تقرير لبنك عودة: سورية باتت مستورداً للنفط في السنتين الأخيرتين ..قطاع النفط في سورية لم يعد المحرك الأساسي للاقتصاد السوري …احتياطي سورية من البترول يشكل 3% من احتياطي الكويت
تأثر قطاع النفط في سورية بهبوط الأسعار في نهاية العام 2008 و بداية العام 2009 في بلد يعتمد جزئياً على إنتاج النفط حيث من المحتمل أن يلقي هذا القطاع بثقله على النمو الاقتصادي بشكل عام. فوفق صندوق النقد الدولي من المتوقع أن يسجل قطاع النفط نمواً سلبياً نسبته 1,9 %- بعد أن كان قد سجل نسبة أقل انخفاضاً في العام 2008 (0,1%-)
بفضل ارتفاع أسعار النفط العالمية في بداية العام الماضي. إلا أن الانكماش الحاصل في قطاع النفط في سورية ليس بجديد و ليس ناجماً عن الفورة النفطية في العالم فقط، بل إنه ظل مستمراً على مدى العقد الماضي، إن التراجع في إنتاج النفط قد أبقى النمو الحقيقي للناتج النفطي سلبياً بحدود 3,6%- سنوياً خلال السنوات الخمس الماضية.
في العام 2008 قدر إنتاج سورية للنفط الخام بحوالي 390,000 برميل يومياً في حين قدر إجمالي إنتاج السوائل النفطية الذي يشمل النفط الخام و الغاز الطبيعي السائل حوالي 450,000 برميل يومياً.
فقد تراجع الإنتاج النفطي تدريجياً و من غير المتوقع أبداً أن يرتفع في المدى القريب. و لكن في الوقت نفسه، من المتوقع أن يرتفع الطلب بنسبة 4% إلى 5% سنوياً خلال العامين القادمين، ما يجعل سورية تعتمد أكثر فأكثر على المشتقات النفطية. في الواقع باتت سورية مستورداً صافياً للنفط في السنتين الأخيرتين، حيث استهلكت 256,000 برميل نفط يومياً في العام 2008 وفق إدارة المعلومات النفطية الأمريكية (Us Energy Information Administration) و بلغت قيمة واردات النفط و الغاز زهاء 5,656 مليون دولار في العام 2008 فيما بلغت قيمة الصادرات 5,608 مليون دولار، وفق إحصاءات مصرف سورية المركزي. إن الإيرادات النفطية التي عهدت أن تشكل الحصة الأكبر من الإيرادات العامة تمثل فقط نحو خمس إيرادات الدولة اليوم.
بدأت احتياطات النفط في سورية تنفذ تدريجياً و بلغت في كانون الثاني 2009 حوالي 2,9 مليار برميل، أي ما يعادل نصف احتياطي النفط في عمان و 3% من احتياطي الكويت وفق نشرة النفط و الغاز (Oil and Gas Journal) و عليه، تتجه الجهود السورية نحو استخدام أكثر فاعلية للنفط إضافةً إلى استخدام الغاز و استيراد النفط من الدول المجاورة. في المقابل، بدأ إنتاج الغاز الطبيعي يظهر باعتباره فرصة للمستقبل. إن سورية تأمل في الاستفادة من موقعها الاستراتيجي كنقطة ترانزيت للغاز المصري و العراقي و الإيراني. إذ ستضمن بذلك توفر الغاز الطبيعي لها و ستستفيد من إيرادات الترانزيت. بلغ الإنتاج اليومي من الغاز زهاء 20,7 مليون متر مكعب في العام 2008 و وصل في الفصل الأول من العام 2009 إلى 21,6 مليون متر مكعب في حين قدرة الاحتياطات بحوالي 8,500 مليار قدم مكعب (240 كلم مكعب) و قد بدأت الحكومة السورية تعمل مع شركة عالمية للطاقة من أجل أن تصبح بلداً مصدراً للغاز، على الرغم من أن جميع الغاز الذي يجري إنتاجه يستهلك حالياً في الداخل، و سورية تستورد حوالي 5 مليارات قدم مكعب من الغاز الطبيعي من مصر عبر خط الغاز العربي و تنقله إلى لبنان و تركيا. كما انها تبحث حالياً مسألة زيادة حجم صادراتها من الغاز المصري إلى 35 مليون قدم مكعب يومياً لتبلغ السوق اللبنانية و ترفع تالياً رسوم الترانزيت. هذا و يتم إبرام اتفاقيات مماثلة مع العراق، إذ بدأ البلدان البحث منذ شباط 2009 في إنشاء خط جديد للغاز الطبيعي كذلك وقعت سورية في نيسان 2009 اتفاقية التعاون مع إيران من أجل إنشاء خط للغاز الطبيعي بين البلدان بإمكانه ان يصل إلى أوروبا.
