سَبْعة أَزْمَانٍ طَيِّبَةٍ فِيْ صِنَاعَةٍ بِتْرُوُلِيَةٍ عربيةٍ؟!

بقلم:
الدكتور عدنان مصطفى
وزير النفط والثروة المعدنية الأسبق ( سورية )
رئيس الجمعية الفيزيائية العربية

 

من بين الاشارات والأفكار الطيبة التي يكرمنا بها القراء الكرام تعليقاً على مقالات رأينا، ثمة تساؤلات حضارية يطرحها الانسان العربي حول تخلف/ تقدم الصناعات البترولية العربية خصوصاً، بل بقاء/ نماء المجتمعات العربية في ظلها عموماً. وربما ينغرس جوهر هذه التساؤلات عميقاً في مستنقع الصراع القائم بين الأمة العربية وأعدائها في الداخل والخارج، فيحيل التفكير بالاجابة عنها لمجرد مهمة ممكنة/ مستحيلة، وذلك في ظلِّ انحسار الحقائق التي تنظم «طبيعة اشياء» الأنظمة العربية الحاكمة اليوم.

 إن لم يكن يجعلُ التفكير فيها مجرد خوض في بحرِ إشكالياتٍ متشابكة (overlapping problematiques ) تنتاب الوجود العربي كله. وتسهيلاً للأمر، نبدأ بالتحبيذ الكبير الذي ابداهُ معظم القراء ¬مختصين أو عامة¬ حول التجرؤ بالحديث، ولو كان محرماً إلى حدٍّ كبيرٍ، عن الامكانية البشرية العاملة في صناعة البترول الوطنية العربية، وذلك بغرض الدفاع عن حسن بقائها باي شكل من الأشكال الممكنة. وفي الوقت الذي عرف به الناس، في أعلى سورية وأدناها جميعاً، بجرأة وزخم إخلاصنا الوطني وإحساسنا بحقيقة مسؤوليتنا إزاء «حماية» و«تطوير» و«دعم» وجود ومهمة جميع العاملين في صناعة البترول العربية السورية ¬ داخل وخارج المسؤولية¬ يبدو من المسؤولية الحضارية بمكان، أن نذكر بحقائق هؤلاء «الأبطال» الذين يكتبون ليل نهار، وبعرق جباههم، سيرة تقدم صناعتهم الوطنية العزيزة. فمن أبرز هذه الحقائق الراسخة والأكيدة ¬دون تحيز ولا انحراف¬ يمكن أن يرد على البالِ مثلاً:

