عِنْدَمَا يُزْهِرُ الرَبِيعُ وَ يَزدَهِرُ الْتَفْكِيرُ بِالطَاقَةِ
اقترب زمن شهر ربيعٍ الأول الهجري، و هلت بشائر الأعياد الثلاثة: عيد مولد جدنا المصطفى، محمد بن عبد الله (صلى الله عليه و سلم )، و عيد مولد الثورة السورية الكبرى: ” صانعةُ استقلال ” سورية الإباء و الصمود العربي و ” مجليةً فجر ” انعتاقها من ربقة ” الاستعمار القديم “، و ميلاد ثورة الوحدويين العرب الأحرار الأبرار المشهودة على ضيم ” الاستعمار الجديد ” ، و وقفتهم المعهودة بوجه أزلامه، داخل و خارج الوطن العربي،
و ذلك في عزِّ سطوة ” قططهم السمان ” إياها على لقمة عيش و ثروات شعوب الجنوب. و في كل ركن من أركان الوطن العربي العظيم اليوم، يبتهج الكرام الأخيار بهذه الذكريات الوطنية – العربية الكبرى ، وينزعجُ اللئام الأشرار داخل و خارج سورية الصمود الوطني – العربي الصلب. و من بين ابرز بشائر وقت هذه الأعياد مثلاً، تلك الالتفاتة الرئاسية الطيبة نحو استئصال أزلام الفساد في مواطن معينة من إدارة البلاد و بدء الانتقال بالتفكير براغماتياً نحو ” إعلاء الأصول “، المشهودة، و المطلق فجرها في مطلع سبعينيات القرن العشرين الماضي، و ذلك على يد قائدنا التاريخي الكبير المرحوم الرئيس حافظ الأسد. فوفق هذه الأصول الوطنية – العربية، جرى إذكاءُ معالم بقاء / نماء الوجود الاشتراكي العربي في طول و عرض البلاد، فحازت بشكل وطني – عربي رضا العباد. و في إطار هذا الزخم التأريخي الوطني – العربي عموماً، يردُ مبرر مشاركتنا ” للفكر التنموي الطاقي العالمي ” الناهض أولاً بشكل إنساني خير في وجه ” تفجرات الأسعار الطاقية ” القاهرة من جهة، و المعزز ثانياً لوقفة أمم الجنوب في وجه ” صدر موجة ” الفساد الإمبريالي الجديدة، و كلُّ ما يتبعها من أوبئة تنموية كاسحة تنتشر اليوم بفعل ذلك ” الانحسار الاقتصادي العالمي ” الغاشم من جهة أخرى.
و كما أفاض الإعلام الدولي اليوم ( الاثنين 23 شباط 2009 ) في الحديث المبكر عن جوائز الأفلام العالمية في هوليوود، مثنياً بشكل ملفت للنظر على الفنان داني بويل لإخراجه المثير لميلودراما : ” الصعلوك المليونير: Slumdog Millionaire “، مبرراً منح هذا الفيلم جائزة الأوسكار لعام 2009: باعتباره أفلح فنياً في كشف إرهاص ظلام الفقر على بقاء الأطفال في أزقة مدينة مومباي الهندية ( أي في عالم الجنوب المستضعف ) و الإفصاح عن روعة التفاؤل الإنساني بالفرج بعد الشدة، لم يقصر البتة في نشر فيض من حوارات مستفيضة حول إشكالية نشر الطاقة الكهرونووية في عالم الجنوب عامة و في إيران خاصةً. و بعيداً عن مقرف حديث صقور الإمبريالية – التلمودية، من أمثال السفاح التلمودي بنيامين ناتنياهو و الصهيونية هيلاري روضام كلينتون، حول النوايا الإمبريالية – التلمودية لسحق البرنامج الكهرونووي الإيراني مثلاً، تعود ” البدائل الطاقية: الجديدة و المتجددة ” لأخذ مقامها المناسب في المنظور الفكري التنموي العالمي العاجل، و ليس الآجل فحسب، و ذلك برغم الهبوط الحادِّ في الأسعار البترولية و الذي قارب حدود 70 % من قيمتها الفعلية في العام الماضي. فعلى الصعيد الطاقي الأوروبي الهين ( Soft Energy Path – SEP ) ، و بنتيجة الفلاح المميز في تطبيق ” إستراتيجية تعزيز الأمن الطاقي الأوروبي ” مثلاً: تمكنت ” برامج استدامة تنافس البدائل الطاقية ” من رفع مساهمة التوليد الكهربائي بطاقة الرياح من 0 % عام 1995 إلى 7 % عام 2008، و ذلك عبر استثمار ما لا يقل عن 11.3 بليون يورو، الأمر الذي شجع صناعات التوليد الكهربائية الأوروبية عموماً على رصد 152 بليون يورو لصالح إنماء المقدرة الأوروبية على توليد الكهرباء عبر الرياح ما بين عام 2009 الجاري و عام 2020 المقبل. و الجدير بالذكر، أن ” المبرر الاقتصادي التقليدي ” لهذا الاستثمار يكمن في إمكانية تجنيب الاقتصاد الأوروبي إنفاق ما لا يقل عن 328 بليون يورو ثمناً للبترول و الغاز الطبيعي المستوردين من جهة، و عدم هدر 35 بليون يورو لقاء الالتزام باتفاق كيوتو من جهة أخرى.
و مع توالي الانحسار في إمداد الطاقة الكهربائية، المولدة بالمصادر التقليدية ( بترول، غاز طبيعي،…) قفز إلى مقدم الحوار الأوروبي – بشقيه العام و المسئول – إظهار ضرورة اللجوء إلى المقدرة الكهرونووية في استئصال شأفة هذا الانحسار، و تحميل الأحزاب السياسية الخضر مسؤولية إعادة النظر في متابعاتهم التقليدية المضادة لنشر الطاقة الكهرونووية، لما في ذلك من خير على الأمن الطاقي الأوروبي، و تجنيب الشعوب الأوروبية التبعات الظلامية المختلفة للصراعات الإمبراطورية البترولية الكبرى القائمة تحت الشمس اليوم. و من هذا الباب التنموي البراغماتي المشرع أوروبياً اليوم، يمكن أن نفهم اليوم منشأ ” الطراوة الواضحة ” في الموقف الأوروبي من الحوار الشمالي – الإيراني حول إنماء التوليد الكهرونووي إقليمياً، كما يمكن وعي منطلق الدعوات التنموية – السياسية الأوروبية إلى احترام تمسك القيادة الإيرانية بمقولة: ” لا سيف إلا ذو الفقار الكهرونووي و لا فتى مؤمن بعزة أمته إلا و يلوذ بباب العلم النووي …”، فمتى يستيقظ صناع القرار التنموي الطاقي العربي على مثل هذا النداء المقدس العظيم،…متى؟.
الدكتور عدنان مصطفى
وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )
رئيس الجمعية الفيزيائية العربية
profamustafa@myway.com
24/02/2009 06:42:26 ص

التعليقات متوقفه