ البِتْرُولِيّْ

في صباح اليوم، 28 كانون الثاني 2010، أكدت صحيفة الغارديان البريطانية العتيدة على صحة مثل شعبي عربي سائد يقول: ” بأن العرق دساس “. فقد جاءت هذه الصحيفة على تفصيل عام لحقيقة قيام جدً الرئيس الأمريكي المهزوم جورج والكر بوش بتزويد النازية الألمانية بالأدوات الحربية اللازمة لصعود قوتها و شنها الحرب العالمية الثانية خلال النصف الأول من القرن العشرين الماضي (أنظر مثلاً تحقيق صحيفة الغارديان المنشور في 28/01/2010 و كان بعنوان: How Bush’s grandfather helped Hitler’s rise to power ).

من كان يتساءل بشكل ما حول تحليلاتنا المنشورة مؤخراً حول ” طبيعة أشياء ” خروج الرئيس الأمريكي السابق جورج والكر بوش على قانون التمدن البشري العام القائم في الأزمنة الحديثة ( و نعني بذلك: general law of civilization the )، و تشكيله زمرة الضباع التلمودية الدموية الأمريكية – البريطانية – الاسرائيلية إياها، ” لتفعل و تترك ” – كما يقول التعبير الشعبي العربي – آثام و جرائم، لا يندى لها جبين البشرية الشمالية المتمدنة فحسب، بل تسود بالسخام الدامي جبين ” الامبراطورية الرومانية ” إياها من قبل. ففي ظل العقائد الضارية و الضاربة ” دفاعاً عن الديموقراطية الراسمالية التلمودية “، تخطت زمرة الضباع هذه ثلاثة من أبرز حدود طغيان الرومان على الحق البشري من قبل: فقاد فعلها الآثم هذا إلى:

 

(1) تسريع استهلاك البترول العالمي في عالم الشمال الرأسمالي، و من ثم إنضابه لدى أهله في عالم الجنوب، مما عجل من زحف شبح الدفآن العالمي، ليقوم برفع حرارة كوكب الأرض لأكثر من 5 درجات اليوم، بل تعجيل دبيب الفوضى البيئية الآخذة بناصية الوجود البشري الراهن،

 

(2) تشريع العنف التلمودي في توطيد الاستيطان عبر العالم، و في الوطن العرب بشكل خاص، و ذلك تحت راية ” الحرب على الارهاب ” التي تحقق بها اليوم ” لجنة تشيلكوت البريطانية ” فيها مع طغمة طوني بلير – بوش المتوحشة،

 

(3) توزيع عقائد ” المتعة البهيمية ” في عالم الجنوب، بغرض تدمير حضارات العالم الانسانية العظيمة التي بشر بها كل من ” كلمة الله عيسى عليه السلام ” و خاتم الأنبياء و المرسلين ” محمد بن عبد الله ” صلى الله عليه و سلم، شاهد ذلك الاتفاق المعقود مؤخراً بين أحد الرأسماليين العرب الكبار (!ّ؟) مع الاعلامي الصهيوني روبرت مردوخ، بغرض تنظيم جهود القنوات التلفزيونية لبث مثل هذه العقائد المتوحشة المخربة جدلاً لعقول الأجيال العربية الشابة.

 

و بالعودة إلى تحقيق صحيفة الغارديان، و إعطاءه بدايةً عنوان: ” التجارة مع الأعداء ” وذلك إنطلاقاً من التعبير الأوروبي المتمدن، الذي يضع قادة النازية و الفاشية في خانة أعداء البشرية المتحضرة، ترجعنا تفاصيله لمثيلاتها المخزية في عالم صناعة الطاقة العربية، و التي يمكن وضعها تحت عنوان : ” تجارة النظام الراسمالي العربي مع الأعداء “. و في إطار هذه التجارة نتبين مثلاً:

 

(1) تنويع أطر ” فندقة البترول العربي ” في ختام كل حرب بترولية عربية دارت رحاها منذ إحتلال فلسطين و قيام دولة العصابات الصهيونية على ترابها الشريف حتى اليوم،

 

(2) شرخ مختلف عقائد ” العمل العربي المشترك ” الناجحة، و في عالم الطاقة و البترول تحديداً، ليسهل على المستوطنين – من أزلام إمبراطورية الظلام البترولية – السيطرة الشاملة على مقدرات بقاء / نماء الشعب العربي ما بين المحيط الأطلسي و الخليج العربي،

 

(3) اغتصاب أبرز الأقطار العربية المنتجة للبترول، بمختلف الأشكال الممكنة، و تنصيب أنظمة حاكمة لصالح عقيدة ” الفندقة ” ( أي تلك التي تعتبر البترول العربي زائراً شمالياً مقيمٌ مؤقتاَ في أي قطر عربي يملكه من قبل ).

 

التساؤل الذي يثيره نشر تحقيق الغارديان: ” التجارة مع الأعداء ” هو : ” إلى متى سيبقى الشعب العربي مذعناً للقوى الرأسمالية – التلمودية – الاستيطانية الحاكمة ” للتجارة الطاقية العربية ” مع الأعداء؟، و من منا – نحن العرب – يخشى بعدُ أن ينضم إلى عقائد جيراننا الكرام الطاقية المتحررة ( في إيران و تركيا،…الخ )؟. أما آن أن يقوم الوطنيون – العرب باستنهاض همة مجتمعاتهم لتتقدم و تمسك بناصية صناعاتها الطاقية الوطنية ؟، فتوقف للأبد ” تجارب الخطأ و الصواب ” الاستيطانية الجارية على قدم و ساق في المشرق العربي؟. و كما يؤكد التاريخ الوطني – العربي الحديث، لا ننفرد نحن بالدعوة هنا إلى الخروج من ” هيمنة التجارة مع الأعداء “، فلقد سبقنا إليها آباؤنا و أجدادنا العرب العظام من قبل، كونه السبيل الوحيد لردع النازية الصهيونية و الفاشية الرأسمالية عن متابعتها قهر الشعب العربي و إذلاله بعد، أليس كذلك؟.

 

الدكتور عدنان مصطفى

وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )

رئيس الجمعية الفيزيائية العربية

profamustafa@myway.com

1/28/2010 11:44:54 AM


طباعة المقال طباعة المقال

قد يعجبك ايضا

التعليقات متوقفه