في الزمن الأول (رمزاً): (أي في النصف الثاني من عام 1974 تحديداً): ‏
أي وقت إلتقائي المباشر مع الصفوف الأولى التي تنفذ القرار السياسي البترولي السوري، تبين لي أن معظم التقنيين والعاملين ما بين مكاتب صنع القرار والحقول البعيدة يحملون حماساَ وطنياً مميزاً لاثبات وجود صناعتهم البترولية الوطنية على الصعيدين العربي والدولي، وذلك رغم عيشهم في مناخٍ إداري ليست له «دراية علمية/ تقنية» بما يتوجب فعله إزاء صنع أي قرار يؤدي إلى «حسن اداء » هؤلاء الرجال والنساء في شتى ميادين واجباتهم. ‏
في الزمن الثاني: ‏
تأكد لي وجود عدد من طلابنا الشباب ¬إلى جانب كبار المخضرمين البتروليين المشار إليهم آنفاَ¬ راغب بتطوير إمكانيته التقنية، وعليه فقد تم إرسال مجموعات منهم إلى صناعات البترول الوطنية العربية (أي التي تقع تحت مظلة منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول¬ اوابيك) للتدريب والاطلاع المتقدم، إضافةً إلى إيفاد مجموعة مميزة منهم أيضاً إلى تنوعٍ مختار من المؤسسات الأكاديمية المتقدمة (جامعات، معاهد بترول، أقسام فنية متقدمة لدى بعض الصناعات الطاقية…. الخ). جدلاً: لم يخيب هؤلاء الرجال والنساء أملنا والوطن بهم، فعادوا على مدى عامي 1975 و1976 لتقوم على سواعدهم أصول أعمدة «استقلال » صناعة البترول السورية بدلاً عن الخبراء الأجانب. ‏
في الزمن الثالث: ‏
تأكد لنا بشكل واقعي لا ريب فيه، ضرورة التذكير بهاتين السمتين لدى القائد التاريخي الرئيس حافظ الأسد، رحمه الله، فكان بالغ السعادة بهذه الحقيقة، وكان أن تمت ترجمة هذا الادراك عبر إصدار قرارات رسمية (تشريعات عليا) تعطي «الطبقة العاملة الوطنية البترولية» بمختلف سوياتها (أي من المختص الجيولوجي، والخبير الميداني، والحفار، والمهندس، والعامل الفني والعادي، والاداري… الخ) أجوراً وحوافز ومكافآت مناسبة، كان لها فضل كبير في «رفع معنويات» القوة البشرية البترولية الوطنية و«دفع مركب» صناعة البترول العربية السورية قدماً للأمام. ‏
في الزمن الرابع: ‏
خرج أول قرار تقني وطني أصيل قضى بتنفيذ «استراتيجية استكشاف بترولية جديدة»، فكان أن تم كسر «نظرية تقليدية» تقول بوفرة البترول في الجزيرة الشامية فقط، وكان ذلك يوم تأكدنا واقعياً من وجود البترول في جنوب منطقة الرقة وغيرها في بادية بلاد الشام، وحينها قمنا بتزويد القيادة القطرية الموقرة بما يمسح مخاوفها من «جرأة التقدم؟!» التي نمتلكها لمصلحة تعزيز مكانة القوة البشرية العاملة في الصناعة الوطنية البترولية. ‏
في الزمن الخامس: ‏
أي في ذكرى ثورة الثامن من آذار المجيدة، جرى تطوير حقل الجبسة الهام على يد هذه الطبقة العاملة الوطنية لتنطلق صناعة البترول السورية مستقلة على نحو فريد حقاً (أي بدءاً بالاستكشاف، والحفر والتطوير، وانتهاءً عند راس البئر بالانتاج…الخ)، كما جرى اكتشاف حقول طيبة أخرى ¬هي قيد الانتاج اليوم¬ كحقل تشرين المميز وقتئذٍ، فتحققت للقطر العربي السوري بذلك إمكانية الوقوف تقنياً على قدم المساواة ¬إلى حدٍّ ما¬ ما بين الأقطار العربية الأخرى اعضاء أوابيك. ‏
في الزمن السادس: ‏
تم توسيع جهود تعاون الصناعة العربية السورية هذه عربياً، فتحقق بذلك لسورية الوحدة العربية، و الاشتراكية المخلصة، والاباء والصمود المميزين، والمشاركة الحقة في المشاريع العربية المميزة والفريدة التي باده بها بعض أقطار أوابيك في مختلف ميادين الاستثمار والاستكشاف والتصنيع والصيانة (حوض البحرين الجاف مثلاً ) والتدريب البترولي. ‏
في الزمن السابع: ‏
تمكنت الصناعة الوطنية السورية من تعزيز نشاطها دولياً، وذلك حين تمكنت من كشف مصادر بترولية هامة عبر الشاطئ السوري الوطني وذلك بالتعاون مع الشركات البترولية الدولية المستقلة وقتئذ. ‏
وقد أحسسنا بحقيقة زخم ووفرة إمكانية القوة البشرية التقنية في الصناعة البترولية الوطنية وقتئذٍ، كان لا بد لنا من أن نضع هذه الوفرة على عتبة الانطلاق نحو البدء «بالحفر البترولي العميق»، الذي شكل وقتئذٍ تحدياً كبيراً للعديد من صناعات أمم الجنوب البترولية. وللأمانة التاريخية، لا بد لنا من أن نشير إلى الفضل الكبير الذي قدمه الدكتور كورت فالدهايم (ورأس الدولة النمساوية لاحقاً) ¬رحمه الله¬ وذلك عندما قرر، كأمين عام «لمنظمة الأمم المتحدة»، مكافأة صناعتنا البترولية الوطنية الناهضة في عالم الجنوب، فمنحها دعماً مالياً خالصاً من كل قيد، لتقوم بتنفيذ مشروعنا الاستراتيجي الهادف وقتئذٍ إلى خلق نواة «شركة بترولية مستقلة للحفر العميق»، والتي يمكن أن تبدأ تجربتها داخلياً لتعمل لاحقاً في عالم الجنوب عموماً. وا أسفاه، لم يأت اليوم الثامن في الموقع الذي اردناه، بل جاء بعيداً عن اخوتنا العاملين جميعاً في الصناعة البترولية السورية، أي يوم انتخابنا أميناً عاماً مساعداً لمنظمة أوابيك، فانطبق علينا قول الله عز وجل: ûإن يمسسكم قرحٌ فقد مس القوم قرح مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس‎ (القرآن الكريم، آل عمران، 140).‏

