شحن السيارات الكهربائية في الصين “مأزق” لشركات النفط الكبرى (تقرير) 

أصبحح التحول إلى السيارات الكهربائية في الصين أمرًا حتميًا لشركات النفط الكبرى، في ظل النمو المتوقع للمبيعات خلال العام الجاري (2024).

ووفق الأرقام التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، من المتوقع أن تمثّل مبيعات السيارات الكهربائية في أكبر سوق للسيارات في العالم 40% من 23 مليون سيارة تُباع خلال 2024.

 

ومن المتوقع أن يصل الطلب على البنزين في الصين إلى ذروته بحلول عام 2025، وقد ينخفض إلى النصف بحلول عام 2045.

وهذا الأمر يفرض تحديات لأكبر شركتين مملوكتين للدولة، سينوبك (Sinopec) وبتروتشاينا (PetroChina)، اللتين تديران معًا نحو 50% من محطات الوقود التي يزيد عددها عن 100 ألف في الصين، وتمثّل مبيعات الوقود ما يقرب من نصف إيراداتها.

 

محاولات التكيف في الصين

 

تمتلك كل من سينوبك وبتروتشاينا حصة سوقية تبلغ نحو 1% من 2.73 مليون نقطة شحن عامة في الصين.

وقالت الباحثة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، إيريكا داونز: “إن شركات النفط الوطنية ترى الخطر القادم، ولهذا السبب تعمل على تكييف محطات الخدمة الخاصة بها، مع اقتصاد منخفض الكربون”.

وتتطلع شركات الطاقة العالمية الأخرى مثل شل (Shell) وتوتال إنرجي (TotalEnergies) -أيضًا- إلى الاستفادة من الدروس الناتجة حتى الآن من الأسواق الأصغر حجمًا التي اعتمدت السيارات الكهربائية مبكرًا مثل النرويج، وتطبيقها على نطاق أوسع بكثير في الصين.

وخصصت شركة سينوبك، التي شغّلت 21 ألف نقطة شحن في نهاية عام 2023 الماضي، 18.4 مليار يوان (2.55 مليار دولار) لقطاع التوزيع الخاص بها في عام 2024، لبناء شبكة محطات طاقة متكاملة، بزيادة 17.2% عن العام الماضي (2023).

(اليوان الصيني = 0.14 دولارًا أميركيًا).

وتخطط الشركة لبناء 5 آلاف محطة شحن بحلول عام 2025، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

 

من جانبها، أعلنت شركة بتروتشاينا، التي تدير 28 ألف نقطة شحن من خلال شركة بوتيفيو نيو إنرجي (Potevio New Energy) التي استحوذت عليها مؤخرًا، خططًا لزيادة الإنفاق الرأسمالي على التسويق والتوزيع بنسبة 49.8% إلى 7 مليارات يوان (967.4 مليون دولار) في عام 2024، مع التركيز على محطات شاملة توفر النفط والغاز والهيدروجين والشحن.

 

وتخطط الشركة لبناء ألف محطة أخرى لتبديل بطاريات السيارات الكهربائية خلال العام الجاري (2024).

 

تحديات شحن السيارات الكهربائية في الصين

 

يعاني قطاع شحن السيارات الكهربائية في الصين من تجزئة السوق، والقدرة الفائضة، وانخفاض الاستعمال والخسائر؛ ما يشكّل تحديات أمام شركات النفط التي تحاول تكييف نماذج أعمالها.

 

ويُمكن لمعظم مالكي السيارات الكهربائية في الصين شحن سياراتهم في مجمعاتهم السكنية، ما يعني أن 68% من 8.6 مليون نقطة شحن في الصين عبارة عن شواحن أبطأ وغير عامة.

 

في النرويج، حيث تمثّل السيارات الكهربائية بالكامل نحو 21% من السيارات على الطريق وأكثر من 90% من مبيعات السيارات الجديدة، أبلغ مشغّلو محطات الشحن عن مستويات عالية من الشحن في المنزل، وتباين كبير في استعمال الشحن العام.

 

وقالت شركة سيركل كيه (Circle K)، أكبر مشغّل عام للشحن السريع في النرويج، إن أعمال الشحن كانت مربحة، لكنها أشارت إلى أنه، على عكس الصين، تجاوزت الزيادة باستعمال السيارات الكهربائية في النرويج النمو في نقاط الشحن العامة.

 

وفي النصف الثاني من عام 2022، كان هناك 7 سيارات كهربائية في الصين لكل شاحن، وبالمقارنة، بلغت النسب في الولايات المتحدة وأوروبا 14.6 و17.6 سيارة لكل شاحن، على التوالي، وفقًا لبيانات من جمعية سيارات الركاب الصينية.

