الْنِظَامُ البِتْرُولِيُّ العَرَبِيُّ الحَاكِمُ … خُطْوَةٌ للأَمَامِ ثَلاثٌ لِلْوَرَاءِ ؟!
ما كاد يجفُّ حبر إعلان وهران البترولي المميز( الجزائر، 17 كانون الأول 2008 )، ذلك الصادر عن اجتماع مجلس وزراء دول أوبيك الاستثنائي 151، حتى أبصر العرب جميعاً، عند صبيحة عيد الميلاد المجيد، ثلاثيةَ مشاهدَ عجبٍ مثيرةٍ رافقت زمن عيد الميلاد المجيد. فلقد بدا:
• المشهد الأول: و هو يصور، دون لبسٍ و لا غموض، قيام وزير خارجية النظام المصري الحاكم ( أحمد أبو الغيط ) بالإمساك بيد السفاحة التلمودية و وزيرة خارجية العدو الصهيوني ( تزيبي ليفني )، من خشيةٍ أن تتعثر بنشوة ما قد حَمَّلَهُ إياها الرئيس حسني مبارك من تبريك لا ريب فيه، حيث أوصلها الوزير أبو الغيط مرتاحةً، لتنفث عبر منصة مؤتمرها الصحافي زعاف سمها التلمودي، قائلةً: “ لقد طفح الكيل. الوضع سوف يتغير “. و لم لا و قد منحها النظام الأمني لحكم الرئيس المصري هذا، دعماً مطلقاً لأفعال حكومتها الصهيونية الدموية الرامية إلى: كسر التوجه الوطني – العربي عموماً، و مباركة مكشوفة لسحق صمود أهلنا المستضعفين في غزة هاشم المحاصرة خصوصاً، و أظهر
• المشهد الثاني: جهاراً وزير خارجية حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة ( عبد الله بن زايد آل نهيان، وَلَدَ شيخ العرب العتيد رحمه الله !؟ ) و هو يمسك، في منتصف ليل ميلاد كلمة الله عيسى عليه السلام، بيد الرئيس الفلسطيني ( محمود عباس، ذلك المهزوم عند أقدام أطفال غزة هاشم الجياع ) من خشية أن يتعثر الأخير بنشوة ما قد حملته إياه اللجنة الرباعية مؤخراً ( 15 كانون الأول 2008 ) من وعود قاطعةٍ ( على لسان رئيس الوزراء البريطاني المهزوم طوني بلير ) تقضي بسحق المقاومتين الفلسطينية و اللبنانية عند أعتاب عام 2009، و بما نقله إليه هذا الوزير الضيف من أن حكام دول مجلس التعاون الخليج العربية، و قبيل قمتهم المنظور عقدها في سلطنة عُمان (مسقط، الاثنين 29 كانون الأول 2008 ) يؤكدون تأييدهم المطلق له، بل و تصميمهم المطرد على تطبيع وجودهم مع حكام دولة العصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة دون قيد أو شرط، في حال كشف،
• المشهد الثالث: عن إمساك وزير الدفاع الأمريكي ( روبرت غايتس ) بيد بعض حكام دول مجلس لتعاون لدول الخليج العربية المرتجفة مالياً و أمنياً، بُعَيْدَ هزيمة إدارة صاحبهم الرئيس الأمريكي المهزوم جورج والكر بوش، لإيصالهم بشكل مضمون – غير عاثرين – إلى قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربي ( GCC )، المنظور عقدها في مسقط عند أواخر كانون أول الجاري، و هم قد حفظوا جيداً درس العقيدة الإمبراطورية الجديدة المتمحورة حتماً حول ضم دولة العراق الراهنة لهذا المجلس، مقابل وجود ثمة توجه آخر لضم دولة اليمن إليه، و ذلك رغم تعرض كيان بلاد الرافدين للتجزئة البطيئة الجارية منذ احتلال قوات تحالف الشمال للعاصمة العراقية و حتى اليوم.
