- أخبار النفط والغاز السوري - https://www.syria-oil.com -

سوريا تواجه أزمة في دعم الوقود مع تراجع صادراتها النفطية

تسير المركبات في سوريا بزيت الغاز الرخيص لكن الدولة لم تعد تستطيع توفير الدعم للوقود الذي يتصاعد دخانه المشبع بالكبريت في شوارع دمشق . ومالية الدولة متضررة بالفعل بسبب تراجع احتياطيات النفط مما حول سوريا الى مستورد صاف له هذا العام . ويقول الاقتصاديون ان تأخير معالجة عبء الدعم عندما كان الاقتصاد في

وضع افضل زاد من عمق المشكلة الان . وقال نبيل سكر مدير المكتب الاستشاري الاقتصادي السوري "لا يمكن تأجيل ذلك الى أجل غير مسمى". وأضاف " والان للاسف نحن نفقد الاطار المستقر للاقتصاد الكلي " . وخلصت الحكومة الى حلول قبل عامين لكنها لم تتخذ اجراء بعد مدركة ان خفض الدعم قد يرفع التضخم ويثير الاستياء بين السوريين الذين يعتمدون على زيت الغاز في ادارة مركباتهم وتدفئة منازلهم وتشغيل مزارعم ومصانعهم .لكن من المعروف كذلك ان ترك الدعم كما هو سيزيد من عجز الميزانية وهو في حد ذاته ما قد يرفع التضخم ويؤثر في نهاية الامر على النمو الاقتصادي الذي قدره صندوق النقد الدولي باربعة بالمئة في عام 2006. وقال سكر "في اي الاحوال، النتيجة ستكون زيادة التضخم. الحكومة تخشى كذلك من الاثر الاجتماعي. في دول مثل الاردن واليمن وحتى ميانمار عندما يرفع الدعم عن وقود التدفئة تخرج المظاهرات خلال أيام". والاضطرابات العامة نادرة الحدوث في سوريا ولا تتساهل معها قوات الامن في أغلب الاحيان. وتعد أزمة الدعم اختبارا مهما لبرنامج الاصلاح الاقتصادي الذي شجعه الرئيس بشار الاسد منذ توليه السلطة في عام 2000 بعد وفاة والده حافظ الاسد. وقال عبدالله الدردري نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية في أغسطس/اب الماضي ان الدولة ستبدأ في خفض الدعم بحلول نهاية العام. وحتى الان فان أسعار زيت الغاز -نوع من وقود الديزل عالي الكبريت- لم تتغير رغم ارتفاع اسعار البنزين هذا العام. وقال سائق تاكسي في دمشق "نحن نتوقع ان يرتفع سعر زيت الغاز كذلك. وعندما يحدث ذلك فانه سيؤثر على الجميع". وتبلغ تكلفة الدعم 15 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي ليبقي محدودي الدخل في سوريا فوق خط الفقر لكن ذلك يزيد من غنى المهربين الذين يبيعون الوقود في لبنان وتركيا والعراق. والتهريب الذي يقدر انه يكلف الخزانة السورية نحو 800 مليون دولار سنويا منظم بدرجة كبيرة. وذكرت بعثة من الامم المتحدة تحقق في أمن الحدود اللبنانية مع سوريا في يونيو/حزيران الماضي انها لاحظت "تركيبات دائمة (انابيب) لتهريب الوقود عبر الحدود على سفوح الجبال الى الاراضي الواطئة في لبنان". وتريد الحكومة البعثية الملتزمة ببرنامج بطيء لتحرير الاقتصاد الذي تسيطر عليه الدولة منذ نحو 40 عاما ان تلغى بالتدريج الدعم على زيت الغاز على مدى خمس سنوات من 2008 لكنها تجاهد لوضع خطط لتخفيف أثر ذلك على الاسر الفقيرة. وقال جهاد اليازجي محرر "سيريا ريبورت" وهي نشرة اقتصادية سورية على الانترنت انهم لا يدركون درجة الفقر التي وصل اليها الشعب وانه لم يعد يتحمل صفعات أخرى. وأشار الى ان النظام يدرك ان عليه رفع الدعم على الاقل جزئيا لكنه لا يعرف كيف يفعل ذلك فليس هناك شبكة أمان اجتماعي. وزاد العبء مع تدفق نحو 1.5 مليون عراقي على سوريا اذ ان الوافدين الجدد يستهلكون الوقود الرخيص كذلك ومواد أساسية أخرى مدعومة مثل السكر والشاي والخبز والماء. وأثار الدردري فكرة تقديم دعم نقدي للاسر لتعويضها عن ارتفاع الاسعار. وروج وزير اخر عزل هذا الشهر لاسباب لا علاقة لها بهذا الامر فكرة بطاقات ذكية تمكن الجميع من شراء كميات محدودة من زيت الغاز المدعوم. ويتعين على كبار المستهلكين دفع سعر السوق. وسوريا التي لا تتمكن مصافيها من تلبية الطلب تستورد نحو أربعة ملايين أطنان من زيت الغاز سنويا أي نحو نصف استهلاك البلاد من الوقود. وتبيع الدولة الديزل في محطات الوقود بسعر 0.14 دولار للتر أي نحو ربع تكلفة استيراده. وتباطأت خطى تحويل سوريا عن ادمانها لزيت الغاز وتشغيل محطات الكهرباء ومصانع الاسمنت الكبرى بالغاز الطبيعي فيما يرجع جزئيا الى تعطيل تطوير موارد البلاد من الغاز. والعديد من المشروعات تنتج ما تحتاجه من كهرباء بنفسها عن طريق مولدات تعمل بزيت الغاز لتجنب الاعتماد على الشبكة الوطنية الضعيفة. وقال سكر مشيرا الى انقطاعات الكهرباء في فصل الصيف "لم نبن محطات كهرباء كافية. ما لم نسرع بمعالجة ذلك قد نواجه نقصا كبيرا في الكهرباء". وزادت صعوبة الحصول على التمويل لمثل هذه المشروعات الكبيرة الذي كان من قبل يأتي من مؤسسات تنمية عربية. وقال سكر انه يمكن لسوريا الاستفادة من شبكة كهرباء اقليمية مرتبطة بمصر ولبنان والاردن وتركيا والاراضي الفلسطينية لكن هذا خيار مكلف نسبيا. وحتى الان ظلت احتياطيات البنك المركزي بالعملة الاجنبية مستقرة نسبيا ما بين 17 و18 مليار دولار لكنها قد تتبدد اذا لم تسد فجوة الدعم خاصة الان بعد أن فاقت تكلفة استيراد النفط في سوريا ايراداتها من بيع النفط الخام. وتنتج سوريا ما بين 380 الف و400 الف برميل يوميا من الخام وتتوقع وكالة الطاقة الدولية تراجع انتاجها الى 300 الف برميل يوميا في عام 2012. والاستثمارات الاجنبية المباشرة في الصناعة والزراعة وليس فقط السياحة والعقارات التي امتصت اغلبها حتى الان قد تعوض بعضا من خسائر ايرادات النفط. لكن المستثمرين الدوليين قلقون من خلافات سوريا السياسية مع الغرب والعقوبات الاميركية المفروضة عليها منذ عام 2004. وقال سكر "هناك الكثير من الغيوم السياسية في سماء سوريا". وأشار الى مشكلات بشأن لبنان والعراق وايران فضلا عن العلاقات المضطربة مع الولايات المتحدة. وقال "اذا مرت هذه الغيوم ستتحسن الاوضاع كثيراً.

ايلاف