6 تدابير للتغلب على توترات أسواق الطاقة .. أبرزها تنمية صناعة البتروكيماويات
أكدت وكالة الطاقة الدولية دور قطاع الطاقة الحيوي والرئيسي في أجندة الإصلاح الاقتصادي لكل الدول، منوهة بوجود ستة تدابير فعالة للتعامل مع ظروف السوق الحالية بما يكفل التغلب على صعوبات التقلبات السعرية والشكوك في السوق، أولها التركيز على تنمية صناعات البتروكيماويات، وثانيها التوسع في استخدام الغاز الطبيعي كوسيلة لدعم النمو المتنوع، وثالثها تسخير الإمكانات الكبيرة وغير المستغلة بشكل كاف للطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية، ورابعها التخلص التدريجي من الإعانات والدعم الموجه إلى الوقود، التي تشجع على الإسراف في الاستهلاك، وخامسها ضمان الاستثمار الكافي في مشروعات المنبع، وسادسها لعب دور في نشر تكنولوجيات الطاقة الجديدة مثل التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه.
وقال تقرير حديث للوكالة “إن الدول الرئيسية المصدرة للنفط والغاز واجهت عديدا من التحديات في العقود الأخيرة”، مشيرا إلى أنه على الرغم من ذلك هناك التزام متجدد بالإصلاح والتنويع الاقتصادي وهو ما يعتبر أمرا حيويا للتكيف مع الديناميكيات المتغيرة في سوق الطاقة العالمية.
ولفت إلى وجود زيادة جيدة في الإنتاج من الموارد والمصادر الجديدة مثل النفط الصخري الزيتي وذلك على الرغم من الشكوك حول وتيرة نمو الطلب النفطي والتوسع في نشر تكنولوجيات الطاقة الجديدة.
وحدد التقرير أيضا ستة منتجين رئيسيين يتحملون العبء الأكبر في توفير إمدادات النفط وكافة موارد الطاقة الأخرى وفي مقدمتها السعودية وروسيا والعراق والإمارات ونيجيريا وفنزويلا، مشيرا إلى أن وضع الطاقة في العالم سيشهد كثيرا من المتغيرات والتحولات الجذرية في السياسات وفي مستوى الأسعار حتى عام 2040.
وأشار إلى معاناة بعض المصدرين منذ تهاوي الأسعار في منتصف عام 2014 حيث أدت تلك الدورة الاقتصادية التي تعتبر الأصعب في تاريخ السوق إلى تراجع العائدات من النفط والغاز بنسب مؤثرة وصلت إلى 40 في المائة “في حالة العراق” و70 في المائة “في حالة فنزويلا” مع حدوث عواقب واسعة النطاق على الأداء الاقتصادي في عديد من الدول.
وقال التقرير “إن تراجع عائدات الموارد الهيدروكربونية أدى إلى حدوث معضلات للدول التي تعتمد ميزانياتها علي تلك الموارد بنسبة عالية خاصة أن بعض تلك الاقتصادات تتسم بعدم المرونة، لكن في الوقت نفسه بدأ عديد من هذه الدول بالفعل في تطبيق خطط التحول والتنوع الاقتصادي الأساسي وهو ما ستكون له آثار كبيرة في أسواق الطاقة وفي الأهداف البيئية العالمية إضافة إلى أمن الطاقة”.
تأتي تقديرات وكالة الطاقة الدولية حاليا فى ظل موجة من ارتفاع أسعار النفط الخام، معتبرا هذا الأمر سلاحا ذا حدين حيث يوفر ارتفاع الإيرادات والعائدات وسيلة فعالة للإصلاح الاقتصادي، لكن يمكن أيضا في المقابل أن يتسبب في بعض التراخي في تطبيق الإصلاحات والتحولات في مجال الطاقة.
وأضاف، أنه “كما رأينا في الماضي فإن أسعار الطاقة المرتفعة تشجع على زيادة الإنتاج والاستثمار في أماكن جديدة إلا أنها قد تؤثر سلبا في الطلب، ما يحد من استقرار الأسواق على المدى الطويل وهو ما يضر بدوره بمصالح المنتجين والمستهلكين على السواء”.