في الواقع ، في ظل هذا التدفق الجيد للاستثمارات الأجنبية مع الأخذ في الاعتبار العزلة السياسية لسورية يشهد قطاع الهيدرو كربون تحسناً. كم أن البيئة التنظيمية تتطور إذ تم إصدار تشريع جديد في شباط 2009 لإعادة النظر في صياغة قوانين جديدة في قطاع البناء و فرض فعالية أكبر في استخدام الطاقة و ترشيد الاستهلاك. كما صدر مرسومان آخران في نهاية الشهر نفسه لإنشاء هيئتين جديدتين تتكفلان بتنظيم قطاعي التنقيب و تكرير النفط و ذلك من أجل إعادة تنظيم و فصل وظائف الأنظمة و العمليات. و سيتم إنشاء المؤسسة العامة لتكرير النفط و توزيع المنتجات النفطية لتكون مسؤولة عن الشركات المشغلة لمصفاتي التكرير في سورية و عن شركة توزيع المنتجات النفطية.
إن قطاع تكرير النفط في سورية في حال نمو أيضاً ، فسورية تملك مصفاتين حكوميتين تبلغ طاقتهما الإجمالية نحو 240,000 برميل يومياً لإنتاج المشتقات الثقيلة فقط. ووفق نشرات وسائل الإعلام المحلية فإن المصفاتين تقومان بتكرير و تصفية البترول الخام و المنتجات الخفيفة التي تلبي المواصفات الأوروبية لمستوردات الوقود إضافةً إلى ذلك أبرمت وزارة النفط السورية اتفاقاً مع شركة صينية، China National Petroleum Corporation ، لإنشاء مصفاة في منطقة دير الزور شرقاً بحلول العام 2011، لتكرير النفط الخام الثقيل و أنواع اخرى. و تبلغ طاقتها التكريرية حوالي 100,000 برميل يومياً كما تم توقيع عقد مع إيران و فنزويلا و ماليزيا لإنشاء مصفاة في فرقلس (قرب مدينة حمص الشمالية) و تبلغ طاقتها التكريرية حوالي 140,000 برميل يومياً.
إن قطاع النفط في سورية لم يعد المحرك الأساسي للاقتصاد السوري خصوصاً في ظل التطورات العالمية الأخيرة و توقع نفاذ الاحتياطات النفطية في نهاية العقد القادم. و لكن السلطات السورية تبدو مدركة للوضع الراهن و تعمل على الانطلاق من نقاط قوة أخرى للاستفادة من البنية التحتية الحالية للطاقة و موقع البلد الاستراتيجي و القريب من دول أكثر أهمية لسورية لجهة إنتاج الطاقة الهيدروكربونية. في الوقت نفسه، من المهم أن توجه الجهود و الموارد نحو قطاعات إنتاجية أخرى يمكن أن تدفع التنمية الوطنية قدماً و أن تشكل وقاية من تراجع الطاقة في المدى البعيد.
التقرير الاقتصادي السنوي لبنك عودة سورية

التعليقات متوقفه