سيناريوهات محتملة لإنتاج واســــتهلاك النفط
قدم الدكتور زياد أيوب عربش في محاضرته التي القاها في ندوة الثلاثاء الاقتصادي بتاريخ 17/2/2009 تصورا شاملا لوضع الطاقة في سورية ومستقبلها والسيناريوهات المحتملة في ظل المتغيرات ووفق اسس تسعير هذه المشتقات
والية المواءمة بين العرض والطلب وقال ان استهلاك المشتقات النفطية يشهد نمواً مستمراً منذ عقد السبعينات، حيث ارتفع مستوى الاستهلاك معبراً عنه بوحدة برميل خام يومياً، من 153 ألف ب/ي عام 1990 إلى أكثر من 349 ألف ب/ي مع نهاية عام 2007. إن كافة الدول المتقدمة حققت الكثير من الوفر في الطاقة. أما سورية فما زالت في بداية مرحلة الاستخدام الرشيد للطاقة، ويكفي النظر إلى السيارات التي تسير في مختلف المدن، حيث تشكل نسبة 50% منها سيارات مضى على استخدامها أكثر من 10 سنوات. وإذا كانت هذه النسبة تميل حالياً للانخفاض نتيجة الاستيراد المتزايد للسيارات الحديثة، فإن استيراد المزيد من السيارات يعني نهاية حقبة البنزين الفائض للتصدير وحتى بداية الاستيراد كما حصل في السنوات الأخيرة، حيث تزداد الكميات المستهلكة وبمعدلات لم تعرفها سورية من قبل، ليس فقط بفعل زيادة الأسطول البري للمركبات بل أيضاً بفعل زيادة المسافات الكيلومترية المقطوعة. وفي الوقت نفسه فقد ارتفعت معدلات استهلاك المازوت في قطاعي النقل والتدفئة بنسب لم تكن متوقعة على الرغم من محاولات كبح تهريب هذه المادة إلى الدول المجاورة وتحرير جزئي لسعر هذه المادة. إن هذا الارتفاع نتج عن عوامل بنيوية وظرفية عديدة أهمها تنامي حاجات التدفئة المنزلية في السنوات الأخيرة وزيادة استخدام المازوت في تسخين المياه نتيجة تطور سلوك الحياة وزيادة استهلاك السوريين والمقيمين بشكل عام. أما المعامل الصناعية فالكثير منها مازال يستخدم تجهيزات متقادمة فنياً وبالتالي تتسبب في هدر وفاقد «طاقوي». إن تطور استهلاك المشتقات في السنوات الأخيرة، يظهر أيضاً زيادة مرتفعة في استهلاك الغاز المنزلي. وحتى الفيول المخصص بنسب كبيرة للمحطات الكهربائية لتوليد الطاقة فإن نسب الزيادة ارتفعت مؤخراً على الرغم من سياسة الحكومة لإحلال الغاز في العديد من المحطات
تحديث التجهيزات يقلل من استهلاك الطاقة
ويؤكد المحاضر ان سورية تعتبر كالعديد من الدول الناشئة في مرحلة نمو مرتفعة في استهلاك الطاقة كونها في مراحل التطور الصناعي والخدمي المستهلكة بكثافة للمشتقات. ولم تبلغ الكثافة الطاقوية الحد الأمثل. فبالنظر إلى تطور معدلات نمو استهلاك المشتقات، يلاحظ أنه كان بحدود 5% في الفترة 1996-2002 قبل أن يرتفع لنسب قاربت 7%، علما أن معدل النمو الاقتصادي كان دون هذا المستوى. فتكنولوجيا الإنتاج في المنشآت ووسائط النقل والتجهيزات مازالت تحتاج إلى ترشيد اقتصادي عميق. إن نمو الناتج بمعدلات مرتفعة في سورية يعني ارتفاعاً في معدلات استهلاك الطاقة، كونها مدخلاً هاماً من مدخلات الإنتاج. وبدوره يقود النمو الاقتصادي المرتفع إلى زيادة استهلاك الطاقة نتيجة ارتفاع الدخل الفردي. لكن مع ذلك يخفض النمو الاقتصادي المرتفع من مكان آخر استهلاك الطاقة، حيث ان تغيير التجهيزات القديمة المستخدمة في الإنتاج الصناعي والخدمي والاستهلاك المنزلي يؤدي إلى حاجة نسبية اقل من الطاقة وتخفيض نسب الفاقد والاستهلاك الذاتي.
