شروط دعم المازوت.. كيف يراها الناس؟!
لاتزال أزمة المازوت تطلُّ برأسها في مختلف المحافظات، ويكاد من الصعب أن لا تسمع آراء الناس أينما ذهبت في ما يخصُّ آخر التسريبات حول الآلية الجديدة في توزيع البدل النقدي بدلاً عن تجربة القسائم التي أثبتت فشلها العام الماضي.
ما بات معروفاً، أنَّ البدل النقدي سيكون عشرة آلاف ليرة، ولكن بشروط بدت للكثيرين تعجيزية، حيث تلخَّصت بعدم تجاوز دخل الأسرة الواحدة 25 ألف ليرة سورية شهرياً، كما تحرم كلُّ أسرة من البدل إذا امتلكت سيارة استطاعتها أكثر من 1600 cc، بالإضافة إلى حرمان كلِّ مَن يملك ترخيصاً تجارياً أو صناعياً أو سياحياً أو زراعياً، باستثناء التراخيص الحرفية، وألا يملك ربُّ الأسرة أكثر من عقار للســــكن، وأخيراً ألا يتجاوز وسطي الإنفاق للأسرة من فواتير المياه والكهرباء والهاتف النقال والثابت 3500 ليرة سورية في الشهر الواحد.
وبحسب الدكتور محمد الحسين، وزير المالية، فإنَّ تكلفة فاتورة سورية من المازوت العام القادم ستتجاوز الـ 300 مليار ليرة، وهذا الرقم سيستنزف أموالاً من الخزينة بما يعادل نصف الموازنة العامة للدولة، وأكثر من نصف إيرادات سورية من النفط، ولكنه يعود للتأكيد على نيّة الحكومة دعم المواطن السوري، ولم يلبث سيناريو البدل النقدي أن طلَّ ليلقى آراء متفاوتة في الشارع السوري بمختلف محافظاته.
وأما عن رأي الدكتور سفيان العلاو، وزير النفط حول موضوع إعادة توزيع الدعم، فأكَّد في وقت سابق لـ»بلدنا»، أنَّ الوزارة جاهزة لتأمين مادة المازوت للمواطنين حين يطلب منها ذلك.
ويبدو أنَّ الحكومة الآن لا تريد التعليق على موضوع البدل النقدي، حتى يتمَّ إعلانه كخطة متكاملة توضع موضع التنفيذ، لكن ما هو محسوم الآن، أنَّ البدل سيكون نقدياً.. «بلدنا» حاولت استطلاع آراء المواطنين في البدل النقدي، أو على الأقل حاولنا أن نعرف كيف فهم المواطن هذا البدل في مختلف المحافظات..
أهالي اللاذقية: الشروط تعجيزية
اعتبر العديد من أهالي اللاذقية أنَّ الشروط التي وضعتها الحكومة لتوزيع الدعم المالي لمادة المازوت، شروطاً تعجيزية، لأنها تستثني عدداً كبيراً من الأسر متوسطة الدخل التي تستحقُّ الدعم المالي بالفعل، ولكن بهذه الشروط لن تستطيع تلك الأسر الحصول على أيِّ شيء، لأنَّ الدعم المالي سيذهب فقط للأسر المعدومة مادياً؛ بينما سيضطرُّ أبناء الطبقة المتوسطة (الشريحة الأكبر من التركيب الاجتماعي في اللاذقية) إلى شراء مادة المازوت خلال الشتاء القادم بأسعاره التجارية المرتفعة والمقدَّرة بـ25 ل.س لليتر الواحد، علماً بأنَّ ارتفاع أسعار المازوت انعكس بشكل كبير على أسعار العديد من المواد الأساسية التي يحتاج إليها المواطن السوري في حياته اليومية.
