حَيْثُ يُعَلََقُ السَيْفَ البِتْرُولِيَّ ؟!
بعد أن قطع الرئيس الأمريكي الدكتور باراك أوباما عامه الرئاسي الأول حائراً عند ” مفارق الزمان ” ( أنظر مثلاً مقالنا بعنوان: ” الرَئِيسُ أُوبَامَا عِنْدَ مَفَارِقِ الزَمَانِ ” المنشور في موقع ” كلنا شركاء في الوطن “: www.all4syria.org ، 8/6/2009 )، تتجلى حقيقة قيام ” الميداسا ( Medusa ) التلمودية الامبراطورية ” مؤخراً بإلقائها نظرة عطف عليه ،
ليؤدي ذلك إلى مَسَّهُ مباشرة ( touched ). وتحجير قلبه كلياً، الأمر الذي حوَّلَ كيان هذا – السالك الأكاديمي المميز – ليأخذ هيئة واقعية تامة ” لفرس بين أحجار لعبة الشطرنج ” الامبراطورية البترولية. و نعتقد هنا أن القاريء الكريم هو في غنى عن أي توضيح ما لحقائق هذه ” اللعبة – المعركة ” الدموية الضروس الدائرة مؤخراً في عالم الجنوب، باعتبار أن البشرية جمعاء ( بشقيها العام و الخاص ) باتت على معرفة مفصلة بمجرياتها اليومية و ذلك منذ إحتلال بلاد الرافدين و أفغانستان خلال الأعوام المنصرمة، أي منذ مطلع عقد القرن الحادي و العشرين الجاري و حتى اليوم، ( أنظر مقالنا بعنوان: ” عِنْدَمَا نُصَابُ بِِمَسٍ مِنَ الِميْدَاسّاْْ “، المنشور في موقع ” كلنا شركاء في الوطن “، www.all4syria.org ، 13/4/2009 ). و تحت هذه ” الجبة الرأسمالية – التلمودية ” ( كالتي يرتديها عادة، بدون أكمام، ناطور الأفيون الأمريكي حامد كارزاي إياه، في كابول الأفغانية ) يبدو من المؤكد أن هذا الممسوس المسكين، بل الرئيس الأمريكي باراك أوباما (!؟) قد طار لبلاد الفايكنغ اليوم ( أي صباح الخميس 10 كانون أول 2009 الجاري ) ليتسلم جائزة نوبيل للسلام الممنوحة له مؤخراُ. و بذلك سيكتب تأريخ الشمال الضاري ( wild )، و ليس سجل غينيس العالمي إياه فحسب، أن هذا الانسان المسكين (!؟)، سيتم تسجيله رائداً لتوفيقٍ من الأصناف التالية ( combination of types ): فهو: ” أول قائد حرب طاقية عالمية جديدة يحمل جائزة قيادية للسلام “، و أنه: ” أول قائد توحش فريد للامبريالية الجديدة يحمل منصباً متمدنا أكاديمياًً رفيعاً “، و هو حقاً: ” أول قائد هجوم رأسمالي عزمت إمبراطورية الظلام التلمودية على شنه خلال الأشهر القليلة المقبلة، علماً بأنه واحد من أبناء الطبقة الفقيرة المسلمة – المسيحية العالمية المستغلة، أي طبقة الأبرار المرابطين – الصابرين تحت شمس كوكب الأرض اليوم،…الخ “.
و تحت جبة هذه المحيرة العالمية ( global paradox )، و السيف البترولي العربي معلق فوق عنق الشعب العربي من المحيط الأطلسي حتى الخليج العربي، تدور في قلعة هاملت الدانماركية الشهيرة شيكسبيرياً، ملهاة ( comedy ) ” مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي ، The United Nations Climate Change Conference – COP15)، 7 – 18 كانون الأول 2009 “، كما تتعاظم مأساة ( tragedy ) ” ثلاثية الدم الجنوبي المسكوب ” في بطاح فلسطين و العراق و أفغانستان اليوم. كل ذلك إضافة إلى تفاقم لُعَبُ مُغَنَيَاتُ ( X Factors) الديموقراطية الرأسمالية – الشمالية عبر بقية الجنوب، فنشهد على سبيل المثال لا الحصر:
ü ” أُلْعُوبَةُ المياه السوداء “: المجراة من أقصى بلاد الرافدين لأقصاها: فعبر الانفجارات الدموية المدمرة المسيلة لدماء أبناء عمومتنا المساكين من الشيوخ و النساء و الأطفال من أهلنا في بلاد الرافدين الحبيبية، يجري صرف أنظار الشعب العربي المستضعف في العراق عن الدور الذي لعبه و لا يزال يلعبه أزلام إمبراطورية الظلام البترولية في لندن مؤخراً، حيث تحقق عبره ظاهرياً ” دبغ ” بعض إتفاقيات بترولية كبرى، كل ذلك إضافة ” لعقود باطنية ” أخرى، سبق أن أشارت عائلة الشقيقات الخمس الامبراطورية لقادة النظام العراقي الحاكم اليوم ” بتمليكها ” لصالح من يلوذ بها و بخاصة في شمال العراق المستقل إنفصالياً ( أنظر مثلا بعض تفاصيل هذه الحقيقة في المزاد البهلواني الرخيص الذي جرى في لندن مؤخراً ( أي بين 7 – 9 كانون الأول 2009 )، تحت عنوان: ” بترول العراق: www.iraqpetroleum.com ).