و بتضافر أثر هذه المشاهد على الصعيدين العربي و الإقليمي نتوقع أن يدخل النظام العربي عموماً ( بشقيه الحاكم و المحكوم ) عام 2009 مرحلة إرهاصٍ مؤهلة لاحتمالات تبدل اجتماعية ساخنة و لمنافسات تنموية قطرية عنيفة، و لتحديات نفوذ إقليمية قاهرة. كل ذلك، و الناس تتداولهم الأيام و هم في حال يأس شديد من بقائهم و نمائهم. و في جميع الأحوال، لن يشهد العرب في عام 2009 بصيص أملٍ يذكر يؤهلهم إلى رؤية ” فرجٍ ما من شدة ” الارتيابات التي تغشاهم اليوم. على أي حال، يمكن للعرب تصعيد مقدرة احتمالهم لعواقب هذه الارتيابات في حال تمييزهم محاور هذه الارتيابات من جهة و المبادرة شعبياً إلى ابتكار وسائل ” مقاومة ” محفزات القوى التي تدير هذه المحاور من جهة أخرى. و لا جدال في أنهم ملزمون بقائياً بالنظر في التحرك قدماً للأمام لحسم التحديات الرئيسة التالية:
1. لا جدال في أن الكيان الشعبي الحضاري – الوحدوي مستضعف، بل الأحزاب السياسية و المؤسسات التنموية و الاجتماعية و العلمية فيه تحديداً، الأمر الذي يتوجب على النخب الوطنية – العربية فيه المبادرة إلى نفض غبار الفكر السائد لديها، و تجاوز صراعاتها التقليدية القائمة اليوم، باعتبار أن هذا يشكل عتبة صلبة يمكن الانطلاق منها نحو آفاق عقائد بقاء / نماء ديموقراطية وحدوية عربية عصرية، قادرة براغماتياً على التفاعل مع أي جزء نظيف، تبقى بعدُ، من النظام العربي الحاكم، فإن لم يقدر هذا الجزء أو ذاك على تحمل مسؤولية خدمة قضايا الشعب العربي و الالتزام بها حقاً، فلينظر قادة هذا الكيان الشعبي العربي إن وجدوا (!؟)، و بكل الأشكال العملية التحررية المناسبة له، في كيفية إزاحته بعيداً عن طريق نهوض الأمة العربية وتقدمها،
2. إخراج كيان الوطن العربي الوحدوي الرسمي المريض، بل ” جامعة الدول العربية “، من حضيض إعياء العمل العربي المشترك، و ذلك عن طريق التطوير المباشر، و في حال تعثر ذلك بالتغيير الشامل، و ذلك قبل فوات الأوان. فالتجزئة العربية و أدواتها الإمبريالية الظلامية و أزلامها في الصناعات البترولية العربية، كانت – و لم تزل – عاجزةً عن وقف الانهيارات المتتالية في البنى التنموية الوطنية – العربية الراهنة. لهذا تبدو ثمة حاجة مصيرية لتحريك الوجود التنموي العربي المشترك باتجاه تخليصه من سلسلة الانهيارات الآخذة اليوم بناصية الأسواق العربية في ظلِّ تفاقمات الظواهر الإمبريالية الظلامية حيث يأتي في مقدمها: الحرب الإمبراطورية البترولية، و الانحسارات المالية الشمالية، و تكسر أمواج الطغيان التلمودي على أعمدة البقاء الحضاري العالمية،
3. و قد شهد الإنسان العربي الحرّ: أدوات الظلام الإمبراطورية و هي تذبح أخوته في العراق، و تابع تدمير جيش العدوان الأمريكي – الصهيوني لبنى لبنان التحتية في تموز عام 2006، كما يبصر اليوم بعض الأنظمة العربية ( المطبعة في إطار حلف كامب دايفيد الصهيوني ) و هي تمضي في ترديها الأخلاقي، متواطئةً مع أعداء العروبة و الإسلام على ذبح أهلنا في غزة هاشم تحديداً، فأمامه نهجان: إما اليأس مع الخذلان، أو القومة في وجه الطغيان، و لا نعتقد أن هذا الإنسان الذي أنزل الله جلت قدرته القرآن بلغته، و بعث خاتم الأنبياء و المرسلين من أهله، إلا صاحب قومة الخلاص و ذلك كما فعل آباؤه و أجداده الغرُّ الميامين، ” أولئك لهم عقبى الدار “.
الدكتور عدنان مصطفى
وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق

التعليقات متوقفه