- أخبار النفط والغاز السوري - https://www.syria-oil.com -

تقنية إنتاج الغاز الحيوي في السويداء.. تجربة البحث عن بدائل متجددة للطاقة

تجربة انتاج الغاز الحيوي من المخلفات الحيوانية التي ينفذها المركز الوطني لبحوث الطاقة في ريف السويداء بالتعاون مع المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة أكساد في قرى رضيمة اللواء والصورة الكبيرة وذكير والصورة الصغيرة إحدى التجارب الرائدة والواعدة في مجال البحث عن بدائل طبيعية متجددة للطاقة رخيصة وصديقة للبيئة وفي مجال معالجة المخلفات العضوية الحيوانية والبشرية والنباتية عن طريق تحويلها الى مواد مفيدة للانسان والبيئة .

 

وذكر المهندس مازن شنار رئيس قسم الطاقات المتجددة في المركز الوطني لبحوث الطاقة ان المركز انشأ 19 هاضما منزليا بحجم 14 م3 لكل هاضم حيث تعالج الهواضم مخلفات الابقار عبر تقنية انتاج الغاز الحيوي التي تحول المخلفات الى عناصر مفيدة تمد المزارع بالغاز الحيوي الذي تتعد استخداماته في مواقد الطهي واغراض التدفئة والانارة والسماد العالي الجودة الذي يرفع من انتاجية الاراضي الزراعية اضافة الى الفائدة الكبيرة في المحافظة على بيئة نظيفة من خلال حل امثل لمشكلة تراكم المخلفات الحيوانية التي تسبب انتشار الحشرات والامراض في الارياف .

 

وقال شنار ان الهواضم مازالت في طور التجريب وتحتاج لفترة زمنية للوصول الى النتائج المرجوة التي ستنعكس ايجابا على مستوى معيشة الفلاحين من خلال تامين دخول اضافية تعزز استقرارهم في الريف وتحد من هجرتهم الى المدن بعد ان تتحسن مردودية مقتنياتهم من ارض زراعية وماشية مبينا دور المزارع والجهات المعنية في انجاح هذه التجربة وضمان استمراريتها من خلال المتابعة والاهتمام .

 

واوضح شنار ان تقنية الغاز الحيوي تعتمد على تفكك المخلفات وتحليلها الى مكوناتها العضوية عن طريق تخميرها بمعزل عن الهواء والاوكسجين في درجات حرارة معينة وهو ما يعرف بعملية التخمير اللاهوائي حيث تقوم بكتيريا خاصة بتحليل المخلفات عبر عمليات بيولوجية متتالية ومتداخلة يتولد عنها الغاز الحيوي او ما يسمى البيوغاز وهو مزيج غازي يتكون من غاز الميثان بنسبة 50 -70 بالمئة وغاز ثاني اكسيد الكربون بنسبة 25-40 بالمئة وغازات اخرى بنسب ضيئلة وهو غاز اخف من الهواء عديم اللون وله رائحة مميزة كما انه صديق للبيئة لانه يخفض اصدار اول اكسيد الكربون الذي يترك اثارا سلبية في الغلاف الجوي ولا مخاطر من استخدامه .

 

واضاف شنار انه ينتج عن التخمر ايضا مخلفات عضوية سائلة تعتبر سمادا عالي الجودة ذا مواصفات ممتازة ويتميز بانه عديم الرائحة ولايجذب اليه الحشرات والذباب والبعوض ويخلو من الميكروبات والطفيليات المرضية ما يجعل تداوله اكثر امنا من الناحية الصحية عن التعامل مع المخلفات العضوية الاصلية قبل عملية التخمر كما يحتوي السماد على الهرمونات النباتية الطبيعية ومنظمات النمو مشيرا الى ان التجارب الحقلية اظهرت ان للاثر المتبقي لهذا السماد بعد جني المحصول الاول دورا في زيادة انتاجية المحصول التالي في الدورة الزراعية داعيا الوحدات الارشادية الزراعية والجهات المعنية الى متابعة عملية التعريف والتسويق اللازمة لهذا السماد العالي المردودية عن طريق نشر ثقافة زراعية لدى الفلاحين لاستخدام هذا السماد الاجود والارخص من الاسمدة الكيماوية ذات الاثر السلبي على الارض والبيئة .