وأشاروا إلى أنَّ الحلَّ الأمثل لتجاوز هذه المشكلة، هو تخفيض سعر المازوت وأسعار المحروقات بشكل عام، بشكل يتناسب مع دخل المواطن السوري، ويتناسب مع أسعار النفط العالمية التي انخفضت بشكل كبير خلال الفترة الماضية. وأشار أحد مواطني اللاذقية، إلى أنَّ عدداً كبيراً من الأسر التي تستحقُّ الدعم، يزيد مدخولها الشهري على 25 ألف بسبب عمل الأسرة مجتمعةً (الأب والأم والأبناء)، ولكن الخلل يكمن في إدخال الأبناء ضمن هذه المعادلة، خاصة وأنَّ الوضع المعيشي أصبح صعباً للغاية.
وأشار مواطن آخر، إلى أنَّ عدد العائلات السورية حسب آخر تقرير للجهاز المركزي للإحصاء، يبلغ 3.5 مليون عائلة، وعدد السيارات السياحية حسب نفس الإحصاء يبلغ 455000 سيارة، وهذا يعني أنَّ نسبة عدد العائلات السورية التي تمتلك سيارة لاتتجاوز 13 %، وطبعاً العائلات التي لا تمتلك سيارة هي بحاجة إلى دعم، لأنه لولا ذلك لاشترت سيارة.. الأمر الآخر والأكثر أهمية، هو أنَّ الجزء الأكبر من تلك العائلات يمتلك سيارة صغيرة، وتمَّ شراؤها بالتقسيط أو مستعملة بسعر قليل لقضاء الحاجات اليومية، فما الذنب الذي اقترفته تلك العائلة حتى تنحرم من الدعم المالي؟.
وأضاف: «الدعم يجب أن يطال الغالبية العظمى من العائلات السورية، بعيداً عن هذا التصنيف الذي سيضرُّ شرائح كثيرة في المجتمع» فما ذنب المواطن الذي تتجاوز فاتورة الكهرباء لديه حاجز الـ3500 ليرة سورية، ألا يحقُّ له أن يستخدم المكيف، أم يجب عليه أن يموت من حرِّ الصيف ليؤمِّن دفء الشتاء؟.
الشارع الحلبي يرى تخبُّطاً
نبض الشارع الحلبي أصبح معروفاً، وهو ينتظر بفارغ الصبر أن تترجم «البالونه» إلى قرار فعلي دون استغراب أو تعجُّب، ولا حاجة لنا إلى الاستفسار على حدِّ تعبير ميشيل (55 عاماً)، يقول ميشيل: «إنَّ قرار رفع سعر ليتر المازوت إلى أربعة أضعاف في الماضي، تلاه قبل أشهر انخفاض، وإنَّ استهداف الأسر التي تستحقُّ الدعم على شكل بدل نقدي كتعويض لرفع أسعار المشتقات النفطية، يعني استهداف الشريحة التي لا تستهلك المازوت، وهي التي باعت قسائم المازوت في السابق لنا، هذا وإن كانت العشرة آلاف ليرة تكفي لـ500 ليتر، وهي مصروف ثلاثة أشهر فقط للمواطن، ولكن، ماذا سيرافق كشوفات السجل العقاري وغيرها من السجلات من أجل عدم الكشف عن عدد البيوت، كذلك الحال ينطبق على باقي الشروط المذكورة وتسوية الأوضاع، والمطلوب من الحكومة أن ترفع الدعم إلى مبلغ أكبر، وأن تزيد بالشروط لأنَّ الجميع سيحصل على الدعم، ما عدا الطبقة المخملية التي لم تقف يوماً على (بونات) الرز والسكر، والتي كانت قد شملتها وشملت كلَّ من يحمل دفتر عائلة دون استثناء أحد، ولم تفرِّق تلك (البونات) بين 1600CC و1800 CC»..
