النفط خرج عن التوقعات وربمــا يُخـرج الاقتصاديات عــن طـورهــا

سجلت اسعار النفط مستوى قياسياً جديداً مخترقة 126 دولاراً للبرميل مواصلة مستويات قياسية اذ ارتفعت نحو عشرة دولارات خلال اسبوع،

يأتي ذلك وسط مضاربات ومخاوف بشأن نقص الامدادات وارتفع سعر الخام الامريكي الخفيف الى 20ر126 دولاراً للبرميل. بغض الطرف قليلاً عما آلت اليه اسعار النفط وعن الاسباب التي دفعته -كماً وسعراً- لماهو عليه هل تعدى النفط السعر الحقيقي والمنطقي له، ام ان سعره ورغم الارتفاعات مازال دونما تستأهل هذه السلعة الناضبة التي تسيّر الاقتصادات والمصالح وتتدخل كعامل رئيس حتى في النزاعات وبخاصة ان اخذنا بعين الاعتبار ارتفاع الاسعار العالمي للسلع والمنتجات وبنسب فاقت كثيراً ماطرأ على النفط من نسب وتواتر الارتفاع. السؤال الذي يطرح نفسه :

اولاً- هل اسباب ارتفاع سعر النفط لاكثر من 126 دولاراً هي فقط بنيوية تتمثل في محددات صناعة النفط لجهة العرض والطلب ، ام ان اسباباً وعوامل اخرى تدخلت ربما بحصة فاقت حصة الانتاج والطلب؟. قبل محاولة الغوص في الاجابة حبذا لو استعرضنا سريعاًحجم الانتاج وزيادة الطلب، معروف ان الانتاج العالمي اليومي يقدر الان بنحو 86 مليون برميل يأتي 36 مليوناً منها عبر دول منظمة اوبك الاحدى عشرة والباقي 60٪ اي نحو 50 مليون برميل تأتي من دول خارج اوبك. هذا عن الانتاج الذي يعرض منه نحو 78 مليون برميل ويمكن ان تضاف اليه نسبة قليلة جداً لان الدول المنتجة تنتج بطاقة انتاجية تعدت 98٪ الا ان خطة دول اوبك الان ترصد نحو 160 مليار دولار لتعزيز الطاقات الانتاجية.

أما عن الطلب الذي زادت منه شراهة الصين والهند وألاعيب الولايات المتحدة فهو في حدود العرض ان لم نقل اقل منه بقليل كما ان السعر الحالي او مايمكن ان يصل اليه برميل النفط سيحد من الطلب الذي تقول«اوبك» انها تتوقع استمراره حتى عام 2012 لذا لن ترفع من سقوف انتاجها. نقطة نظام: عندما يزج بالولايات المتحدة كمسبب رئيس لازمة النفط فهذا لا اعتقده يندرج في خانة الوقوع في نظرية المؤامرة، فالولايات المتحدة تستورد ربع صادرات النفط العالمي ولاتنتج اكثر من 5ر2٪ من الاحتياطي العالمي بل وترفض السحب من احتياطياتها للمساعدة في زيادة العرض اي ان انتاج الولايات المتحدة نحو 10 ملايين برميل الا انها تستهلك 22 مليون برميل يومياً. عود على بدء نسأل، هل الاسباب الاقتصادية فقط هي من دفع بسعر برميل النفط ليرتفع اربعة امثاله منذ عام 2002 حتى اليوم؟. اعتقد ان عوامل عدة اضيفت للعامل الاقتصادي زادت مجتمعة من الخوف على مستقبل هذه السلعة ومحدودية عرضها. -أسباب جيوسياسية اي اشتعال مناطق انتاج النفط بدءاً من احتلال العراق وفرض الانتاج على السعودية وتهديد ايران وصولاً الى نصب الصواريخ على مرامي روسيا والتلويح بالعصا والجزرة لدول امريكا اللاتينية وهذا العامل رفع- ربما الاسعار- بزيادة 25 دولاراً للبرميل وهو مايسمى السعر الجيوسياسي. -الانخفاض المتواصل في سعر الدولار والذي فقد من قيمته الشرائية اكثر من 20٪ خلال عام واحد مازاد من ارتفاع الاسعار وان لم تكن -الزيادة- حقيقية فيما لو قيم النفط بغير الدولار. -أسباب نفسية لان ماحل بالنفط من ارتفاع سعر وزيادة طلب زاد من الخوف منه وعلى نضوبه وبخاصة انها سلعة رئيسية حتى وان ظهر الوقود الحيوي مادفع بالبيوت المالية للمراهنة على استمرارية ارتفاع الاسعار. -المضاربات التي زادت في منتصف آب العام الماضي والتي زاد من حماها انخفاض سعر الدولار ،وانخفاض اسعار الفائدة في زيادة المضاربات فالنفط ملاذ للمستثمرين لحماية استثماراتهم من انخفاض الدولار. ولعل حدة التخوف من حصول اضطرابات جيوسياسة في المنطقة(عراق-ايران-لبنان- فلسطين) تؤثر على امدادات النفط، انما زاد من حدة المضاربات وهروب المستثمرين باتجاه النفط. هكذا يبدو المشهد النفطي الذي دفع مدير وكالة الطاقة الدولية نوبوتاناكا اخيراً للقول: «ان اسعار النفط القياسية قد تسبب في دفع الاقتصاد العالمي الى الكساد» رغم ان الاسعار التي خرجت من عقالها ومن معظم التوقعات قال رئيس مجلس الفيدرالي الامريكي السابق آلان غرينسبان انها ستتعدى المئة والعشرين دولاراً وهو -الارتفاع- مابدأ يخرج الاقتصاديات عن طورها سواء في حرمان العالم من الغذاء لامتصاص الوقود الحيوي منها، او حتى الغوص في اتون حروب قد لاتحمد عقباها لان السعر الحالي للنفط اخرج المخططون والمتوقعون وبدأت ملامحه تظهر او تبشر بكساد عالمي.

البعث


طباعة المقال طباعة المقال

قد يعجبك ايضا

التعليقات متوقفه