إنـهـضـوا أيـهـا الـعـرب(*): فقد وَرَتْ الثورةُ الصهيونيةُ زِنْـدَهـا

بعد أن نشر كتاب الحاخام شابيرا و فَُجِْرَُ شمعون بيريز علينا نحن العرب، نجد من المناسب التذكير بهذا المقال المنشور من عشرة اعوام للمحاكاة بين ما يفعله نانتنياهو اليوم مع ما فعله شارون وقتئذٍ.

 

في الوقت الذي يشهد به العالم أجمع إحتفال الأمة العربية بالذكرى المجيدة الأولى لـتحرر جنوب لـبنان ( الأربعاء في 30 أيار 2001 ) من دَنَــسِ الإحتلال الصهيوني و إندحار جيش إسرائيل ، المتباهي بأنه لا يُقهر ، على يـد المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله العتيد ،

 

و في الوقت الذي لم تبق به شاشة واحدة من شاشات المحطات الفضائية إلا و تلونت قانيةً بدماء شهداء الإنتفاضة الذين بدأوا بصنع الطور الثاني من قـومـة الأمـة العربـيـة في وجه الطغيان الصهيوني و من والاهم ،

 

تشمرت محطة ( CNN ) الأمريكية لإبراز إمكانياتها الإعلامية – التجارية أمام الحكومة الصهيونية العالمية الخفية لطمس هجمة إعلام الحق بفحيح الباطل ، فابتكرت من خلال ” التقرير الدولي : World Report ” مقابلة للسفاح التلمودي – الصهيوني – الإسرائيلي أرييل شارون ، رئيس وزراء جيش الحرب الصهيوني ، مع عدد منتقىً من الإعلاميين الشباب جيء بهم ، كما قيل بدايةً ، من مختلف قارات هذا الكوكب تقريباً (!). و بـعـيـداً عن قماءة إجابات هــذا السفاح المريض روحياً ، و بغض النظر عن قـذارة هـيـئـتـه الملطخة : بجرائمه التلمودية – الفاشية عبر حربي خليج السويس سابقاً ، و بدماء بضعة مئات من الشـهـداء و بضعة آلاف من جرحى الإنتفاضة الفلسطينية المقدسة اليوم ، بـــدا جلياً لنا أن الغرض الرئيس من كل هذه الصرعة الإعلامية هو تمكين هذا السفاح التلمودي من أن يعلن بكل صَـلَـفٍ و تجبر : ” لقد قامت الثورة الصهيونية اليوم و سيشهد العالم كله مستقبلا كيف ستمضي أعظم ثورات البشرية ” ، وذلك عبر أقوى و أشمل المنابر الإعلامية في العالم ( أي محطة الـ CNN الفضائية ).
و عبر مجمل إجابات رئيس وزراء جبهة الثورة الصهيونية المعلنة جهاراً اليوم ، بين السفاح شارون أن عقيدة الثورة الصهيونية هذه التي يبشر بقيامها إنما تهدفُ إلى :

 

1. وضع اليهود – الصهاينة المأخوذين بالتلمودية على رأس المجتمع البشري و التحكم بمقدرات شعوب الأرض قاطبة . و كما تقول إنسايكلوبيديا بريتانيكا ، تنطلق التلمودية – الصهيونية من تأويـلات و اجتهـادات خاصة بالميشنا ( Mishna ) أي أول تدويـــن للتعاليم اليهودية الشفهية (!؟). و تنطلق العقيدة التلمودية – الصهيونية هذه من هَــوَسٍ يهودي يقول بأن : المخلوقات نوعان ، علوي و سفلي ، و الإسرائيليون هم صفوة المخلوقات ، في حال أن العرب أمة محتقرة باعتبارها تقع في القاع الأسفل !؟ ، و قد إختار ( إله إسرائيل ؟) شعب إسرائيل كي تكون له السيادة على بني البشر جميعا ، أي على بني الإنسان – الحيوان المدجن،

 

