إنتاج الهيدروجين الجزائري.. أمن الطاقة القادم من شمال أفريقيا (تقرير)

مساعٍ لإنتاج مليون طن سنويًا

تتجه أنظار كثير من دول العالم، ولا سيما في قارة أوروبا، إلى إنتاج الهيدروجين الجزائري، بصفته حلًا مهمًا، يأتي من شمال أفريقيا، ويعوض إمدادات الطاقة الغائبة، وبشكل نظيف.

ويسعى كثير من الدول إلى حل أزمة الطاقة لديها، وكذلك التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، لذلك تتجه إلى الدول التي تملك كثيرا من الإمكانات التي تجعلها قادرة على إنتاج الهيدروجين بتكلفة ليست صعبة المنال، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

ويعتمد إنتاج الهيدروجين الجزائري على ما تملكه الدولة من موارد قوية، من طاقتي الشمس والرياح، وهما المصدران المهمان لإنتاج الهيدروجين الأخضر النظيف، دون اللجوء إلى مصادر ملوثة للبيئة ومؤثّرة بالسلب في المناخ.

مشروعات الهيدروجين المرتقبة في الجزائر

بينما يعدّ إنتاج الهيدروجين الجزائري مهمًا، بالنسبة لتحقيق أمن الطاقة في أوروبا ودول أخرى، فإنه يعدّ كذلك مهمًا بالنسبة لاقتصاد الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، والتي تعلّق آمالًا كبيرة على قطاع الطاقة، لتحقيق قيمة مضافة إلى اقتصادها، ودعم ميزانيتها.

ومن المتوقع خلال العام الجاري 2024 أن تبدأ الجزائر مشروعًا جديدًا في مجال إنتاج الهيدروجين مع شركات أميركية، وفق اتفاق مبدئي بين وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، و7 شركات أميركية زارت الدولة الشمال أفريقية في 23 يناير/كانون الثاني الماضي.

وكان الطرفان قد أشارا إلى إمكانات التعاون الكبير وفرص الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة وتطوير إنتاج الهيدروجين الجزائري، إذ تستهدف الدولة حاليًا إنتاج وتصدير ما بين 30 و40 مليار كيلوواط/ساعة (نحو مليون طن من الهيدروجين بعد التحويل)، وذلك على هيئة هيدروجين غازي وسائل ومشتقاته.

بالإضافة إلى ذلك، تتجهز الجزائر لإطلاق 4 مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر، قبل نهاية العام الجاري 2024، وذلك بعد إكمال دراستها من جانب أهم المراكز البحثية محليًا وعالميًا، وفق معلومات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وكان مدير الدراسات والاستشراف في وزارة الطاقة والمناجم ميلود مجلد قد أعلن، في تشرين الأول الماضي 2023، أنه من المنتظر تعزيز إنتاج الهيدروجين الجزائري، من خلال إطلاق 4 مشروعات تجريبية لإنتاج الوقود الأخضر قبل نهاية العام الجديد.

ولفت إلى أن مشروعين من المشروعات الـ4 سيبدأ العمل فيهما مع بداية العام، بينما المشروعان الآخران سيكونان قيد الإطلاق خلال 2024، كاشفًا أن 3 مشروعات ستطورها شركة سوناطراك الحكومية، والرابع بالشراكة مع ألمانيا.

وخلال الشهر نفسه، أعلنت الجزائر مشروعًا بقدرة 50 ميجاواط لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وذلك بمساهمة تُقدَّر بنحو 35 مليون يورو (38.3 مليون دولار أميركي) على شكل منحة ألمانية، وفق ما نشره موقع “سولارابك” المتخصص في الطاقة المتجددة.

وعلّق وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب على المشروع -الذي أُعلن خلال يوم الطاقة الجزائري الألماني الخامس- في 23 تشرين الأول 2023، بالقول، إن بلاده ملتزمة بتعزيز التعاون مع ألمانيا وترقيته.

