العَرَبُ يُواجِهُونَ بِتْرُولَ الْغَضَبِ ؟!
لتأكيد وجود نفوذ الجاذبية الأرضية، يمكن للمرء إفلات كأس الماء الذي يريد أن يشرب منه فيجده لا ” يسقط ” بطبيعة الحال إلا نحو الأرض فقط، لينكسر و تتناثر محتوياته دون رجعة. ذلك لأن ثمة قوة ثقالية، بل ” عطاليةٍ ” عجيبةٍ، تفعل بين كتلة هذا الكأس و كتلة الأرض.
و كما يعلم الراسخون في العلم اليوم أنه: سبق لفيلسوف العرب، أي: يعقوب بن إسحاق الكندي أن جاء على وصف هذه القوة بشكل علمي دقيق في القرن الثاني للهجرة النبوية الشريفة، ليأتي من بعده بألف عام ذلك الفيزيائي العتيد إسحاق نيوتون ( أبو الفيزياء التقليدية ) بابتكار قانونها الرياضي المميز، فأرسىً بذلك أصول الفيزياء التقليدية العظيمة. و لقد بات معلوماً بشكل عام اليوم أن طبيعة شدة قوة العطالة هذه تتغاير من كوكب لآخر في المنظومة الشمسية من حولنا، مثلما يحدث لمثيلتها الرهيبة القائمة اليوم ما بين منظومة ” عطالة ” الإمبراطورية الظلامية البترولية و “عَُطُلِ ” الأمة العربية المستضعفة اليوم. و لا يختلف اثنان تحت شمس كوكب الأرض الآن على حقيقة أن: كأس النظام الرسمي العربي الحاكم قد ” سَقَطَ ” جهاراً من يد إمبراطورية الظلام البترولية و هي: تراقب ” مذهولة ” فشل أزلامها الدمويون العتاة ( الذين يملأون نصف هذا الكأس في بلاد الرافدين ) من جهة، و هي ترقب ” مذعورة ” أيضاً هزيمة صنائعها في كل من لبنان و فلسطين المحتلة و الخليج العربي ( الذين يشغلون نصفه الفارغ ) في الوقت الذي يتوجب علي بعضهم في إطار منظمة الأقطار المصدرة للبترول ( أوبيك ) متابعة إغراق الأسواق البترولية بالنفط العربي الرخيص (!؟) من جهة أخرى. و إنطلاقاً من منظور إعلام الإمبراطورية الدموية هذه، القائم منذ هزيمة جيش الظلام التلمودي الصهيوني أمام المقاومة العربية العتيدة في تموز من عام 2006 في لبنان و حتى اليوم، لم يعد خافياً على أحد في أعلى الأرض و أدناها اليوم ذلك التوجه الغاضب لقوى الظلام الإمبريالية نحو أزلامها و صنائعها الفاشلين، و وضعهم مجدداً أمام مسؤولية الفرصة ما قبل الأخيرة إزاء تنفيذ التزاماتهم المرسومة لهم نحو الاستراتيجية البترولية الظلامية الجديدة. و رغم ذلك فقد أضاع ممن ينضوي في ظل منظمة الأقطار المصدرة للبترول ( أوبيك ) فرصتهم هذه – مكرهين أو طائعين (!!؟) – أمام زخم قوة الحكمة الجنوبية الطاقية التي سادت اجتماع أوبيك في وهران (الجزائر) و فرضت قرار خفض الإمداد البترولي العالمي بشكل مؤثر وقتئذٍ ( أنظر مقال رأينا بعنوان ” أُوْبِيكْ وَ الإِفْلاَتُ مِنَ الثُقْبِ الأَسْوَدِ “، المنشور في يوم الأحد 28/12/ 2008، و بآن واحد في موقعي: ” الفكر القومي العربي: www.alfikralarabi.org “ و ” كلنا شركاء في الوطن: www.all4syria.com “). و قد أزعج قادة الإمبراطورية الظلامية رؤيتها حدوث تقهقر أزلامها و صنائعها مجدداً في مدينة وهران الجزائرية، قامت بتكليف جيش العدوان الصهيوني في فلسطين المحتلة بتنفيذ خطة ” المحرقة الصهيونية ” المنظورة خلال أعوام حصار الشعب العربي في فلسطين خلال السنوات الثلاث المنصرمة، و ذلك بغرض اصطياد عصفورين بحجر واحد: ( أولها ): العمل على محو المقاومة العربية في فلسطين و لبنان من الوجود، و ( ثانيها ): وضع النظام العربي الرسمي الحاكم، و بخاصة عقيدة جامعة الدول العربية الرئيسة، أمام امتحان الفرصة الأخيرة. فكان أن أفلح رباعي بيريز – باراك – أولمرت – ليفني الصهيوني في بدء تنفيذ الطور الدموي الأول من ” المحرقة الصهيونية ” على الشعب العربي في فلسطين، باعتباره يشكل بداية للحرب البترولية العالمية السابعة، كما أفلح الكثير ممن في النظام الرسمي العربي الحاكم في ” إدارة الظهر ” لنجدة أخوتهم العرب الصامدين في غزة هاشم تحديداً، و إيكال تنفيذ الوطنية – العربية لمجلس الأمن الدولي، ذلك المنصوب استراتيجيا داخل منظمة الأمم المتحدة، لصالح العدوان الإمبريالي الظلامي الجديد على أمم الجنوب. مؤكد ذلك ما أسفر عنه كلٌ من اجتماع مؤتمر وزراء الخارجية العرب الاستثنائي ( القاهرة، 29/12/2008 )، و قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مسقط ( عُمان،28/12/2008 ). على أي حال، ثمة من تساءل معنا شعبياً حول ” طبيعة و نتيجة ” هذا السقوط العربي الحاكم المقيت، فلم نجد عليه ردّّاً سوى تذكر قانون ” السقوط العطالي “، الذي أشرنا إليه بداية، و محاكاته بشكل مبسط مع شاهد صوفيزيائي – سبق و استخدمناه كثيراً في محاوراتنا طلابنا الشباب في الجامعات العربية – حيث كنا نصور كاريكاتورياً سقوط شخص ما من قمة بناء الامبايرستايت الأمريكي المرتفع حقاً وقتئذٍ ، ملاحظين مرور مروحية بجواره، فيسأله الطيار عن رأيه في انطباق قانون الثقالة الأرضية على حاله، فيجيبه الشخص الساقط قائلاً: ” حتى الآن أنا بخير: so far so good “، عندها أجابه الطيار ضاحكاً:” لا ريب في أنه سيكون لك ردٌّ آخر عند ملاقاتك الأرض “. و نحن بدورنا نذكر الآن رموز النظام المصري الحاكم، و من والاهم، أولئك الذين نشاهدهم، و كل الشعب العربي من المحيط إلى الخليج، يسقطون من أحد أبراج خِزيِّ عقيدة ” كامب دايفيد ” الصهيونية إياها، بأن موعدهم مع ” أرضية مصر جمال عبد الناصر الصلبة ” لن تكون بعيدة، كما لن يكون حالهم وقتئذٍ بأفضل من ذلك الذي توقعه الطيار معنا لذلك الساقط من عمارة الامبايرستايت الأمريكية إياها، مذكراً إياهم مجدداً بذكر الله، المنتقم الجبار، القاهر فوق عباده، حين قال جلت قدرته: ” وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ * إِنَّكُمْ وَ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ* ” ( القرآن الكريم، الأنبياء، 97 و 98 )، صدق الله العظيم.
الدكتور عدنان مصطفى
وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية )
رئيس الجمعية الفيزيائية العربية

التعليقات متوقفه