- أخبار النفط والغاز السوري - https://www.syria-oil.com -

النفط في أسبوع – السعر العادل للنفط

بدأ منذ أوائل السبعينات، أي منذ ان بدأت دول منظمة «أوبك» تلعب دوراً أساسياً في تسويق النفط وتسعيره، نقاش واسع يدور حول «سعر عادل» للنفط الخام. وملفت ان أسعار النفط قفزت منذ تلك الفترة من 10 دولارات إلى 147 دولاراً في تغيرات كبيرة وسريعة، وهي تتراوح الآن ما بين 35 و50 دولاراً، متأثرة بالأزمة الاقتصادية العالمية وانخفاض الطلب وارتفاع المخزون التجاري.


على ضوء التجارب السابقة، يمكن للأسعار ان تنخفض مرة أخرى إلى حدود دنيا أو ان ترتفع إلى مستويات قياسية، بسرعة ومن دون سابق إنذار. وتثير هذه التقلبات موضوعين أساسيين: الأول، تأثير انخفاض الأسعار في اقتصادات الإنتاج لدى الدول النفطية الهامشية، أو تلك التي يكون فيها سعر إنتاج برميل النفط باهظاً جداً،

والثاني، ان انخفاضاً الكبيراً يخلق أوضاعاً اقتصادية صعبة ومربكة في الكثير من الدول المنتجة، خصوصاً تلك التي تفترض أسعاراً عالية للنفط في موازنتها السنوية.
وأجرت «الشركة العربية للاستثمارات البترولية» (ابيكورب) دراسة موسعة حول موضوع «السعر العادل» للنفط الخام، نشرتها أخيراً في دوريتها البحثية الشهرية. ويُذكر ان الدراسة صدرت بعد أسابيع معدودة من إطلاق السعودية دعوة إلى وصول النفط الخام إلى «سعر عادل» واستقراره عنده، وقدّرته بـ75 دولاراً للبرميل. وأثارت هذه الدعوة، كما هو متوقع، نقاشاً واسعاً في أوساط الصناعة النفطية.
واضح ان الأسواق تتعامل مع السعر الحالي أو «الواقعي» للنفط الخام، ولا تأخذ في الاعتبار «السعر العادل» للنفط. ومن ثم، حاولت دراسة شركة «ابيكورب» التعامل مع الموضوع من خلال وجهة نظر بعيدة الأجل في ما يتعلق بسعر عادل لكل من الدول المنتجة والشركات.
لقد أثار الاقتراح السعودي النقاش القديم – الجديد حول هذا الموضوع، خصوصاً لأن الاقتراح صادر عن اكبر دولة منتجة في منظمة «أوبك»، ما استدعى أخذه بجدية وإعطاءه الأهمية اللازمة. لكن على رغم ذلك، فإن ما يهم الاقتصاديين في نهاية المطاف هو ليس «السعر العادل» بل «السعر المؤثر» في الإمدادات والطلب على النفط الخام. فالسعر المؤثر هو الذي يوازن ما بين العرض والطلب، ويطلق الإشارات اللازمة للاستثمار في الصناعة النفطية. وعلى رغم ان معظم الاقتصاديين يعترفون ان من الصعب جداً تحديد هذا «السعر المؤثر»، إلا إنهم في الوقت ذاته يدّعون ان «السعر العادل» هو كلام عاطفي، لا يعطي الإجابة اللازمة والوافية لاستثمارات الشركات أو موازنات الدول المنتجة.
فما هي الإجابة؟ هل يمكن الاعتماد على تقلبات السوق، خصوصاً بعد تجارب العقود الثلاثة الماضية من ارتفاعات وانخفاضات قياسية؟ لقد تغيرت أسعار النفط بسرعة فائقة نتيجة لمتغيرات اقتصادية عالمية ومن دون أي ضوابط لسقف أو حدود دنيا. ويؤكد تقرير «ابيكورب» ان هذا أمر طبيعي، نتيجة لكون النفط مادة إستراتيجية ذات أهمية قصوى في الاقتصاد العالمي، ونتيجة لوسائل التعامل التجاري والمضاربات بهذه المادة الاستراتيجية ومصالح التجار والوسطاء الذين يتعاملون بالنفط في الأسواق الدولية. وتقترح الشركة في هذا الصدد دراسة ثلاثة عوامل بعيدة الأجل متداخلة فيما بينها، تؤثر في سعر النفط. منها، مثلاً، كلفة الإنتاج ومعدل الأسعار، التقنية، الاقتصاد والسياسة.
فبالنسبة إلى اقتصادات سعر النفط، يشير التقرير إلى ان المهم هو الأخذ في الاعتبار الكلفة البعيدة الأجل للإنتاج. لكن، وكما هو معروف، هناك أرقام متعددة ومتباينة لأكلاف الإنتاج. لكن اعتماداً على إحصاءات وكالة الطاقة الدولية لعام 2000، أُنتج نحو 1.1 تريليون برميل من النفط الخام بكلفة اقل من 30 دولاراً للبرميل. وتقدر كلفة إنتاج النفط التقليدي المتبقي في الدول العربية بأقل من 30 دولاراً، وترتفع هذه الكلفة إلى نحو 40 دولاراً في مناطق أخرى، في وقت تبلغ أكلاف إنتاج الرمل القيري نحو 30-70 دولاراً، وكلفه الإنتاج بواسطة الطرق المحسنة ما بين 30 و80 دولاراً. والكلفة الأعلى هي في استخلاص النفط المعزز، إذ تبلغ بين 50 و110 دولارات.
ويستنتج التقرير ان الدراسات البعيدة الأجل تؤهل الباحث للتوصل إلى السعر المناسب للنفط، وهي في ظل أسعار مستقرة ومعقولة للفائدة، يمكن ان تشير إلى سعر بعيد الأجل للنفط يبلغ ما بين 60 و80 دولاراً. وان معدلاً سعرياً للنفط يبلغ نحو 75 دولاراً، إلى جانب التقنية المناسبة التي تساعد في تسويق بدائل الطاقة بأسعار مناسبة، هو سعر مناسب لموازنات الدول المنتجة ولاستثمارات الشركات في الأجل البعيد.

 

الحياة 27/4/2009