حَوْلَ حُرُوبِ شَرْقِيِّ الْمُتَوَسِطِ الْبِتْرُولِيّّةِ
أبت وزيرة الخارجية الأمريكية المهزومة كوندوليزا رايس أن تمضي أيامها الأخيرة في السلطة الإمبريالية الجديدة، دون أن تكشف عن وحشي بريق سواد وجهها ” الرصاصي الفالاشيّ “،
وَ تُعَبِرَ: بالأصالة عن نفسها التلمودية الدموية المتوحشة، و بإسم إدارة الرئيس الأمريكي المهزوم جورج والكر بوش، عن ” ازدرائها العميق ” للرأي العالمي العام الحرّ، فتجسدت حقيقة هذا الأمر في امتناعها عن التصويت لصالح قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1860، ذلك الصادر في يوم الجمعة 9 كانون الثاني الجاري، و ” المطالب ” بشكلٍ متهافت عجيب، لا سابق له، بالعملِ على وقف العدوان الدموي التلمودي – الإسرائيلي على غزة. كما لم تتوانى كوندوليزا رايس هذه، تلك ” المنفصمة روحياً ” ، عن كشف حقدها الفالاشي الرصاصي الأسود على: الإنسان العربي عموماًً و على قومة التحرر الإنساني في فلسطين المحتلة خصوصاً من جهة، و تفانيها من جهة أخرى في إعطاء قادة جيش الوحشية التلمودية الإسرائيلي الفرصة المناسبة لمتابعة مختلف أفعالهم الدموية الوحشية الناظمة ” للمحرقة الصهيونية ” الجارية، على قدمٍ و ساق، فوق أرض غزة هاشم العربية المحتلة. كل ذلك إضافة إلى عدم إغفالها النظام العربي الحاكم الخائب، المتراكض وراءها، من منة التبرك بنيل بعض أنفال الحرب الإمبراطورية الظلامية هذه – التي يغطيها القرار 1860 إياه – فجرى إكرام أبرز رؤوسه بإلقاء بعض عباءات ولاءاتهم الإمبراطورية الرثة على أكتاف بعض رؤساء أمم الشمال و وزراء خارجيتهم المساهمين في صنع هذا القرار الظلامي المقيت. هذا و قد تجلت النتيجة المبكرة لهذا الفعل في قيام طغمة جيش العدوان التلمودي – الإسرائيلي بوضع هذا القرار الأممي 1860 تحت أقدامهم و متابعتهم استخدام أنماط جديدة من أسلحة الدمار الشامل الأمريكية – الأوروبية حديثة الصنع، ليتجاوز عدد الشهداء العرب في مختلف أرجاء غزة هاشم حدود 800 قتيل، معظمهم من الأطفال و النساء و الشيوخ العزل، كما تجاوز عدد المصابين حدود بضعة آلاف جريح و ذلك في مساء السبت العاشر من كانون الثاني 2009 ، بل بداية الأسبوع الثالث من العدوان التلمودي – الأمريكي على الشعب العربي في فلسطين المحتلة. و في الوقت الذي تتزاحم فيه التساؤلات حول ” طبيعة أشياء” العقائد التلمودية التي يتابع تنفيذها زبانية هذه المحرقة بما فيها تلك الناظمة للتوحش الإسرائيلي – الأمريكي الذي قضى اليوم بدوس قواته على القرار الأممي 1860 المهين، لم يعدم القاريء الكريم حتى اليوم – و من أعلى الأرض العربية إلى أدناها – فرص التعرف على الإجابات الموضوعية العامة المختلفة، المبداة من قبل مختلف المفكرين و الإعلاميين العرب و أصدقائهم في العالم، فثمة جواب كبير لا مناص لنا من إبدائه في هذا الشأن الجلل و الذي يمكن تلخيصه بدايةً بالقول: ” لا ريب في أن هذه المحرقة التلمودية – الفاشية تشكل تعبيراً دفاعياً عن هزيمة إمبراطورية الظلام في الحروب البترولية – الظاهرة و الخفية – الجارية في شرقي البحر الأبيض المتوسط و ذلك منذ أفول القرن العشرين الفارط و حتى اليوم”، كيف؟.
