بعد اندماج بتروكندا وصنكور … توقعات بازدياد صفقات الاستحواذ في صناعة النفط والغاز
يبدو أن الشركات العملاقة في صناعة النفط استمرت تتبنى فلسفة تقوم على اصطياد وشراء الشركات الأصغر حجماً في الساحة خاصة في أوقات المصاعب والأزمات، تماماً كما حدث في آخر مرة تراجعت فيها أسعار النفط في أواخر حقبة التسعينات.
فالبحث عن النفط أضحى أقل ربحية بفضل انخفاض الأسعار في الوقت ذاته الذي أصبح فيه اصطياد الشركات المنافسة أكثر يسراً وسهولة بسبب انخفاض أسعار الأسهم، وهو الأمر نفسه الذي أدى إلى استحداث شركات كبيرة اندمجت في السابق من أمثال: ”اكسون – موبيل” و”شيفرون – تيكساكو” و”بريتش بتروليوم – اموكو”، بالإضافة إلى مجموعة ”توتال فينا إلف”.
لذا فعندما أعلنت كل من شركتي صنكور وبتروكندا العملاقتين الكنديتين في مجال النفط عن اندماجهما في صفقة بقيمة 19,3 مليار دولار كندي (15,8 مليار دولار أميركي) في الثالث والعشرين من مارس تعتبر الأكبر من نوعها التي تشهدها الصناعة منذ العام 2006 سرعان ما تواترت التوقعات بأن العديد من الصفقات سوف تتلو تباعاً وفي وقت قريب.
وذكرت كل من شركتي صنكور وبتروكندا أن هذا الاندماج سوف يساعدهما على الوقوف بقوة أمام تداعيات الأزمة المالية العالمية.
ويعتقد المديرون التنفيذيون في كلتا الشركتين أنه سوف يصبح بإمكانهم توفير مبلغ 300 مليون دولار كندي في كل عام في التكاليف التشغيلية، وسوف يصبح هذا التوفير ممكناً لسبب رئيسي يعود إلى تكامل الاستثمارات العائدة للشركتين في مشاريع الرمال النفطية الكندية، حيث يوجد النفط في أحد أشكاله غير الصافية المعقدة والتي تحتاج إلى عمليات باهظة التكلفة. وتخطط الشركان لتقاسم تكاليف خطوط الأنابيب وإنشاء البنية التحتية الأخرى الخاصة بإدارة المرافق الحالية والمستقبلية.
وتأمل الشركتان أيضاً في أن تؤدي عملية الاندماج إلى مساعدتهما على تقليل مستوى التضخم في منطقة الرمال النفطية الذي تصاعدت حدته أثناء هوجة وتدافع الشركات من أجل تطوير المشاريع الجديدة عندما كانت أسعار النفط في أوج ارتفاعها.
يذكر أن شركة بتروكندا كانت قد عمدت مؤخراً إلى تأجيل أحد مشاريعها التطويرية في منطقة فورت هيلز بعد أن ارتفعت التكاليف المحددة في السابق من مستوى 14 مليار دولار كندي إلى 25 مليار دولار في خلال عام واحد فقط؛ لذا فإن الشركة تعتقد أن عملية الاندماج سوف تساعدها على تقليل الفاتورة مجدداً عبر خفض حدة المنافسة على المعدات والعمالة النادرة.
إلى ذلك، فإن العمليات الإنتاجية في الرمال النفطية تعتبر مجالاً طبيعياً لتركز صفقات الاستحواذ والاندماجات في الصناعة، فهي عمليات تتسم بالتكلفة الباهظة في تنفيذها، وبالتالي فهي أكثر عرضة وتأثراً بانخفاض أسعار النفط، بل ان الشركات العاملة في مجال الرمال النفطية عادة ما تجد من الصعب عليها تمويل التوسعات المطلوبة خاصة في ظل انخفاض أسعار النفط.
وبرغم ذلك، فقد استمرت الرمال النفطية الكندية تستقطب الاستثمارات وذلك لأنها توفر احتياطيات طويلة المدى في دولة مستقرة سياسياً وبشكل يندر حدوثه في مجال الأعمال التجارية للنفط في هذه الأيام، وهو الأمر الذي يفسر قيام شركة توتال مؤخراً بعرض شراء شركة يو تي اس اينرجي أحد الشركات المشاركة لشركة بتروكندا في مشروع فوت هيلز.
وينطبق هذا المنطق نفسه على عمليات الاستحواذ على شركات الميثان المستخرج من الفحم والتي تعمل على إنتاج الغاز الطبيعي من مكامن الفحم، إذ يشار إلى أن شركة بريتش غاز قد نجحت لتوها في شراء شركة بيور اينرجي ريسوسيس الاسترالية المتخصصة في إنتاج ميثان الفحم في صفقة بلغت قيمتها 729 مليون دولار أميركي.
وكانت الشركة البريطانية قد أنفقت مبلغ 6 مليارات دولار في العام الماضي على صفقة لشراء شركة أخرى تدعى كوينزلاند غاز، علماً بأن كل من شركتي كونوكو فيليبس ورويال دوتش شل قد أنفقت استثمارات مماثلة على شراء بعض الشركات العاملة في مجال الميثان المستخرج من الفحم. ومن المؤكد أيضاً أن أكثر من 40 في المئة من عمليات الاستحواذ في الأعمال التجارية للنفط والغاز في العام الماضي اتجهت إلى المصادر ”غير التقليدية” مثل الرمال النفطية والميثان المستخرج من الفحم وفقاً لما ذكره كريس شيهان في شركة آي اتش اس هيرولد المتخصصة في أعمال البحوث.
وتوقع تواتر المزيد من الصفقات من هذا النوع في هذا العام في ظل تدافع شركات الصناعة العملاقة لوضع يدها على الاحتياطيات غير التقليدية التي يعاني مالكوها المتعسرون مالياً من عدم تحمل القدرة على تطويرها، ولكن شيهان لا يتوقع أن تقدم الشركات العملاقة في الصناعة على الاستحواذ على بعضها البعض تماماً كما فعلوا في الصفقات الداوية التي أبرموها في حقبة التسعينات، وذلك لسبب واحد يكمن في أن هذه الشركات قد أضخت أصلاً هائلة الحجم، بحيث إن المزيد من عمليات الاندماج سوف يثير المخاوف من حدة المنافسة.
وبالإضافة لذلك، فباستثناء شركة اكسون موبيل التي أصبحت تحتفظ بأموال نقدية تقدر بعشرات المليارات، فإن هذه الشركات سوف تناضل كثيراً من أجل تجميع السيولة النقدية؛ لذا فإن الشركات المتوسطة وصغيرة الحجم من المرجح أن تصبح الأهداف الرئيسية لعمليات الاندماج والاستحواذ، إذ تشير معظم التوقعات على سبيل المثال إلى أن شركة سانتوس الأسترالية التي لديها العديد من مشاريع الغاز الطبيعي المسال قيد التنفيذ سوف تصبح هدفاً للشراء في وقت قريب، وكذلك فإن الأمر لن يقتصر على كبريات شركات النفط الغربية بعد أن أصبحت شركات النفط الحكومية في دول مثل الصين والهند تتجه أكثر من غيرها في السنوات الأخيرة إلى إبرام هذه الصفقات.
عن ايكونوميست
طباعة المقال
التعليقات متوقفه