بئر نفطي يهدد مدينة دير الزور والوقاية منه تنتظر توقيع المحافظ

انتشرت مؤخراً رائحة غريبة في أجواء محافظة دير الزور تشبه برائحة البيض الفاسد، بالتزامن مع اكتشاف بئر نفطي جديد يبعد مسافة لا تتجاوز كيلومتراً واحداً عن التجمّعات السكانية الكبرى في المدينة .

وتحدث الأهالي عن كون البئر هو مصدر الرائحة ، ويقع البئر التابع للشركة السورية للنفط (مشروع ديرو)، بالقرب من مشفى الأسد ، وفرع شركة الغاز والمحروقات (سادكوب)، و هو يبعد مسافة لا تتجاوز 200 متراً عن الأعمال الإنشائية للمدينة الرياضية، ومباني كلية الآداب والزراعة والعلوم المزمع إقامتها هنالك.

وقال المهندس " علا خاروف " مدير مشروع بناء كلية العلوم التابعة لجامعة الفرات، "بدأت تلك الرائحة الغريبة بالانتشار مع استثمار بئر النفط القريب من الموقع، وقد اشتكى بعض العاملين في المشروع من آلام في الصدر واحتقان في الأنف والعينين، ووهن عام عندما تكون الرائحة الغريبة منتشرة بشكل كثيف ". وهذا ما أكده لنا أيضاً المهندسون العاملون في المشروع، والذين التقيناهم في المكتب الهندسي التابع لجامعة الفرات. وقدمت عدة شكاوى إلى مديرية شؤون البيئة في المحافظة،

وقال معاون المدير "ساهر عبد الله" "وردت عدة شكاوى من المواطنين تفيد بوجود رائحة غريبة منتشرة في الجو مؤخراً، الأمر الذي دعا لتشكيل لجنة خاصة ومتابعة مصدر الرائحة للوصول إلى البئر النفطي الذي بدأت عمليات استثماره من فترة وجيزة. تلك الرائحة هي لغاز كبريتيد الهيدروجين (H2S) السام،

وأضاف " عبد الله " هو غاز بدأ بالتسرّب من البئر لينشر في المناطق المجاورة، وفي بعض الأحيان، ينتشر في أثير المدينة بكثافة متغيّرة وفقاً لاتجاه الهواء وحالة الطقس، فقمنا بمحاولة قياس نسبته بالرغم من أن الأدوات والمخابر التي نمتلكها ليست مخصصة لرصد هذا النوع من الغازات!!". و بناءً على ذلك، تم رفع كتاب لمحافظ دير الزور (حصلت "كلنا شركا ء" على نسخة منه)، يحمل دراسة ومقترحات اللجنة المشكّلة من قبل مديرية البيئة بعد جولتها على الموقع المذكور.

ومما جاء في التقرير: "تبيّن لنا من خلال الزيارة والقياسات التي أجريت من قبل المختص في مديرية شؤون البيئة، وفي عدة نقاط حول الموقع، بأن هناك تراكيز مختلفة لغاز (H2S) تتراوح ما بين /0 PPM/ في حال كان البئر مغلق إلى محول خزان تجميع بجانب البئر، وتزداد بشكل تدريجي لتصل إلى /36 PPM/ عند فتح البئر إلى الحفرة الموجودة بجانبه، علماً أن الحدود المسموح بها ضمن المقاييس السورية المعتمدة تتراوح ما بين 5-10 PPM".

من جانبه قال مدير عام حقول "الجبسة" المهندس "خالد مضيها " "بدأت عمليات استثمار البئر المذكور منذ أسبوعين تقريباً بعد أن تركته شركة أجنبية منذ حوالي 10 سنوات كون نوعية النفط المستخرجة منه ليست تجارية، وهو البئر رقم 17 في موقع المهّاش. قمنا بدراسة تركيز غاز كبريتيد الهيدروجين بالتعاون مع شركة الفرات للنفط ووجدنا بأنها تقارب /2 PPM/ في الموقع، وكون المنطقة هي نفطية-غازية بشكل عام، قد يكون ذلك سبب انتشاره في الهواء ووصوله إلى المدينة". تم رفع محضر جولة عمل اللجنة المشكلة من قبل الشركة السورية للنفط إلى إدارة الشركة بتاريخ 21 نيسان 2008، وهو يتضمن دراسة لمد الأنابيب إلى موقع "الفرعية – المهاش 14"،

وأضاف المهندس " مضيها" " قمنا بإعداد دراسة لجر الإنتاج عبر أنابيب من الموقع باتجاه آبار قديمة تبعد حوالي 4 كم، لتصب في محطة نظامية بدلاً من خزان مجاور للبئر، وننتظر موافقة الجهات المسؤولة عن تسهيل مرور هذه الأنابيب عبر مواقعها كالحزام الأخضر والبلديات المسؤولة عن التجمعات السكنية والأراضي الزراعية، بالإضافة لبعض العوائق الطبيعية التي تؤخّر مد الأنابيب. لا نعلم ما هي المدة التقريبية لانجاز عملية التحويل، وما زلنا بانتظار رد الجهات المعنية والسيد محافظ دير الزور على دراستنا هذه".

الدكتور "قاسم الفرج" نائب كلية الهندسة البتروكيميائية وعضو لجنة تقويم الأثر البيئي، أفادنا بأن غاز كبريتيد الهيدروجين هو غاز سام، تم إيقاف التجارب المرتبطة به في الكليّات لرائحته النفّاذة وأثرها المخرّش. كما أفادنا مصدر متخصص بالسلامة في الحقول النفطية أن هذا الغاز هو غاز ثقيل، يوجد طرق خاصة لقياسه تختلف كثيراً عن طرق قياس نسبة الغازات الأخرى، وهو غاز قابل للاشتعال شديد السميّة، تتدرّج نتائج التعرّض إليه بدءاً من التهاب في العين والأنف والتهاب الجهاز التنفسي (الأعراض التي اشتكى منها مهندسي بناء كلية العلوم) وصولاً إلى صعوبة التنفّس وخلل في الجملة العصبية (شلل)، ثم فشل في الجهاز التنفسي والوقوع في غيبوبة في حالة متقدّمة من التعرّض للغاز. كما أن تواجد هذا الغاز يكون أكثر في الوديان والحفر (مركز مدينة دير الزور بمثابة وادٍ بالنسبة لموقع البئر) كونه أثقل من الهواء.

 

رافع هزاع – كلنا شركاء


طباعة المقال طباعة المقال

قد يعجبك ايضا

التعليقات متوقفه