حماة: تباين في الآراء
تباينت آراء ووجهات نظر المواطنين في محافظة حماة حول ما تردَّد مؤخراً حيال إعادة الحكومة النظر في دعم مادة المازوت لمستحقِّيها وإلغاء تجربة القسائم التي أثبت الواقع فشلها الذريع. وقال ماهر الحميدي (31 عاماً- مدرِّس): «إنَّ هذه الشروط تكاد تكون تعجيزية، باعتبار أنَّ هناك الكثير من الأسر لا يمكن أن تستوفيها، لاسيما ما يتعلَّق بفواتير الماء والكهرباء والهاتف، والتي يمكن أن تزيد على المبلغ المحدَّد، خاصة إذا كانت الأسرة مؤلَّفة من أكثر من 8 أشخاص، وهذا شيء مألوف وعادي لدى الكثير من الأسر في مجتمعاتنا، وهنا من الطبيعي أن ترتفع كمية استهلاكهم من الماء والكهرباء والهاتف».. مبدياً تحفُّظه عن الدقة في تحديد الوضع المادي للأسر، وما تملكه من عقارات أو سيارات أو تراخيص وقيمة استهلاك هذه الأسر، لأنَّ هذه المسالة معقدة للغاية، ولايمكن- بحسب رأيه- التوصُّل إلى حصر دقيق وشامل لملكية أي أسرة. بدوره، رأى محمود المحمد (30 عاماً- موظف) أنَّ هناك العديد من أفراد المجتمعات الريفية الذين رغم امتلاكهم تراخيص زراعية على سبيل المثال ومئات من دونمات الأراضي الزراعية، إلا أنَّ وضعهم المعاشي محدود وبالتالي فإنَّ حرمان هذه الشريحة من الدعم هو ظلم لأفرادها. وأبدى عبد اللطيف النصر (عامل) استغرابه من حرمان الأشخاص الذين لديهم سيارات تزيد استطاعة محركاتها على 1600سي سي، فهناك الكثيرون من الأشخاص حالياً لديهم سيارات قديمة تصل استطاعتها إلى أكثر من 1600 سي سي ولا تتجاوز قيمتها الآن 150 ألف ليرة، فهل يعقل أن يحرم هؤلاء من الدعم.
حمص: يجب ابتكار آلية حازمة بعيدة عن التجارب
كثرت الأقاويل والشائعات في الفترة الأخيرة حول التعويض المزمع دفعه كبديل لقسائم المازوت، واختلف الناس حول هذه الأقاويل..
عبد الإله الحمدوني (مهندس) قال: «الحديث عن البدل النقدي لقسائم المازوت، تعدَّدت سيناريوهاته التي في بعضها لا يمكن تصديقه، لذا لا بدَّ قبل إصدار القرار بشكل نهائي أن يكون للمواطنين، وخاصة شريحة الموظفين، رأي في هذا القرار، بدلا من تكرار التجرية غير الناجحة لقسائم المازوت في العام الماضي، وهذا الأمر من مسؤولية كافة المديريات فعليها أن تسلِّط الضوء على مضامين القرار قبل صدوره، وإجراء بعض التعديلات بناء على آراء المواطنين»..
بينما سمية العلواني (مدرِّسة): «الأهم قبل صرف البدل النقدي، سواء بقيمة 10 آلاف سنوياً أم ألف ليرة شهرياً، هو آلية التطبيق بحزم، ووصول البدل النقدي إلى مستحقيه، بدلا من إيجاد وسائل غير مشروعة يستطيع من خلالها المواطن الحصول على البدل النقدي لأكثر من مرة.
لؤي إبراهيم (طالب جامعي): «لماذا الحديث عن دعم وبدل نقدي، وفي الوقت نفسه يتمُّ تجاهل الموضوع الأساسي، وهو موضوع زيادة الرواتب وعملية التناسب بين الراتب والمصروف الشهري.. ولو تمَّ ذلك، فكلُّ هذه الاقتراحات لا داعي لها؛ فعندما يكون الراتب متناسباً مع قيمة المصروف الشهري في ظلِّ الأسعار العالية، سيكون صاحب العائلة قادراً على تأمين احتياجاته من دون الدعم وبكل أشكاله»..
جرود طرطوس.. تنتظر برداً ودعماً قارساً
شروط تعجيزية، فالبعض وصفها بأنها سحب بساط الدعم من تحت المواطنين
أبو سمير (متقاعد) يقول: «جنيتُ من وظيفتي بالليرة فوق الليرة محلاً صغيراً أستر به آخرتي، باعتبار أنَّ راتب التقاعد الذي لا يتجاوز 7 آلاف ليرة لا يكفي طعاماً لي أنا وزوجتي، لا سيما وأنَّنا مريضان؛ أنا بالضغط وهي بالسكري، فهل بسبب ملكيتي هذا المحل يجب أن أحرم من ثمن تدفئة الشتاء؟».