2. بعد أن أخفق الإسرائيليون عبر التاريخ و عادوا بصفة المغبونين ، عادوا للتفكير باحتلال فلسطين ، البلد المقدس ، مدعين أن الله وهبها لهم لتكون مقر القيادة العسكرية للثورة الصهيونية ، في حال تبقى الولايات المتحدة الأمريكية مقر القيادة السياسية الخفية لهذه الثورة ، حيث يشكل اللوبي الصهيوني الأمريكي أحد واجهات هذه الدولة الخفية مثلاً. و إطلاقا لشرارة الثورة الصهيونية جهاراً ، قام السفاح شارون باقتحام الحرم القدسي مؤكداً لسادته أنه حقق المحور الثاني من عقيدة ثورتهم،

 

3. ترى الثورة الصهيونية أن كل ممتلكات غير اليهود لا مالك لها مثل رمال البحار ، و أول صهيوني يستولي عليها عنوة يكون هو مالكها الأصيل ، كما يحدث الآن في قضية المستوطنات بعد إستيلاء الصهاينة على أرض فلسطين و إقامة دولة إسرائيل عليها عام 1948 مثلاً،

 

4. كما أن ربة البيت تعيشُ من خيرات زوجها ، هكذا أبناء إسرائيل يجب أن يعيشوا من خيرات أمم الأرض دون أن يحتملوا عناء العمل . و من هذا المنطلق نجد أن اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية قد اتفق مع الرئيس جورج بوش الصغير على مَنْحِهِ رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية لقاء توجيه كل إمكانيات الدولة الأمريكية الإدارية و القانونية و التقنية و السياسية لمنح الشركات الصهيونية حقوق التنقيب عن البترول في أراضي الدولة العامة مثلا،

 

5. إن من ينكر التعليم اليهودي ، و خصوصا النصارى ، تتحتم إبادتهم عن بكرة أبيهم و إهراق دمهم يكون دائما من الأعمال المحمودة ، و إذا كان التنكيل بهم غير مستطاع فالوشاية بهم واجبة،

 

6. تعتبرالقوة المحرك الرئيس للثورة الصهيونية ، وكلمة حق ، وجدانية معنوية مجردة ، و ليس على صحتها دليل ، ومفادها لا شيء أكثر من هذا : أعطني ما أريد فأبرهن بذلك على أني أقوى منك ، فأين يبتديء الحق و أين ينتهي. كما يشكل العنف مظهراً محبذا لدى قادة الثورة هذه ، و بالعنف وحده يتم للصهاينة الغلب في الأمور السياسية ، و لاسيما إذا كانت أدوات العنف مخفية ، من المواهب الذهنية مما هو ضروري لرجال السياسة . فالعنف يجب أن يتخذ قاعدة و كذلك المكر و الخداع و الإفساد،

 

7. و إذ لا يخـفى أن في أيــدي دول اليوم آلــةً عظيمة تستخــدم في خــلــق الحركـــات الفكرية و التيارات الذهــنــيــة ، ألا و هي أجهــزة الإعــلام المـقـروءة و المسموعة و المرئية . و بهذه الواسطة تــنــال الثورة الصهيونية القوة التي تحرك و تؤثر ، مع بقاء قيادة الثورة وراء ستار . والمتعين عمله على أجهزة الإعلام التي في حوزة الثورة الصهيونية ، أن تثير النقمة و تخلق أسبابها،

 

8. تقول عقيدة الثورة الصهيونية أنه : ” عند ما نلــج أبواب مملكتنا ، لا يليق بنا أن يكون فيها ديــن آخر غير ديـنـنا اليهودي ، من حيث كوننا الشعب المختار ، و بواسطته ارتبط مصير العالم بمصيرنا ” ( بروتوكولات حكماء صهيون ، 14) . و الجدير بالذكر في هذا المقام ، هو خروج المفتي الإسلامي العام لدولة قطر قائلا اليوم ( أي الأربعاء 30 أيار/ مايو 2001 ) بأنه : ” قد عثر على حل ذكي (!؟) لإشكالية الصراع العربي – الإسرائيلي مفاده أن يقوم اليهود بالإعلان عن تطبيقهم الدين الإسلامي ، فيصبح الجميع إخوانا (!؟)” ، فكم هو خزي أن يقف هذا الشخص الضال إسلاميا على رأس الإفتاء الإسلامي ، حتى و لو كان في دولة قطر التي تحالفت بشكل ما ( لا يمكننا التعبير عنه وفقاً لأخلاقنا العربية – الإسلامية الطيبة ) مع الثورة الصهيونية – التلمودية . و لكن هذا المفتي بعينه ، يبقى معذوراً إن كان هو بذاته أحد الأزلام الصهاينة المغروسين بشكل ما في أرض الخليج العربي المتميزة بوطنيتها و بعزتها الإسلامية العتيدة،