 

من جهته ذكر المهندس توفيق خويص منفذ المشروع أن الهاضم يتألف من عدة اجزاء رئيسية هي حوض الدخول او التغذية والمخمر وحوض الخروج وخزان الغاز الموصول بشبكة أنابيب لجره الى أماكن الاستخدام اضافة الى جهاز الطاقة الشمسية المتصل بالشبكة المنزلية وبحوض التغذية لتامين الماء اللازم لعملية خلط المخلفات بالماء بنسب مدورسة لتصبح خليطا متجانسا تحضيرا لادخاله الى المخمر حيث يبقى فيه ما بين 30 الى 45 يوما تبعا لدرجات الحرارة وضمن شروط خاصة يتم تامينها لنجاح عملية التخمير اللاهوائي وتستمر بعدها التغذية اليومية بمعدل يصل الى 22ر0 م3 يخرج عنها يوميا 22ر0 م3 سماد سائل وكمية غاز تصل الى حوالي 3 م3 يوميا .

 

وقدر خويص خبير المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والاراضي القاحلة اكساد ان بقرة واحدة يمكنها ان تنتج تقريبا 1 م3 من الغاز الحيوي مما يعني ان البقرة الواحدة تعطي في الشهر بمعدل اسطوانة غاز وبالتالي فان ملكية ثلاث بقرات تنتج من الغاز ما يكفي احتياجات منزل على مدار السنة تقريبا وتوفرعلى المزارع مبالغ مالية كانت مخصصة لشراء اسطوانات الغاز اضافة الى الاستفادة المجانية من السماد الناتج في رفع انتاجية أرضه وامكانية تامين دخل اضافي من بيعه وتحقيق وفر في استهلاك الكهرباء والمحروقات جراء حصوله على الماء الساخن ايضا معظم اشهر السنة من جهاز الطاقة الشمسية مجانا .

من جانبه اوضح الدكتور نادر علي المشرف على تنفيذ التجربة ان تقنية انتاج الغاز الحيوي تمثل احدى التقانات الملائمة للتنمية الريفية وتعمل على الحد من اثار التلوث البيئي الناتج عن المخلفات العضوية بمختلف مصادرها الحيوانية والنباتية والبشرية وحتى الصناعية حيث يمكن معالجتها بوحدات خاصة لانتاج الغاز الحيوي الذي يمكن استخدامه كطاقة بديلة في انتاج الطاقة الحرارية تسخين او الميكانيكية تشغيل محركات او الكهربائية توليد كهرباء وخاصة ان محتوى الطاقة في المتر المكعب من الغاز الحيوي تبعا لنسبة غاز الميتان فيه يعادل ما يقارب 66ر0 ليتر من وقود الديزل و 75ر0 ليتر من البترول و 25ر0 م3 غاز بروبان و 2ر0 من البوتان و 85ر0 كغم من الفحم .

وبين الدكتور علي الاختصاصي في الطاقة المتجددة والكتلة الحيوية ان المتر المكعب الواحد من الغاز الحيوي ينتج تقريبا 3ر1- 5ر1 كليو واط ساعي وان 5ر1 م3 يوميا من الغاز الحيوي يغطي احتياجات أسرة مكونة من خمسة أشخاص لأعمال الطهو كما يمكنه تغطية العديد من الاحتياجات الاخرى لافتا الى ضرورة تزويد الهواضم بتجهيزات خاصة لتامين كل من الطاقة الحرارية والكهربائية والميكانيكية ومراعاة شروط الامان البسيطة في التعامل مع الغاز الحيوي مؤكدا ان هذه التجربة تعتبر مقدمة لدراسة مثل هذه المشاريع وامكانية اقتراح تصاميم اقل تكلفة بما يناسب واقع الريف السوري ونقطة انطلاق لبناء محطات كبيرة وبطاقة انتاجية اكبر .

ويرى الدكتور علي أن نجاح تجربة الغاز الحيوي من تخمير المخلفات الحيوانية واستخدامها في الريف يتطلب اهتمام وتضافر جهود مختلف المؤسسات والجهات المعنية ذات العلاقة في تخطيط ادارة المخلفات بحيث تحمل كل منها مسؤوليتها للوصول الى نظام متكامل وشامل تكمل فيه كل جهة عمل الأخرى بدءا من مرحلة التنفيذ إلى الانتاج والتسويق والتوعية الشاملة وخاصة ان المشروع يلبي حاجات تتناسب مع واقع المجتمع الريفي لما له من ابعاد تنموية اقتصادية واجتماعية وبيئية تترك اثرها على المدى الطويل في تحسين معيشة الريفيين وهذا هدف يستدعي المتابعة والتعاون الجاد لانجاح التجربة وتعميمها ليس على مستوى الريف السوري ككل فقط بل لحل مشاكل مخلفات المدن مستقبلا .