نهاد خولي، يرى أنَّ الدعم حصر بالطبقة الفقيرة جداً، وهذا تنصُّل من الدعم عندما يحصر بشريحة معينة من المجتمع.
بينما يرى باسم الذي تنطبق عليه المواصفات، أنَّ الشروط مجحفة بحقِّ العدد الأكبر من الناس، متسائلاً: هل مَن يملك عقاراً صغيراً يؤجِّره أو محلا صغيراً يرتزق منه، عليه أن يبيعه كي يتدفَّأ، مؤكِّداً أنَّ مساعدة الدولة للمواطن بالتدفئة واجب، لاسيما وأنَّ دخل المواطن قليل جداً، ويوصف بالمتقاعس مَن لا يحاول تحسين حياته.. فهل على الدولة أن ترفع الدعم عمَّن وجد نتيجة سعيه؟؟
قبول «ديري» لدعم المازوت.. والتوجُّس موجود..!!
تلقَّى مواطنو محافظة دير الزور الأخبار المتعلِّقة بالطريقة الجديدة لتوزيع دعم المازوت بشيء من الحيرة، خاصة في ما يتعلَّق بالشروط التي وضعت للأسر المستحقة، وقد طرحت في هذا الإطار العديد من التساؤلات أهمها: كيف يمكن للحكومة معرفة صحة المعلومات التي سيدلي بها المواطن، خاصة ما تعلَّق منها بدخله، وكذلك المبلغ النهائي الذي سيتمُّ اعتماده ومواعيد القبض. بشار مرعشلي (محاسب): «إنَّ تقديم الدعم حق للمواطن، لكن التساؤل الذي يطرح نفسه يتعلَّق بالشروط التي علمنا بوضعها، فمعرفة دخل العامل في القطاع العام سهلة وواضحة بالنسبة إلى الجهات المعنية، لكن ماذا عن العامل في القطاع الخاص، ومن ناحية أخرى يجب محاسبة المواطن على ما سيبقى من دخله، وليس ما لديه من الدخل..». أبو عمر، تخوَّف من إمكانية رفع أسعار المحروقات، ومن بينها المازوت، مشيراً إلى أنَّ الوضع إن بقي على ما هو عليه، فإنَّ المبلغ المخصَّص يمكن أن يغطِّي تكاليف تدفئة هذا الشتاء..
عموماً يبدو أنَّ هناك قبولا نسبياً لمسألة الدعم المادي بدلا من القسائم، لكن التخوُّف هو من الشروط التي وضعت من أجل منح هذا الدعم.
درعا: مشروع القرار مجحف
إشارات استفهام كثيرة تركها مشروع قرار الحكومة الذي وصفته أغلب الآراء الدرعاوية، بغير المشجِّع، فهل يعقل أنَّ فواتير أيِّ بيت عادي جداً لا تزيد على 3500 ليرة، هذا إن أبعدنا باقي الاحتمالات والشروط المطلوبة من عدم وجود سيارة أصلاً وليس أكثر من 1600 سي سي. واستغربت الآراء أكثر من كيفية توزيع البدل، وما هي الوثائق التي سيُعتمد عليها. وترحَّموا على القسائم (على علاتها) والمشكلات الكثيرة التي تركتها. على اعتبار أنها شملت جميع الأسر ولكافة الدفاتر العائلية.
محمد قال: «إنَّ المبلغ جيد، مما يشكو؟، لنكن نظاميين ودقيقين في المعلومات، ونحصل على حقنا وحق أولادنا. فالحياة صعبة، وطلباتها كثيرة.
ورأت السيدة (ز.ج) أنَّ المبلغ جيد، ولا ملاحظات عليه، إنما المشكلة في التكبيلات والشروط المرهقة التي يبلغ ثمن إنجازها أكثر من البدل بنفسه.
بلدنا

التعليقات متوقفه