 

9. و صيانة للثورة من أعدائها في الداخل و الخارج ” تقضي برامجها بأن يعمل ثلث الشعب في التجسس على الثلثين الآخرين ، و يكون التجسس منبعــثا عن الشعور بالواجب و على قاعــدة التطوع بالخدمــة في سبيل الدولـــة ، ووقتئذ لا يكون الـعـار أن تكون جاسوسا و مخبراً ، بل يكون مزية فضلٍ ، فإذا انطلقت ألسنة بالتعبير و القذف ، نالت جزاءها ، وحفظت للتجسس كرامته ” ( بروتولات حكماء صهيون ، 17 )،

 

10. و قد قطعت أشواطا كبيرة في السيطرة على الثروة المالية و الأسواق الإقتصادية ، تؤمن هذه الثورة ( و فقا لبروتوكلات حكماء صهيون ، 22 ) بأن ليس ثمة مجال للفشل في ” إقامة الحجة على أن الشر الذي عكفنا على إرتكابه عدة قرون كان عوناً في خاتمة المطاف لقضية الرفاهية و الخير ، يجعل الأمور كلها تحت أجنحة النظام ” الصهيوني .

 

و إنسجاماً مع أعمدة الثورة الصهيونية العشر هذه ، فقد حاول السفاح التلمودي – الصهيوني أرييل شارون تبرير آثام جيش الثورة الصهيونية على بطاح فلسطين الذبيحة ، و تأكيد ملامح هوسه التلمودي – الصهيوني ، ومستهينا بعقول مناظريه عندما سأله أحدهم مثلا عن استخدام الدبابات و الصواريخ و الطائرات الأمريكية المتقدمة مقابــل حـجـارة الشيوخ و الأطفــال الـعزل من الشعب العربي – الفلسطيني ، فأجاب قائلا : ” السلاح هو سلاح سواء كان حجراً أم طائرة إف – 16 !”. و لكنه لم يقنع أحداً البتة ، حتى روحه المهووسة المريضة ، و لهذا تابع ترديده قائلا : أن الإنتفاضة الفلسطينية مجرد لعبة بيد شخص واحد هو الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات تحركها قوة حرس الرئيس الخاصة – 17 . في حين يعلم القاصي و الداني على هذا الكوكب المستضعف بأن : الانتفاضة الفلسيطينية ، كما أظهر كفاحها خلال الشهور القليلة التي خلت ، هي ثورة عربية – إسلامية – مسيحية عملاقة يــخــرج قــرار توقــدها من رأس أبنائها الأبـرار الذين نَــفَــذَ صبرهم على الـخـزي و الاسـتضعافين العربي و الإسلامي ، و طال بهم الانتظار على فـقدهــم بـيـوتهم و مشاغلهم و مزارعهم و مدارسهم و جامعاتهم ، و تفجرت قلوبهم حزنا و ثورةً على قوافل الشهداء من أبناء شعبهم ، في الوقت الذي يتباهي به رئيس وزراء جيش الثورة الصهيونية ، أرييل شارون ، بديموقراطية دولته العسكرية الفاشية ، و بتقدم مجتمعه في صنع مختلف أدوات الحرب و الدمار الشاملة ، و بمؤسسات البحوث الصهيونية العاملة على إنتاج مختلف أشكال العتاد العسكرية و الإقتصادية و السياسية و الحضارية ، لصالح خطط الثورة الصهيونية التي أعلن مجرم الحرب هذا عن قيامها في يوم الثلاثاء 29 أيار/ مايو 2001 .

 

الدكتور عدنان مصطفى

أستاذ في الفيزياء وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سوريا


طباعة المقال طباعة المقال

قد يعجبك ايضا

التعليقات متوقفه