وشدد التقرير على أهمية الاستمرار في دفع عديد من خطط التنمية إلى الأمام خاصة تعزيز الاستثمار والنمو في القطاعات غير النفطية في اقتصاديات الدول المنتجة للنفط، مشيرا إلى أن تجربة فنزويلا تعتبر مثالا على سوء الوضع الاقتصادي خاصة فيما يتعلق بمزيج الطاقة.
في سياق متصل، توقع محللون نفطيون أن تحقق أسعار النفط الخام مكاسب سعرية خلال الأسبوع الجاري بفعل قرب بدء سريان العقوبات الأمريكية على إيران في 4 نوفمبر المقبل، التي ستهبط بمستوى الصادرات النفطية على نحو حاد.
وأشار هؤلاء إلى أن المكاسب لن تكون واسعة لأن هناك عددا من العوامل التي تكبح ارتفاع الأسعار ومنها صدور بيانات ضعيفة عن الطلب والاضطرابات في أسواق المال العالمية علاوة على استمرار المخاوف من تداعيات الحرب التجارية وتأثيرها في الانكماش الاقتصادي وإضعاف معدلات النمو.
وفي هذا الإطار، يقول دان بوسكا كبير المحللين في بنك “يوني كريديت” البريطاني، “إن الأسعار مرشحة للارتفاع خلال هذا الأسبوع الأخير الذي يسبق تطبيق العقوبات الأمريكية على إيران التي تسعى الإدارة الأمريكية بموجبها إلى الهبوط بمستوى الصادرات النفطية الإيرانية إلى مستوى الصفر، رغم تشكك كثير من الدوائر النفطية والمالية العالمية في إمكانية تحقيق ذلك”.
وأضاف بوسكا أن “أوبك” تقترب من العدول عن خطة خفض الإنتاج التي أقرتها في عام 2016، وذلك بالتعاون مع روسيا وعدد من الحلفاء من خارج “أوبك”، مشيرا إلى وجود بعض العوامل القوية التي تقاوم ارتفاع الأسعار وأبرزها ارتفاع مستوى المخزونات النفطية والشكوك السائدة فيما يخص نمو الاقتصاد العالمي.
من جانبها، تقول الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبير الباحثين في المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، “إن الزيادات الإنتاجية التي تنفذها بالفعل روسيا ودول “أوبك” امتصت كثيرا من مخاوف المعروض النفطي خاصة في الفترة التي تلي تطبيق العقوبات على إيران مباشرة”.
وأشارت كومندانتوفا إلى أن فرص ارتفاع الأسعار قائمة بدعم من نمو الطلب خاصة في الاقتصاديات الناشئة وعدم تعافي الاستثمارات بشكل كاف علاوة على النضوب الطبيعي في الحقول والاختناقات التي يعانيها حاليا الإنتاج الأمريكي.
من ناحيته، أوضح لـ “الاقتصادية”، جيران جيراس مساعد مدير بنك “زد إيه إف” في كراواتيا، أن المخاوف من ارتفاعات مفرطة في الأسعار تراجعت على نحو كبير كما أنها – في حال حدوثها – ليست في مصلحة المنتجين أو المستهلكين على السواء، مشيرا إلى تحقيق خام برنت ثالث خسارة أسبوعية على التوالي.
وذكر جيراس أن السوق تواجه ضغوطا عديدة منها ضعف الأسواق الناشئة وتراجع عملاتها واستمرار تداعيات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى جانب زيادة المخاوف على النمو الاقتصادي، ومن ثم تراجع الطلب على النفط، لافتا إلى أن “أوبك” وحلفاءها دشنوا بالفعل آلية جيدة للتدخل في السوق في التوقيت المناسب لضمان بقائها متوازنة.
وكانت أسعار عقود النفط قد ارتفعت في ختام الأسبوع المنصرم بدعم من توقعات بأن عقوبات على إيران ستضع ضغوطا على الإمدادات العالمية، لكنها تنهي الأسبوع على خسارة مع تضرر توقعات الطلب على الوقود من موجة مبيعات في أسواق الأسهم ومخاوف بشأن حروب تجارية.