توقعات الطلب على المشتقات النفطية
وبيّن أن نمو الطلب على المنتجات النفطية سيبقى مرتفعاً للأجل 2015 وإن اختلفت نسب نمو المشتقات فيما بينها، حيث يعتمد سيناريو واحد لنمو الطلب على المشتقات «سيناريو النمو المعتدل». فمن الناحية المنهجية والعملية يبرر ذلك بأن المتغير الأكبر سيكون العرض من المشتقات وليس الطلب عليها بسبب أن عامل المرونة بين الطلب والسعر يبقى ضعيفاً.
بعد ذلك قدم عربش السيناريوهات المحتملة لانتاج واستهلاك النفط على اساس اسعار مختلفة لسعر برميل النفط الخام لينتقل بعد ذلك عن الواقع الحالي والمشاهد لقطاع الغاز وقال: يمثل احتياطي الغاز نقطة الارتكاز الصلبة في ميزان الطاقة السوري كونه يكفي في حال تطويره، لأكثر من عقدين من الزمن حسب معدلات الإنتاج الحالية والمستقبلية، وذلك بمقارنته مع المصادر الأخرى المتاحة كالنفط، أو الطاقة الكهرمائية التي تبقى نسبياً محدودة الموارد.
وحسب تقديرات وزارة النفط يبلغ الاحتياطي الجيولوجي للغاز وبأشكاله الثلاثة 703 مليارات م3. أما الاحتياطي القابل للإنتاج فيبلغ 404 مليارات م3، وتم إنتاج 113 مليارات م3 حتى عام 2007 (الإنتاج التراكمي). ويقدر الاحتياطي القابل للإنتاج والمتبقي بحدود 291 مليار م. إن جزءاً من هذا الاحتياطي يحتاج إلى دراسات جيولوجية وجيوفيزيائية للمكامن حتى يتم التأكد من الكمية الممكن استخراجها وبالتالي تحديد ريعيتها الاقتصادية، وهذا الأمر ينطبق بشكل خاص على حقول المنطقة الوسطى. إن الاحتياطي المؤكد حالياً يكفي بحدود 27 عاماً بمعدل إنتاج 30 مليون م/ي. لكن يتطلب هذا الاستنتاج توفر التمويل اللازم لتنمية الحقول الكامنة وإنشاء خطوط نقل الغاز من الحقول إلى المحطات الكهربائية والمنشآت الصناعية المستهلكة للغاز الحالية والجديدة.
بعد ذلك انتقل عربش للحديث عن الطاقة الكهربائية في ضوء مؤشرات النمو السريعة والاتجاهات المستقبلية لهذا القطاع وقال: أهم مؤشرات قطاع الكهرباء يدل على مدى التطور الحاصل خلال السنوات المنصرمة، حيث أنتجت سورية عام 2006 ما مقداره 37.5 ألف جيغا واط ساعي، بزيادة قدرها 7.4% عن إنتاج عام 2005. وخلال الفترة 2000-2006 بلغ وسطي معدل النمو السنوي نسبة 6.8%، متجاوزاً بذلك معدلي النمو السكاني والاقتصادي. وتابع سيبقى معدل نمو الطلب على الكهرباء كمصدر للطاقة محكوماً بالعوامل الرئيسية التالية:
– مستوى الدخل القومي ومعدل نموه.
– مدى انتشار الأنماط الجديدة من المعيشة واقتناء الأجهزة الكهربائية ومعدلات استخدامها
– سعر الكهرباء وأسعار المشتقات التي تحكم معدلات الاستهلاك بما فيها معدلات استهلاك الكهرباء.

التعليقات متوقفه