غاز النفط المسال.. ماذا تعرف عن الوقود الذي أشعل الاحتجاجات في كازاخستان؟
احتجاجات عنيفة تشهدها كازاخستان منذ بداية العام، إثر ارتفاع أسعار غاز النفط المسال، المستخدم على نطاق واسع وقودًا للمركبات في البلاد.
وأجبرت هذه المظاهرات الحكومة على الاستقالة، بعد أن أثبتت عدم قدرتها على تنفيذ إحدى مهامها الرئيسة، وهي إبقاء التضخم تحت السيطرة، على حد قول رئيس قازاخستان، قاسم غومارت توكاييف، الذي أعلن حالة الطوارئ في أجزاء من البلاد.
وبدأت الاحتجاجات يوم الأحد الماضي عندما رفعت الحكومة سقف أسعار غاز النفط المسال.
وبلغ إنتاج كازاخستان من النفط 1.860 مليون برميل يوميًا عام 2021، مع امتلاكها احتياطيات مؤكدة تبلغ 30 مليار برميل، بحسب تقديرات أويل آند غاز جورنال.
فما هو غاز النفط المسال، الذي كان ارتفاعه سببًا في اندلاع الاحتجاجات العنيفة داخل إحدى أكبر الدول امتلاكًا لاحتياطيات النفط حول العالم؟
معلومات عن غاز النفط المسال
عبارة عن مجموعة من الغازات الهيدروكربونية، تتكون أساسًا من البروبان والبيوتان العادي والأيزوبيوتان، المشتقة من تكرير النفط الخام أو معالجة الغاز الطبيعي.
ويُعد غاز النفط المسال متعدد الاستخدامات، إذ يُستعمل لأغراض التدفئة والطهو أو وقودًا للمركبات، كما أنه شائع الاستخدام في التطبيقات الصناعية والزراعية والتجارية.
ويمكن تسييل هذه الغازات الهيدروكربونية من خلال الضغط لسهولة النقل أو التخزين، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
ويُعدّ استخدام غاز النفط المسال منخفض الكربون أكثر صداقة للبيئة مقارنة بوقود الديزل أو زيت الوقود.
أسعار غاز النفط المسال
ترتبط أسعار غاز النفط المسال أساسًا بأسعار النفط الخام، التي تقف حاليًا قرب أعلى مستوياتها في عدة سنوات، إذ تجاوز خام برنت حاجز 82 دولارًا للبرميل في تعاملات الأسبوع الأول من العام الجديد.
ويبلغ متوسط سعر غاز النفط المسال حول العالم 0.78 دولارًا للتر في أوائل 2022، بحسب موقع غلوبال بترول برايس.
ومع ذلك، هناك فرق كبير في هذه الأسعار بين الدول، يرجع في الغالب إلى الضرائب والإعانات المختلفة، ما يُحدث اختلافًا في سعر التجزئة لغاز النفط المسال.
ورغم أنها الأقل بالنسبة إلى الأسعار بين الدول، اندلعت شرارة الأزمة في كازاخستان، عندما رفعت الحكومة سعر غاز النفط المسال في 1 يناير/كانون الثاني من 50 (0.11 دولارًا) إلى 120 تنغي للتر (0.27 دولارًا)، قبل أن تتراجع عن قرارها بعد الاحتجاجات.
وجاء رفع الأسعار في البداية مع وجود عجز في الإمدادات، مع تفضيل المنتجين التصدير الذي يوفّر سعرًا أعلى، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي.
وبدأت أسعار الارتفاع في كازاخستان مع الانتقال التدريجي إلى تداول غاز النفط المسال، عبر الإنترنت، في يناير/كانون الثاني 2019، وانتهى في اليوم الأول من هذا العام، بهدف الإنهاء التدريجي لدعم الأسعار للمستهلكين.