وبحسب “رويترز”، صعدت عقود خام برنت 73 سنتا أو نحو 1 في المائة لتبلغ عند التسوية 77.62 دولار للبرميل.
وأنهي خام القياس العالمي الأسبوع منخفضا نحو 2.7 في المائة وموسعا خسائره في ثلاثة أسابيع إلى نحو عشرة دولارات.
وزادت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 26 سنتا، أو 0.4 في المائة، لتغلق عند 67.59 دولار للبرميل لكنها تنهي الأسبوع على خسارة بنحو 2.3 في المائة.
وحصلت الأسعار على بعض الدعم عندما قال مصدران “إن العراق ثاني أكبر منتج في “أوبك” سيوقف تصدير الخام بالشاحنات من حقل كركوك إلى إيران في تشرين الثاني (نوفمبر) للامتثال لعقوبات أمريكية”.
وتريد واشنطن أن تنخفض مبيعات النفط الإيراني إلى الصفر، لكن هذا يبدو غير مرجح.
وأفاد المصدران بأن العراق يصدر حاليا ما يقل عن 30 ألف برميل يوميا من خام كركوك إلى إيران بواسطة الشاحنات.
وأضافا أن “الحكومة الاتحادية العراقية السابقة توصلت إلى اتفاق في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) مع حكومة إقليم كردستان لاستئناف تصدير الخام إلى ميناء جيهان التركي عبر المنطقة الكردية”، مشيرين إلى أن الاتفاق يخضع لموافقة نهائية من رئيس الوزراء المعين حديثا، ووزير النفط العراقي.
وقال عادل عبدالمهدي رئيس الوزراء العراقي الجديد “إن بلاده ستعطي الأولوية لمصالحها الخاصة واستقلالها فيما يخص مساعدة الولايات المتحدة في تطبيق عقوبات على إيران”.
وذكر عبدالمهدي في بغداد “نريد أن نبعد العراق عن أي تدخل في قضايا وشؤون الدول الأخرى سواء كان بلدا مجاورا أو أي بلد آخر في العالم”.
وأعلنت واشنطن مرارا أن الدول التي لن تحترم العقوبات ستواجه عواقب.
من جهة أخرى، أضافت شركات الطاقة الأمريكية حفارات نفطية للأسبوع الثالث على التوالي للمرة الأولى منذ حزيران (يونيو)، لتبقي عدد الحفارات عند أعلى مستوياته في أكثر من ثلاث سنوات، في الوقت الذي أجبر فيه انخفاض إنتاجية بعض حقول النفط الصخري الشركات على تعزيز الحفر للحفاظ على نمو الإنتاج.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، “إن شركات الحفر زادت عدد الحفارات النفطية العاملة بواقع اثنين في الأسبوع الماضي ليصل العدد الإجمالي إلى 875”.
وعلى أساس شهري، زاد عدد حفارات النفط بمقدار 12 في تشرين الأول (أكتوبر)، في أكبر زيادة شهرية منذ أضافت شركات الطاقة 34 حفارا في أيار (مايو). وتلك أيضا المرة الأولى التي يزيد فيها عدد الحفارات لأربعة أشهر متتالية منذ أيار (مايو) 2017، لكن الزيادات منذ أيار (مايو) حتى أيلول (سبتمبر) كانت هامشية إذ إن أنشطة الحفر الجديدة تباطأت إلى حد كبير بسبب اختناقات في خطوط أنابيب في حوض برميان.
وعدد الحفارات النشطة في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، مرتفع عن مستواه قبل عام عندما بلغ 736 مع قيام شركات الطاقة بزيادة الإنتاج للاستفادة من الأسعار التي ارتفعت في 2018 مقارنة بمستواها في عام 2017.
وبلغ متوسط سعر عقود النفط الأمريكي منذ بداية العام الجاري 67.24 دولار للبرميل، مقارنة بـ 50.85 دولار في المتوسط في 2017 و43.47 دولار في 2016.
طباعة المقال
التعليقات متوقفه