كشف خبير الصناعات الغازية والهيدروجين في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك”، المهندس وائل حامد عبدالمعطي، أن الهيدروجين الجزائري يحظى ببنية قوية، وهي بنية نقل الغاز.

وأضاف، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن هذه البنية تربط بين الجزائر والأسواق الأوروبية، الأمر الذي يجعلها صالحة للاستغلال في مجال تصدير الهيدروجين.

وأشار إلى إمكان تصدير إنتاج الهيدروجين الجزائري، عبر الخطوط التي تنقل الغاز الطبيعي، موضحًا أن الدولة اتخذت خطوات في هذا الاتجاه، أهمها إعلان الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين، في آذار 2023.

وقال خبير أوابك، إن هناك 4 عوامل تدعم مشروعات الهيدروجين العربية، ومن بينها المشروعات الجزائرية، أولها عامل الموارد؛ لأن الهيدروجين ليس موجودًا بشكل حرّ في الطبيعة إلّا في حالات نادرة، لذلك هناك حاجة إلى إنتاجه من موارد أخرى.

العامل الثاني، هو وجود بنية تدعم المشروعات، إذ تتمتع المنطقة العربية بوجود خطوط أنابيب للغاز الطبيعي، يُمكن استعمالها وإعادة تهيئتها لنقل الهيدروجين، بينما العامل الثالث هو الموقع الجغرافي القريب من الأسواق المعروفة بمراكز الطلب.

أمّا العامل الرابع، فهو الشراكة الإستراتيجية بين الشركات التي تملكها الحكومات في المنطقة، وهي الشركات التي تقود إنتاج هذا النوع من الطاقات الجديدة، وكذلك الشركات العالمية، مع وجود توجّه دولي لإيجاد أنواع طاقة بديلة للمصادر الأحفورية.

هل يتجه إنتاج الغاز الجزائري للتصدير فقط؟

في الوقت الذي تجهز فيه الجزائر بني تحتية مناسبة لنقل الهيدروجين إلى أوروبا ومناطق أخرى من العالم، وفي مقدمة هذه البنى خطوط نقل الغاز، تتزايد التساؤلات بشأن تخصيص إنتاج الهيدروجين الجزائري للتصدير فقط، دون الاستعمال على المستوى الداخلي.

وكانت شركة ألمانية قد أبدت في حزيران الماضي 2023 رغبتها في شراء كل إنتاج الهيدروجين الجزائري، وذلك ضمن مساعيها لتأمين الطلب المتزايد على الوقود المتجدد لعملائها في أوروبا، ولكن يبدو أن الدولة العربية الأفريقية لها رأي آخر.

في هذا الإطار، يوضح مدير الدراسات والاستشراف في وزارة الطاقة والمناجم ميلود مجلد أن شركة سوناطراك المملوكة للدولة تعتزم استغلال إنتاج الهيدروجين الجزائري من هذه المشروعات، لتشغيل توربينات الغاز، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

بالإضافة إلى ذلك، تخطط وزارة الطاقة والمناجم لاستعمال إنتاج الهيدروجين الجزائري، جنبًا إلى جنب مع أنواع أخرى من الطاقات النظيفة “مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح” في مزيج الكهرباء في البلاد، لدعم عملية التحول إلى الطاقة النظيفة، وتحقيق الحياد الكربوني قبل حلول منتصف القرن.

يشار إلى أن أول مشروعات الهيدروجين في الجزائر اتُّفِق عليه في شهر آذار من عام 2021، بين شركة سوناطراك الجزائرية وشركة إيني الإيطالية، وبدأت خطواته التنفيذية تجريبيًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر في شهر تموز من العام نفسه.

وقبل شهرين فقط من هذا الاتفاق، وقّعت الشركة 5 مذكرات تفاهم مع إيطاليا، شملت إنشاء خط أنابيب لنقل الهيدروجين من جانب الجزائر إلى إيطاليا، بجانب عدد من الاتفاقات الأخرى، المتعلقة باستيراد الكهرباء من شمال أفريقيا.

موقع الطاقة


طباعة المقال طباعة المقال

قد يعجبك ايضا

التعليقات متوقفه