عَوْدٌ عَلَىْ: حُرُوبِ شَرْقِيِّ المُتَوَسِطِ البِتْرُولِيّةِ

نظرا لأهمية هذا المقال للدكتور عدنان مصطفى وماورد فيه من آراء وحقائق .. نرى من الضروري اعادة نشره مع اطلالة العام الجديد 2011.    وفيما يلي نص المقال :

ما بين زمن التعبير عن رأينا: ” حَولَ حُروبِ شَرقِيِّ المُتَوَسِطِ البِتْرُولِيَةِ ” المنشور في موقع كلنا شركاء ( www.all4syria.info ) يوم الخميس الواقع في 15 كانون الثاني 2009، و زمن رأينا حول خطاب القاهرة الأوبامي المنشور بعنوان: ” الرَئِيسُ أُوبَامَا عِنْدَ مَفَارِقِ الزَمَانِ ”

في نفس موقع كلنا شركاء و موقع عالم الفكر القومي العربي ( www.alfikralarabi.org ) الالكترونيين و ذلك في الثامن و العاشر من حزيران 2009 الجاري على التوالي، سبق أن أكرمنا القراء العرب الأفاضل بآراء و ردود فعل مميزة تخص إشكالية الشأن البترولي العربي الراهنة التي نحن بصدد تقويم منظورها بشكل وطني – عربي ملتزم لا ريب فيه. و أعتز كثيراً بتشجيعٍ و ثناءٍ كريمين ورداني خصوصاً من قبل أخٍ عربي: ينطبق عليه الشاهد الصوفي القائل: ” إذا صحت مودة أخيك إليك فلا تبالي متى يكون اللقاء “، و كان له شأن كبير في صنع القرار البترولي العربي بشقيه القطري و المشترك. و تركز تعليق هذا الأخ العزيز على دعم مصداقية دعوتنا الرأي العام العربي – بشقيه الشعبي المحكوم و الرسمي الحاكم – لاستغلال نداء التغيير الذي أطلقه الرئيس الأمريكي الدكتور باراك أوباما و تحفيز أية مبادرة عربية خالصة لإماطة اللثام عن وجه المعوقات الرئيسة التي تقف حجر عثرة أمام مركب التغير الحضاري المنشود. فلقد جاء في معرض تعليقه قوله: ” أشكرك على عميق رأيك هذا، و أضيف بأنه يتوجب على العالم العربي التآزر في العمل لحل القضية الفلسطينية، و بفعلنا ذلك يمكننا حقاً مساعدة أوباما، مع مؤسساته الشرعية الأمريكية، في إخراج حل عادل لها. وا أسفاه!؟، نبقى نحن العرب محكومين بالصراع القائم بين ذواتنا أليس كذلك؟..”. و تأكيداً للحقيقة الأخيرة، ألحق رسالته بقصيد نبطي عربي يقطع الأكباد للشاعر العراقي عباس جيجان الذي توجه فيه مثلنا إلى مواكبة ما للخطاب الأوبامي إنما على طريقته الشاعرية الوطنية – العربية المبدعة.
و إذ يخوض مركب تطبيق الخطاب الأوبامي الرسمي الأمريكي بشكل عازم في أوحال المستنقعات الإمبريالية، تتكشف عواقبه من حولنا في الوطن العربي، و في شرقي البحر الأبيض المتوسط خصوصاً، مؤكدة للقاصي و الداني تحت شمس هذا الكوكب عموماً، و لمن قرأ خصوصاً رأينا المنشور بعنوان: ” الرَئِيسُ أُوبَامَا عِنْدَ مَفَارِقِ الزَمَانِ ” المشار إليه أنفاً، بأن سهم هذا الخطاب قاب قوسين أو أدني من ” الطيش “، فهو بتقديرنا: إن لم يصب صمود صاحبه الحضاري بمقتل في القريب العاجل، فلسوف يصيب صبر الوطنيين – العرب الصامدين في بلاد الشام خصوصاً دون ريب. و لا نجد القاريء العربي المهتم بمسار وزخم هذا السهم الأوبامي، ببعيد عن ” رؤية ” الاحتمالين معاً و العياذ بالله، فحقائق الانتخابات اللبنانية الظلامية المنتهية مؤخراً، و التصريحات الملغومة التي يلقيها المندوب الأمريكي الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشيل هنا و هناك خلال زيارته لبلاد الشام اليوم، كما أن النشاطات الإمبراطورية البترولية المنطلقة – بعيد المناورات الحربية الإسرائيلية الأخيرة – بعزم جديد تحت أعلام الشقيقات البترولية الكبرى مثل توتال و شل و بريتيش بتروليوم، تنذر جميعاً باحتمالات صراع نفوذ بترولية تنفذ تحت عباءة ” حسم الصراع العربي – الإسرائيلي” التي ارتداها الرئيس أوباما قبيل مغادرته القاهرة مؤخراُ. في الوقائع المؤكدة لهذا ” التصور ” الاستراتيجي، نتبين:
أولاً – ” إنجاح ” ممثلي الإمبريالية الجديدة في الانتخابات اللبنانية وفق المثل البدوي العربي القائل: ” بالرصاص أو القرطاس “. و تنصيبها كأداة تنفيذ ” مشروعة ” لبرامج الاستكشاف و الإنتاج البترولية في حوض تامار ( TAMAR ) الهايدروكاربوني الكبير الكائن قبالة شواطيء

