الضغوط تزيد لرفع دعم أسعار الوقود مع اقتراب النفط من 100 دولار
تواجه الدول الرئيسية المستهلكة للنفط في اسيا وكبار المنتجين العالميين مشكلة مشتركة تتمثل في الدعم الكبير الذي توفره حكوماتها لأسعار الوقود في وقت تقترب فيه اسعار النفط من 100 دولار للبرميل. وبالطبع فان ردود فعل هذه الدول ستتباين . فدول الخليج يمكنها أن تستخدم حصيلة بيع النفط في سد الفجوة بينما يتعين على الدول
الآسيوية المستهلكة للنفط سحب الدعم تدريجيا . لكن المحللين يتفقون على أن الطرفين سيبقيان القوى الرئيسية المحركة للطلب العالمي على النفط . وتمثل الدول التي تبيع وقود وسائل النقل بأقل من سعر السوق أكثر من نصف النمو العالمي في الاستهلاك ولذلك فان لنظم الدعم فيها أثرا كبيرا على السوق من الناحية النظرية . ويبدو أن سياسات دعم الاسعار في اسيا تتراجع. لكن زعماء المنطقة كانوا يتحركون ببطء في الماضي عندما كان الامر يتعلق بتعهدات باصلاح نظم الاسعار ولا يبدو أن الطبقة المتوسطة التي يتزايد حجمها ستفعل شيئا أكثر من مجرد ابداء الاستياء فيما يتعلق بأسعار الوقود. وقال أشوك كريشنا نائب رئيس قسم التكنولوجيا بشركة شيفرون جلوبال داونستريم "لا أعتقد أن الطلب سينخفض بسبب الاسعار في أي وقت قريب. فلا شيء مما أراه في الصين أو الهند أو الولايات المتحدة سيتسبب في ذلك حقا." وأضاف في تصريحات للصحفيين خلال مؤتمر عن صناعة التكرير عقد في بكين "أسافر الى الهند فأرى ازدهار الطبقة المتوسطة. هناك سوق استهلاكية هائلة ولا أعتقد أنهم سيشعرون بالقلق لزيادة السعر خمسة أو عشرة روبيات للجالون الان." وانتهت الاسبوع الماضي مقاومة الصين على مدى 17 شهرا لزيادة أسعار الوقود عندما أدى نقص واسع النطاق الى زيادة الاسعار فجأة بنسبة عشرة في المئة. وطلب رئيس وزراء ماليزيا من حزبه هذا الاسبوع الاستعداد لزيادة الاسعار وربما تزيد الهند أسعار الوقود الاسبوع المقبل. وفي حين تنحني اسيا أمام عاصفة ارتفاع الاسعار فان الدول الغنية المنتجة للنفط في منطقة الشرق الاوسط لديها حوافز متزايدة لتوفير الوقود الرخيص بما يدعم النمو الاقتصادي. فأغلب حكومات المنطقة التي تتمتع بزيادة كبيرة في حصيلة صادرات النفط تبيع الوقود بأسعار مدعمة أو بسعر التكلفة وأي زيادة في الاسعار قد تثير استياء شعبيا. وقال ديفيد كيرش مدير معلومات الاسواق بمؤسسة بي.اف.سي انرجي الاستشارية من واشنطن في مكالمة هاتفية "الحكومات في الخليج ترى أن أحد تكليفاتها الاساسية توفير الطاقة الرخيصة لشعوبها." وأضاف "الاهم من ذلك وعلى نحو متزايد في الخليج فان شعوب الخليج ترى أن الحصول على الطاقة الرخيصة حق من حقوق المواطنين." لكن الاسعار المنخفضة تشجع على زيادة الاستهلاك مما يفاقم مشاكل الامدادات التي تعمل على رفع الاسعار العالمية. وقال مايك ويتنر رئيس ابحاث النفط لدى سوسيتيه جنرال في باريس "المناطق التي تمثل أكبر نمو في الطلب هذا العام والتي نتوقع أن تأتي منها الزيادة في الطلب العام المقبل هي الصين وبقية دول اسيا غير الاعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والشرق الاوسط." وأضاف "عندما تركز على الصين والشرق الاوسط فأبرز ما تراه هو أن الطرفين لديهما أسعار مدعمة بشدة." وفي العام الماضي نما الطلب على النفط في الشرق الاوسط بمقدار 290 ألف برميل يوميا أي أكثر من ثلث النمو في الطلب العالمي على النفط البالغ 780 ألف برميل يوميا وفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية. وفي الصين نما الطلب على النفط في الصين في 2006 بنحو ثمانية في المئة. ومن المفارقات أن الصين تكافح للحد من نمو الطلب على الطاقة لمعالجة التلوث ومخاوف تتعلق بأمن الطاقة وتدرك أن ارتفاع الاسعار قد يكون أدى مفيدة في تحقيق هذا الهدف. وقد وعدت الصين بفرض ضريبة على استهلاك الوقود وتحرير أسواق النفط والكهرباء وهو ما سيقلل حجم فاتورة الدعم التي بلغت في العام الماضي وحده عدة مليارات من الدولارات. لكن شبح الاستياء الشعبي والتضخم الذي سجل في أغسطس اب أعلى مستوى له منذ ثماني سنوات يقيد الدول التي تدعم أسعار الوقود. والمخاطر واضحة أمام الساسة. فالزيادات السابقة في الاسعار في اندونيسيا أدت الى احتجاجات عنيفة. وفي ميانمار تحولت احتجاجات على زيادة أسعار الوقود هذا العام الى مظاهرات ضخمة ضد نظام الحكم وأثارت اهتماما عالميا. والمواطن العادي نادرا ما يتفهم الضغوط التي تفرضها الاسواق العالمية أو أثر ما ينفق على دعم الاسعار على مجالات أخرى من ميزانية الدولة. ويقول بيتر هو الذي يعمل محررا رياضيا في بكين ويقود سيارة سوزوكي "يجب أن يتناسب سعر النفط في الصين مع وضعنا المحلي. فمستوى المعيشة في الصين ليس مرتفعا مثله في أوروبا." وهناك ضغوط شعبية مماثلة في منطقة الخليج حيث أن ضخامة الايرادات تسكت أي أصوات تنادي بالتغيير. وقال فاليري مارسيل خبير الطاقة الذي يعمل في دبي لحساب تشاتام هاوس "ارتفاع أسعار النفط يؤخر اصلاحات أسعار الوقود." وفي فنزويلا عضو أوبك وعد الرئيس هوجو شافيز هذا العام بزيادة سعر البنزين الذي قال صندوق النقد الدولي انه أرخص الاسعار في العالم اذ يبلغ 13 بنسا للجالون. لكنه لم يفعل شيئا لتنفيذ هذا الوعد حتى الان

التعليقات متوقفه