بِتْرُولُ العَرَبِ لَلْعَرَبِ: عَوْدٌ عَلَى بَدءْ؟

في الوقت الذي تساقُ به بعض ” بؤر الاستيطان التلمودية ” نحو قدرها المحتوم ” زمراً “، لتحقُّ عليها كلمة العذاب المناسبة في الوطن العربي عموماً، و في لبنان خصوصاً (!؟)،

لا يرعوي بعض كتائب و قوات زمر الشرِّ الآخرى عن ” إسترعاء ” ذئاب الفكر الرأسمالي التلمودية المسعورة. فمن خلال تفعيل خبث و دهاء و دناءة أقلام هؤلاء الذئاب الرمادية، يتطلع قادة الامبريالية التلمودية الجدد إلى تهديم ثقة الجماهير العربية الكادحة بذاتها من جهة، و إلى ما يمكن أن يعود على إيمان هذه الجماهير بثلاثية: الوحدة العربية، و التحرر الشعبي الحق، و الاشتراكية الوطنية – العربية المناسبة حقاً من جهة أخرى. لهذا وجدنا من يعارضنا مؤخراً إزاء محاولتنا تذكيرالانسان العربي بشعار ” بترول العرب للعرب ” ( أنظر مقال رأينا بعنوان: ” الشِرْيَانُ العَرَبِيُّ المَقْطُوعْ ” المنشور في الموقع الالكتروني: كلنا شركاء في الوطن: www.all4syria.org يوم 19 كانون الثاني 2010) . و يأتي في مقدم هذا الغزو الامبريالي الوحشي المتجدد: نشر الاحباط الشديد في عمق روح المؤمنين بهذه الثلاثية الوطنية – العربية المقدسة، و الحؤول دون مخاطبتهم أهليهم العرب المستضعفين، إضافة لكسرموجات تجاهد هؤلاء العرب الأخيار لانهاض همة الشعب العربي القعساء دفاعاً عن بقائه العاجل و نمائه الآجل. و من هذا الواقع المرير، لا نعدم البتة رؤية من ينكر على الانسان العربي حقه في تذكرعقيدة ” بترول العرب للعرب ” و الدفاع عنها كما حدث في مطلع قومة الشعب بوجه الاستعمارين القديم و الحديث، و أزلامهما خلال النصف الثاني من القرن العشرين الفارط. و قبل الدخول في جوهر عقيدة ” بترول العرب للعرب ” و تبسيط إدراكها للانسان العربي غير المختص، لا مناص لنا – في هذا المقام – من تذكير أنفسنا بقول الله جلَّ و علا حول تكوينه ” طبيعة أشياء صراع ” زمر الخير و الشر بين الناس: فلقد جاء في محكم كتاب ربنا الله القوي العزيز قوله: ” وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً ۖ حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ۚ قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ * وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً ۖ حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ۖ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) ( القرآن الكريم، سورة الزمر، 71-74 ).

 

من يرغب فعلاً باسترجاع بداية ذلك الوعي التاريخي العربي المثير لعقيدة ” بترول العرب للعرب “، يمكن تسهيل المهمة عليه هنا، بالاشارة لأحد أبرز التجاهدات الوطنية – العربية على الصعيدين الاقليمي و الدولي، حيث يأتي في مقدمها مثلاً: إنشاء منظمة الأقطار المصدرة للبترول ( أوبيك : OPEC ) عام 1960 و من ثم انشاء منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول ( أوابيك: OAPEC ) في مطلع عام 1968. و لا جدال في أن البواكير التاريخية المجيدة لعطاء فكر ” بترول العرب للعرب ” قد تجلت جهاراُ على صدر إتفاقية ( أوابيك ) و جاء بعض ما فيها قائلاً:

 

ü ” إدراكاً لدور البترول كمصدر رئيس و أساسي لدخلها ( الوطني ) عليها أن تنميه و تحافظ عليه بالشكل الذي يعود عليها بأكبر المنافع المشروعة،

 

ü و وعياً بأن البترول ثروة آيلة للنضوب، و أن ذلك يلقي عليها إزاء الأجيال المقبلة تبعة الحفاظ عليه و مسئولية استثمار الثروة المتأتية منه استثماراً إقتصادياً متنوعاً في مشاريع إنتاجية و إنمائية تتوفر لها مقومات الحياة و الازدهار،

 

ü و إعتقاداً بأن الافادة الرشيدة من هذه الثروة ترتبط بالدور الذي يقوم به البترول في خدمة إقتصاديات البلدان المستهلكة له، و بالتالي بمراعاة المصالح المشروعة لتلك البلدان في تزويد أسواقها بالبترول بشروط عادلة تعود بالنفع و الخير على الانسانية…الخ “.

 

و مع مضاء الوطنية – العربية في تنفيذ هذه العقيدة – سواء عبر آليات أوبيك و أوابك القوية – يمكن لمن لم يبصر مختلف أنماط و أشكال العدوان التي طبقت على الوطن العربي عموماً، و في الخلجان البترولية – العربية خصوصاً، أن يضرب رأسه بجدار الحقيقة و الانصاف الانساني فربما يصحو ليعرف جوهر الحقيقة المرة التي تجرعها الشعب العربي و هو يقف غاضباً وراء صناع القرار الوطني – البترولي – العربي الأمجاد، ما بين حرب تشرين المجيدة في مطلع سبعينيات القرن العشرين الفارطة، و حتى انتصار المقاومة العربية العظيمة على الأعداء المحتلين يومياً في كل من العراق و لبنان و فلسطين. على أي حال، من لم تفتح كلمات إتفاقيتا أوبيك و أوابيك قلب أي وطني –عربي مخلص على خير العمل العربي المشترك في مجال الطاقة العربية تحديداً، و هو واحد من أبرز عطاءات خير ربيع عقيدة ” بترول العرب للعرب “، بل ” بترول الجنوب للجنوب “، فما له من هاد، و كان ربك بعباده بصيراً.

 

الدكتور عدنان مصطفى

وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )

رئيس الجمعية الفيزيائية العربية

[email protected]

1/20/2010 5:46:27 AM


طباعة المقال طباعة المقال

قد يعجبك ايضا

التعليقات متوقفه