 

( الشكل الأول )

 

 

فلسطين الشمالية المحتلة ( أنظر الشكل الأول ). و من بين أبرز مبررات إنفاق ما لا يقل عن بليون دولار أمريكي في الانتخابات اللبنانية هو الإسراع في تأكيد احتياطيات حوض تامار و تطويره و وضعه في الإنتاج و ذلك في ظل مخاض الصراع الطاقي الرباعي ( أوروبا – ألولايات المتحدة الأمريكية – إسرائيل – مصر ) على مصادر شرقي المتوسط الهايدرو كاربونية. و تجدر الإشارة إلى أن ثمة اتفاق ( تحت الطاولة ) قضى بتوحيد لون التمثيل النيابي في مدينة صيدا، درءاً لأخطار تجربة ترك صيدا معبراً لفعاليات المقاومة اللبنانية المجابهة للعدوان الصهيوني في الجنوب اللبناني. فالمنشاءات الهايدروكابونية التي ستنصب في شمال حقل تامار لن يقتصر عملها على منطقة الحقل ذاته بل ستنطلق جهود الحفر البترولي الأفقي نحو الشواطيء المقابلة لمنطقة صيدا كما يمثل الشكل الثاني الأمر.

 

( الشكل الثاني )

 

 

ثانياً – تنشيط تحرك ممثل الرئيس أوباما الشخصي ( جورج ميتشل ) باتجاه احتواء ” تطرف ” وزير خارجية العدو الصهيوني أفيغدور ليبرمان و إقناعه بالتراجع عن تصلبه التلمودي كي تتاح الفرصة أمام شركة غاز غزة ( الممثلة لمصالح سلطة عباس وشركة الغاز الاسرائليية – البريطانية و وزارة البترول المصرية )، حيث يتم رصد الثمن البترولي، الذي سيقبضه تجمع أحزاب اليمين الصهيونية من هذا العمل البترولي المشترك، لصالح تمويل مشاريع تنموية في العديد من الأقطار العربية المحكومة بأنظمة موالية سرّاَ و علانيةً و العياذ بالله. و من خلال السهم التلمودي الخارق الذي سيطلقة جورج ميتشل على طريق خارطة الطريق البترولية الجديدة، أي عبر زيارته الجارية لكل من القاهرة و الضفة الغربية و الرياض و عمان و دمشق و بيروت…الخ ، سيتم إشغال الرأي العام العربي عموماً و الفلسطيني خصوصاً بمتاعب الإشكالية العربية – الصهيونية إلى أن يبرز للوجود فلاح الموالاة البترولية هذه في ضخ البترول و الغاز الطبيعي وفق آليات نعرض منها على سبيل المثال لا الحصر في الشكل الثالث.

 

( الشكل الثالث )

 

 

و السؤال الذي يقف حائراً على كل لسان عربي قد تذهله هذه ” الحقائق الأكيدة ” هو: ” هل سيقتصر تجاهد المقاومة العربية في بلاد الشام فوق طاولة الحوار اللبنانية، أو تحت طاولة الحوار الأمنية المصرية، أم عبر سلوك الوئام العربي – العربي الجديد الذي سبق لمثيلاته التاريخية المشينة أن أضاعت الكثير من يد الشعب العربي في مختلف مجالات توجهه الصادقة نحو تحقيق الوحدة العربية و بناء الذات العربية القادرة؟، أم ” أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه و تعالى عما يشركون ؟”، صدق الله العظيم.

 

الدكتور عدنان مصطفى
وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )
رئيس الجمعية الفيزيائية العربية
[email protected]


طباعة المقال طباعة المقال

قد يعجبك ايضا

التعليقات متوقفه