موجز السيرة الذاتية:

الدكتور عـدنـان مـصـطـفـى: دكتور في الفيزياء ( المغناطيسية النووية )، جامعة ساوثمبتون ( بريطانيا )، عضو الجمعية الفيزيائية الأوروبية، زميل معهد الفيزياء البريطاني، عضو إتحاد تــقدم العلم الأمريكي، مؤســـس الجمعية الفيزيائــية العربية، عضــو المجلس الأعلى لإتحـــاد الفيزيائييـــن و الرياضيين العرب، زميل رئيس لمعهد هندسة الدرجات المنخفضة بجامعة ساوثمبتون ( بريطانيا)، مؤسس و رئيس حالي لمجموعة المغناطيسية النووية و الطاقة بجامعة دمشق، عضو أكاديمية نيويورك للعلوم، عضو الجمعية النووية الأمريكية، عضو لجنة التحرير الشرفية: إنسايكلوبيديا أنظمة تعزيز الحيـــاة ( لنــدن، بريطانيا )

1969 – مدرس، جامعة دمشق، سوريا
1970 – أستاذ زائر، الجامعة الأمريكية ببيروت، لبنان
1971 – عضو لجنة الطاقة الذرية السورية
1972 – مستشار تقني، وزارة الصناعة السورية
1973 – عضو مجموعة أوبسالا الكمومية، جامعة أوبسالا، السويد
1974 – أستاذ مساعد، جامعة دمشق، سوريا
1974 – وزير النفط و الثروة المعدنية، سوريا
1977 – رئيس قسم الفيزياء، جامعة دمشق، سوريا
1978 – أستاذ في الفيزياء، جامعة دمشق، سوريا
1978 – أستاذ زائر، جامعة سسكس، برايتون، بريطانيا
1979 – أستاذ زائر، جامعة ساوثمبتون، بريطانيا
1979 – الأمين العام المساعد، منظمة الأقطار العربية المصدرة
للبترول ( أوابك )، الكويت
1987 – حكم، مجموعة بحوث الطاقة، المركز الدولي لبحوث
التنمية، اوتاوا، كندا
1988 – رئيس اللجنة التأسيسية، الأكاديمية العربية للعلوم،
الوطن العربي
1991 – الرجل الدولي لعام 1991، المركز البايبلوغرافي الدولي
كيمبريدج، بريطانيا
1992 – الرجل الدولي لعام 1992، المركز البايبلوغرافي الأمريكي، أمريكا
1996 – عضو مجلس حكام المعهد البايبلوغرافي الأمريكي
1996 – عضو أكاديمية نيويورك للعلوم، أمريكا
2000 – رئيس الجمعية الفيزيائية العربية

 

ألف الدكتور عدنان مصطفى ما ينوف عن عشرة كتب في الفيزياء و الطاقة، نشر ما لا يقل عن 100 بحث في الفيزياء و الطاقة و التنمية و إدارة و تنظيم العلم و التقنية، حرر الصيغة العربية للتقرير الدولي: بحوث الطاقة ( المركز الدولي لبحوث التنمية – كندا )، أرسى علاقات تعاون بحثية متبادلة بين مجتمع العلم العربي و مؤسسات و مراكز العلم و التقنية الدولية و الأوروبية منها خاصة، و لم يزل نشطا في شؤون الطاقة و بحوثها في عالم الجنوب و في الوطن العربي بشكل خاص، و يسعى جاهدا لإعلاء مقام مدرسة العلم العربية – الإسلامية و تعزيز مكانها تحت الشمس.

 

Email: profamustafa@hotmail.com, Mobile: (Syria) 0992174573
Tel.: + 963 11 2313248 – Fax.: + 963 11 2313246 & +963 11 2322318
P. O . Box: 7726, Damascus , Syria

 

 


طباعة المقال طباعة المقال

قد يعجبك ايضا

التعليقات متوقفه