ü ” مَرْقَصَةُ حوارات السلام الفلسطينية – الاسرائيلية “: التي تجرى في ملاهي شرم الشيخ الموسادية، حيث يلعب، أزلام كامب دايفيد العرب إياهم، فيها أدوار تَجَرَدٍ (!) سياسيةٍ محكمةُ التصميم لخاصة طبقة عربية شاردة مكونة من بعض نساء و رجال الخليج العربي. كما يتكشف عبر هذه الأدوار تأثير مختلف الفنون الأمنية لأنظمة حكم: ناتنياهو ( الموساد ) – دحلان ( السلطة العباسية ) – مبارك ( السي آي أي: CIA ) و تجلياتها الضلالية في ابتكار كوريوغرافيات دبلوماسية فائقة التجرد السياسي الجنسية (!؟)،
ü ” مضحكة صغار – كبار السلطوية “: المحاكية تماماً للبرنامج التلفزيون الذي تبثه محطة تلفزيون أبو ظبي + 1 ، أي ذلك الذي يجمع بين ” فطنة الأطفال ” و ” قلتها ” لدى العديد من جيل الفنانين العرب الراهن اليوم. و يمكن للانسان العربي من أعلى الأرض العربية إلى أدناها: (1) ” التمتع ” بشكل متعب مع هذه المضحكات – المبكيات، و بخاصة ذلك الصراع التمثيلي الحادّ على قيادة أسواق المخدرات الامبراطورية في أفغانستان، أي تلك القائمة بين حامد كارزاي و صاحبه عبد الله عبد الله في كابول، (2) ” التأسي ” بشكل مؤسف على إفلاس إمارة دبي مثلاً و هي في عزِّ تبليطها البحر، و (3) ” الضحك ” حتى السقوط للخلف على حوارات المجلس النيابي اللبناني الجارية الآن، كونها غير مناسبة لعظمة تاريخ هذا المجلس التشريعي العتيد الطويل، و كونها تكشف الكثير من ” ضآلة ” المعرفة بتاريخ صمود الشعب العربي في لبنان بوجه التحديات الاستعمارية منذ نشوء ثورة العرب في بلاد الشام على الاستعمار القديم و حتى اليوم. و المبكي أيضاً – كما يحدث في برنامج تلفزيون أبو ظبي +1 المشار إليه أعلاه – هو التنسيق المنظم لهجوم أزلام 14 آذار على عظمة المقاومة الشعبية اللبنانية التي حررت الأرض و الانسان هناك.
و في الوقت الذي تلعب هذه الجمل من المضحكات – المبكيات – الغنائيات – التجرديات الجنوبية أدوارها ” المعيقة : impedance ” لتقدم شعوب الجنوب عبر مسيرات أملها نحو تخليص أعناقها من تحت سيف ديموكليوس ( Sword of Damocles )، تتهاوى بقسوة معظم ” طبائع أشياء ” أنظمة الجنوب الحاكمة، فثمة من: يفلس أخلاقياً أمام عشيرته، و ينكسر مالياً عند حدود تبعيته للمستشارين التلموديين، و ينهزم صحياً بنتيجة أقدار الحياة التي يحياها بعوائد البترول العربي المهدورة بغير وجه حق، و يندحر صراعيا مع شعبه بنتيجة حماقاته السلطوية الضالة، و يبيع عرضه قبل أرضه للقاصي و الداني، و ثمة من يصبح رمادي الهوى في متابعته ألام الناس، و… الخ. و برغم كل هذه الأقدار الكارثية يبقى أبناء الوطنية – الجنوبية، و ليس العرب منهم خصوصاً، متمسكين بأوطانهم الغالية و آمالهم الكبيرة، ذاكرين قول خالقهم العظيم : ” و لنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات و بشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبةٌ قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون ” ( القرآن الكريم، البقرة، 155-157 )، صدق الله العلي العظيم.
الدكتور عدنان مصطفى
وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )
رئيس الجمعية الفيزيائية العربية
10/12/2009 09:55:54 م

التعليقات متوقفه