بدايةً، لا بد من الإفصاح مجدداً بحقائق الوجود الهايدروكاربوني ( أي المكامن البترولية و الغازية الطبيعية ) المؤمل توفرها في حوض شرقي البحر الأبيض المتوسط، ذلك الممتد جنوبي تركيا مروراً بالمناطق المشاطئة لكل من الساحل السوري و ساحل جزيرة قبرص، فالساحل اللبناني، و فلسطين المحتلة ( بما فيه شواطئ قطاع غزة الذبيحة )، ثم ساحل سيناء و سواحل مصر الشمالية وصولاً حتى الساحل الغربي الليبي. و استنادا للمعرفة الاستكشافية البترولية العالمية المتسربة لنا حتى مطلع عام 2007، يمكن القول اختصاراً بأن هذا الحوض قد برهن على احتوائه على ما لا يقل عن 15 بليون برميل بترول و حوالي 100 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، يمكن تفسير تكوينها التكتوني عبر خمس مراحل جيولوجية مميزة. و إذ لا تسمح ” طبيعة حال ” هذا المقال بالدخول في التفاصيل العلمية التخصصية لهذه المعرفة، لا يسعنا سوى التأكيد على أنه في الوقت الذي توزع احتياطيات هذه المصادر على مدى واسع من هذا الحوض فهي تتركز في مواضع رئيسة ثلاثة تقع: ما بين شواطيء تركيا – قبرص – سورية – لبنان، و شاطيء غزة، و شاطيء مصر الشمالي. و من هذا المنطلق عمدت مجلة ” باكستان اليوم : Daily Pakistan “، و في مقال رأي بعنوان: ” احتياطيات الغاز الإسرائيلية رهينة حماس ” لها نشرته مؤخراً، إلى الكشف عن مبرر قيام جيش إسرائيل التلمودي – الأمريكي بغزو قطاع غزة. فجاء تبريرها العلمي الوثيق تأكيداً قوياً – لا يأتي الباطل من بين يديه – لكل آرائنا الطاقية الخاصة بصراع الوطنية – العربية مع الإمبراطورية البترولية و بخاصة تلك التي توقعنا فيها توالي الهزائم المشهودة المتعاقبة التي ألحقتها المقاومة العربية العتيدة بهذه الإمبراطورية الدموية أزلامها في ما بين العراق و بلاد الشام. وللحقيقة والتاريخ، لا بد لنا من إبراز جوهر العدوان التلمودي – الأمريكي – الأوروبي على غزة على النحو التالي:
I. و قد تأكد مبدئياً لسلطات الاحتلال الإسرائيلية توفر ما لا يقل عن 30 بليون متر مكعب من الغاز الطبيعي في المنطقة الشاطئية الفلسطينية المحتلة، تبين لها و لنظرائها في السلطة الفلسطينية إمكان توقيع اتفاقية بين شركة غازان غاز ( Gaza Gas: GG ) و شركة الغاز البريطانية ( British Gas: BG ) لتصدير الغاز الطبيعي للأسواق الدولية، و الأوروبية منها بخاصة،
II. و بإقالة وزارة إسماعيل هنية المنتخبة ديمقراطياً، و بدء حصار قطاع غزة على يد ترويكا حكومات: أولمرت – مبارك – عباس سارت بمنتهى الهدوء مفاوضات غازان غاز مع بريتيش غاز تحت طاولة الترويكا الإمبريالية الشمالية، ،
III. و توسيعاً لهذا الاتفاق كي يشمل المكامن الغازية في أعلى حوض شرقي المتوسط – الموضح أنفاً – عمدت إدارة الرئيس جورج والكر بوش و المجموعة الأوروبية إلى تعزيز سيطرة حكومة فؤاد السنيورة على الشأن الوطني اللبناني لدى النصف الأول من عام 2006،
IV. عندما فشلت جهود قوى 14 آذار اللبنانية في إلحاق هزيمة ما بالقوى الوطنية – العربية في لبنان، استنجدت بحلفائها في الجوار، فكان أن اشتعلت حرب تموز 2006 في جنوب لبنان دون جدوى،
V. باستلهام عبر انتصار المقاومة اللبنانية، بقيادة حزب الله العتيدة، على جيش العدوان الصهيوني، نهضت المقاومة الفلسطينية في الأراضي العربية المحتلة لتخرج الشعب العربي المحاصر في غزة من شدته الراهنة،
VI. عمدت الترويكا الأوروبية و إدارة بوش المهزومة و بعض عناصر النظام العربي الحاكم إلى تحفيز الثلاثي التلمودي: أولمرت – ليفني – باراك لاستئصال حكومة حماس المجسدة لوجود المقاومة الفلسطينية في غزة، فيسهل بذلك على ترويكا حكومات: أولمرت – مبارك – عباس تنفيذ استغلال الغاز الطبيعي في قطاع غزة،
على أي حال، بصمود المقاومة العربية في فلسطين المحتلة بوجه المحرقة الإمبراطورية الظلامية حتى الأسبوع الثالث ( أي حتى 14 كانون الثاني 2008 )، تمَّ إخراج أكثر حروب شرقي البحر الأبيض المتوسط البترولية ضراوة إلى العلن، و لتتابع الوطنية – العربية تقدمها باتجاه صنع نصر مؤزر مجيد، كالذي أنجزته المقاومة العربية العتيدة عبر حرب تموز المجيدة في لبنان، فهل إلى خروج مؤزرٍ جديدٍ من سبيل؟
الدكتور عدنان مصطفى
وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )
رئيس الجمعية الفيزيائية العربية
1/13/2009 7:01:46 PM
طباعة المقال
التعليقات متوقفه