وأدت هذه السياسة -كما كان متوقعًا- إلى ارتفاع سريع في التكاليف، مع تزايد الطلب على هذا الوقود مرتفعًا، خاصة في منطقة مانغيستاو الغربية، التي اندلعت بها الاحتجاجات، بحسب موقع أوراسيانت (Eurasianet)، المهتم بأخبار دول آسيا الوسطى ومنطقة القوقاز وروسيا وجنوب غرب آسيا.
الإنتاج العالمي
تتجاوز الإمدادات العالمية لغاز النفط المسال 300 مليون طن سنويًا منذ عام 2017، إذ إنها بلغت تقريبًا 317 مليون طن في عام 2018، بحسب تقديرات منصة آرغوس.
وتُعدّ الولايات المتحدة والصين والسعودية وروسيا وكندا أكبر منتجي غاز النفط المسال.
وفضلًا عن توقعات أن تصبح أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العام الجاري، فإن صادرات غاز النفط المسال من الولايات المتحدة من المرجح أن تواصل النمو، خاصة إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وبحسب بيانات شركة فورتيكسا، ارتفعت صادرات أميركا من هذا الغاز إلى آسيا والمحيط الهادئ إلى 7.1 مليون طن في الأشهر الـ3 المنتهية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مقارنة مع 6.69 مليون طن خلال المدة نفسها من عام 2020.
في حين، بلغت الصادرات الأميركية من غاز النفط المسال إلى أوروبا 2.16 مليون طن، وهو أقل من 2.3 مليون طن خلال المدّة نفسها المقارنة.
ومن المتوقع نمو السوق العالمية لغاز النفط المسال بمعدل سنوي مركب قدره 4.91%، ليصل حجمه إلى 153.146 مليار دولار في عام 2026 من 109.493 مليار دولار في عام 2020، بحسب شركة الأبحاث ريسيرش آند ماركتس.
الاستهلاك العالمي
بحسب تقديرات منصة آرغوس ميديا المعنية بشؤون الطاقة، تراجع الاستهلاك العالمي لغاز النفط المسال بنحو 2%، ما يقرب من 6 ملايين طن في عام 2020، ليهبط من إجمالي 323 مليون طن في عام 2019.
ومع ذلك، فإن هذا التراجع الطفيف في الاستهلاك خلال عام الوباء، مقارنة بالنفط الخام والبنزين وغيرهما، يؤكد مرونة هذا الغاز، خاصة مع ارتفاع الطلب من منطقة آسيا والمحيط الهادئ، أكبر المستودرين، إذ ارتفعت الواردات إلى الصين والهند وإندونيسيا وكوريا الجنوبية بنسبة 3%، لتصل إلى 60.1 مليون العام الماضي، وفقًا لبيانات آرغوس.
وفي المقابل، أدّى تراجع الطلب من قطاع البتروكيماويات إلى انخفاض الاستهلاك في أوروبا إلى أقلّ من 13 مليون طن، عام 2020، مقارنة مع 14.5 مليون طن في عام 2019.
بينما تُقدّر مؤسسة آي إتش إس ماركت أن استهلاك أميركا الجنوبية غاز النفط المسال بلغ 27 مليون طن عام 2020.
وبالطبع، مع تخفيف قيود الإغلاق وانحسار الوباء، فإن الطلب العالمي لغاز النفط المسال تعافى في عام 2021.
وبالنسبة إلى دولة قازاخستان، التي تشهد أزمة حاليًا، ارتفع الطلب في العام الماضي، بنسبة 14% على أساس سنوي، ليصل إلى 1.6 مليون طن، مع بقاء الإنتاج ثابتًا، بحسب موقع أوراسيانت.
وحول القطاعات، يستحوذ القطاع السكني على 44% من الاستهلاك العالمي لغاز النفط المسال، يليه قطاع البتروكيماويات بنحو 28%، ثم الصناعة والنقل بنسبة 11% و8% على التوالي، فيما تدخل نسبة الـ9% المتبقية في استخدامات أخرى، بحسب بيانات آرغوس حتى 2018.
طباعة المقال
التعليقات متوقفه