 

كما أن سوق الشحن في الصين مجزّأة للغاية؛ إذ تمتلك الشركات الـ5 الكبرى حصة سوقية تبلغ 65.2%، وفقًا لتحالف تعزيز البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية.

 

ومع وجود منافسة شديدة لخدمة عدد أقل نسبيًا من سائقي السيارات الكهربائية، يشهد العديد من نقاط الشحن انخفاضًا في الاستعمال، وتظل غير نشطة طوال معظم اليوم، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

 

ولا تكسب نقاط الشحن التي تديرها شركة ستار تشارج (Star Charge) -وهي أكبر شركة لشحن السيارات الكهربائية- سوى 9.58 إلى 9.94 دولارًا من الإيرادات يوميًا، بحسب تقديرات شركة ريتساد إنرجي (Rystad Energy).

 

وتقدّر شركة ريتساد أن أجهزة الشحن التي تديرها شركة تيلد (TELD)، ثاني أكبر بائع، تدرّ ما بين 12.77 دولارًا و13.25 دولارًا يوميًا.

 

وأعلنت شركة تيلد -وهي شركة تابعة لشركة تشينغداو تيغود إلكتريك (Qingdao TGOOD Electric Co)- خسارة قدرها 26 مليون يوان (3.6 مليون دولار) في عام 2022.

 

دور شركات النفط الأجنبية في الصين

 

مع ذلك، فإن الشركات الأجنبية الكبرى ذات البصمة الأصغر والأكثر تركيزًا جغرافيًا سجلت نتائج أفضل.

وقالت نائبة رئيس التسويق والخدمات في شركة توتال إنرجي الصين، آن سولانج رينوارد: “إن معدل الاستعمال لدينا يزيد عن ضعف المستوى المتوسط الوطني”.

 

وتابعت: “لقد بدأنا في تطوير خدمات إضافية، مثل غسيل السيارات وعروض الطعام وأماكن الاستراحة، لتحسين تجربة العملاء وتلبية احتياجاتهم فيما يتعلق بالتنقل الكهربائي”.

 

وتدير توتال إنرجي الصين 11 ألف نقطة شحن، في شراكة مع مجموعة المرافق الصينية ثري غورجيز غروب (Three Gorges Group).

 

وبالمثل، أبلغت شركة شل عن معدلات استعمال أفضل تبلغ نحو 25% في الصين، إذ يزور سائقو السيارات الكهربائية محطات الشحن مرتين أكثر من عدد زيارات المركبات التقليدية لمحطات الوقود.

 

وتدير شل 800 محطة شحن مستقلة في البلاد، وافتتحت مؤخرًا أكبر محطة شحن لها على مستوى العالم، في مدينة شنتشن الجنوبية.

 

 تلبية الطلب على الكهرباء

 

في سياقٍ آخر، تخطط اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في الصين لزيادة رقعة انتشار تقنية الشحن من المركبة إلى الشبكة، لتغذية الطلب على الكهرباء في البلاد.

وقالت اللجنة -مطلع العام الجاري (2024)-، إنها ستختار 50 موقعًا لإجراء التجارب ذات الصلة في مناطق مثل شنغهاي والعاصمة بكين وقوانغدونغ وسيتشوان بحلول العام المقبل (2025).

وبحلول 2030، تخطط اللجنة لتوحيد معايير التقنية وآليات السوق بأنحاء البلاد الشاسعة، وفق تقارير اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

 

وبحسب تقديرات منصة “نيو إنرجي فاينانس” (BloombergNEF)، ستمتلك السيارات الكهربائية في الصين القدرة الكافية لتلبية الطلب على الكهرباء في أوقات الذروة بحلول عام 2040، إذا كانت مزوّدة بتقنية “من المركبة إلى الشبكة”.

 

وتستعمل تقنية “من المركبة إلى الشبكة” محطات شحن ثنائية الاتجاه لدفع الكهرباء وسحبها من -وإلى- السيارات الكهربائية، ويمكن استعمال الكهرباء الفائضة في بطاريات السيارات بإنارة المنازل والمباني وأيّ شيء متصل بشبكة بالكهرباء.

 

وبالإضافة لتغذية الشبكة بالكهرباء، تساعد التقنية بتقليل التكلفة، والحدّ من تقلبات الأسعار، وترفع  قدرات تخزين الطاقة المتجددة، كما تجعل توزيع الكهرباء أكثر كفاءة.

 

 


طباعة المقال طباعة المقال

قد يعجبك ايضا

التعليقات متوقفه